صدق الكثير من متتبعي شؤون كرة القدم الجزائرية عندما قالوا إن الاحتراف الحقيقي يبدأ من الأنصار، لأن ذلك يساعد على نجاح المشروع بين اللاعبين ولدى الإدارة والمسيرين، فقد كثر الحديث عن توجه هذا المشروع الفتي نحو النجاح بعد مرور ثماني جولات على انطلاق البطولة، حيث تمت مشاهدة مباريات في القمة ومستوى فني مقبول مقارنة على الأقل بالمواسم السابقة، كما وفت كل الداربيات بوعدها واستمتعت الجماهير الكروية بعروض شيقة. لكن يبقى الهاجس الأبدي والمشكل العويص الذي قد يكون العائق على نجاح الاحتراف؛ هو العنف الذي ضرب بقوة في بداية هذا الموسم، بل وكان أشد من السابق، ولم تنفع عقوبات الرابطة الوطنية المحترفة لكرة القدم المتخذة في حق الأندية للحد من ظاهرة العنف في الملاعب، خاصة مع لجوء الفاف في الموسم الحالي إلى مطابقة نوعية العقوبات مع تلك المعتمدة من طرف الاتحاد الدولي لكرة القدم، بحيث أضحت لجنة الانضباط تلجأ إلى الاكتفاء بتوجيه الإنذارات أو الغرامات المالية وإلى معاقبة ملعب فريق الأنصار المشاغبين بمباراة واحدة فقط بعدما كانت الرابطة في السنوات الماضية تسلط عقوبات كبيرة تصل إلى خوض الأندية لعشرة مباريات بدون حضور أنصارها. عادت ظاهرة العنف بقوة إلى الملاعب الجزائرية بتسجيل حادثتين جديدتين، خلال مباريات الجولة الثامنة من الدوري الاحترافي في ظل عدم نجاعة الحلول الردعية التي تنتهجها السلطات المختصة للحد من تزايد هذه السلوكات البعيدة كل البعد عن المبادئ الحقيقية للممارسة الرياضة، فقد تعرضت حافلة مولودية وهران مساء الجمعة الماضي إلى الرشق بالحجارة في طريق عودة بعثة الفريق من مدينة الشلف أين انهزم الحمراوة أمام الأولمبي المحلي بنتيجة هدفين لواحد، وذلك رغم أن المباراة قد جرت في روح رياضية فوق الميدان وبالمدرجات، بحيث يبدوأن أشباه أنصار أولمبي الشلف لم ينسوا بعد الحساسية المفرطة الموجودة بين الفريقين منذ قرابة سنتين ونصف على خلفية الأحداث التي عرفها لقاء الفريقين في نهاية موسم 2007 2008، والذي تسبب في سقوط مولودية وهران إلى القسم الثاني، واتهم خلالها مسؤولو المولودية نادي الشلف بتلقي تحفيز مالي من إدارة فريق اتحاد البليدة قصد الإطاحة بمولودية وهران لتسهيل مهمة البليدة لتفادي السقوط، وقد تسبب الاعتداء إصابة لاعبين اثنين من مولودية وهران، ويتعلق الأمر بأكرم بن عومر الذي أصيب على مستوى العين اليسرى وسفيان بن قورين الذي تعرض لإصابة على مستوى الرأس. ولم تمر أكثر من ساعتين عن هذه الحادثة المؤسفة، حتى عرف ملعب "20 أوت 1956" بمدينة برج بوعريريج أحداثا أكثر خطورة، حيث اضطر أنصار شباب بلوزداد لاقتحام أرضية الميدان في فترة ما بين الشوطين هروبا من المقذوفات التي كانت تتساقط على المكان المخصص لهم بالمدرجات من أنصار الأهلي، مما اضطر حكم اللقاء الدولي محمد بنوزة لتأجيل انطلاق الشوط الثاني من المباراة لمدة عشرين دقيقة كاملة إلى غاية إخلاء الميدان من الأنصار الهاربين، والذين ورغم مغادرتهم للملعب دون مواصلة متابعة الشوط الثاني، إلا أنهم تعرضوا لاعتداءات بالأسلحة البيضاء في طريق عودتهم إلى العاصمة، أصيب العديد منهم على إثرها بجروح متفاوتة الخطورة. وتأتي هاتان الحادثان الجديتان لتضاف إلى العنف الكبير الذي شهدته، قبل أسبوعين، مباراتي مولودية قسنطينة وشباب قسنطينة برسم بطولة الدرجة الاحترافية الثانية وداربي الهضاب العليا بين مولودية العلمة ووفاق سطيف، ثم الإصابة الخطيرة التي تعرض لها في الأسبوع الماضي رئيس نادي جمعية الخروب محمود حورابي على مستوى العين بعد اعتداء داخل مكتبه من طرف أحد أعضاء مجلس إدارة النادي ومرافقه.