فر معارضون ليبيون شرقا هربا من القصف الصاروخي العنيف لقوات الزعيم الليبي معمر القذافي في بلدة البريقة النفطية في الشرق، في اليوم السادس من قتال فشل أي من الطرفين في حسمه لصالحه. وسمع دوي القصف والبنادق الالية غربي البلدة الصحراوية ذات الكثافة السكانية المنخفضة قبل أن تسقط الصواريخ قرب مجموعة من المعارضين ينتظرون الى جوار شاحنات محملة ببنادق الية عند البوابة الشرقية للبلدة. وانطلقت الصواريخ تجاه البريقة من موقع للمعارضة قرب المدخل للمنطقة الشرقية السكنية. وفي منطقة قريبة، تصاعد الدخان من بقايا شاحنتين محملتين بمدافع الية قرب مدخل كما تصاعد الدخان من الاطارات المحترقة. وقال معارضون ان الشاحنتين دمرا في ضربة جوية. وقفز عشرات من المعارضين في الشاحنات وانطلقوا بسرعة ولم يتوقفوا الا على بعد أكثر من خمسة كيلومترات من الحدود الشرقية للبلدة. واضحى المشهد معتادا اذ يفر المتطوعون المسلحون باسلحة خفيفة من القذائف الصاروخية. ويميل مقاتلو المعارضة الافضل تدريبا ومعظمهم من وحدات جيش انشقت على القذافي او الضابط المتقاعدين للتشبث بمواقعهم. ويبدو أن القصف الصاروخي المستمر يعطي قوات القذافي اليد العليا، ولكن كل يوم كان ينتهي دون نتيجة واضحة مع استمرار الاشتباكات حول جامعة البريقة وغرب البلدة قرب منشات شركة سرت للنفط. وقال ضابط من المعارضين لم يذكر اسمه "ثمة كر وفر.. تستمر الاشتباكات بين المنطقة الصناعية والشركة والمنطقة السكنية". واظهرت المعارضة تنظيما أفضل مما كانت عليه في الاسابيع السابقة وتحتفظ بالارض لفترات أطول وتضغط على المتطوعين غير المدربين للصمود في مواقع خلفية في حين تهاجم القوات الاكثر خبرة قوات القذافي على الجبهة. وتقدمت المعارضة الى الغرب بسرعة متخطية بلدة بن جواد على بعد نحو 525 كيلومترا شرقي طرابلس مدعومة بغارات جوية غربية في بداية الاسبوع قبل أن تشن قوات القذافي هجوما مضادا.وبنفس السرعة تقهقرت المعارضة أكثر من 200 كيلومتر في النصف الشرقي من البلاد قبل ان تعيد تجميع افرادها والتشبث بمواقعها في البريقة. في إطار الجهود لوقف إطلاق النار تركيا تؤكد عدم التوصّل إلى أية هدنة في ليبيا قال مسؤولون اتراك يسعون للتوصل لوقف اطلاق النار في القتال الدائر في ليبيا، أمس الثلاثاء، إنه لا تلوح في الافق انفراجة للخلاف بين طرفي الصراع بشأن بقاء أو رحيل الزعيم الليبي معمر القذافي. والتقى وزير الخارجية التركي أحمد داود اوغلو مع مبعوث من حكومة القذافي لإجراء محادثات بشان شروط عامة لوقف اطلاق النار وايجاد حل سياسي للصراع الليبي. ومن المتوقع ان يزور وفد من المعارضة انقرة في الايام المقبلة لاجراء محادثات مماثلة. وقال مسؤول بوزارة الخارجية التركية "موقف الجانبين متصلب... يصر طرف المعارضة على رحيل القذافي ويقول الطرف الاخر ان القذافي يجب ان يبقى. لذا لم تحدث انفراجه بعد. وعقب اجتماعه مع داود اوغلو في ساعة متأخرة من مساء أمس غادر نائب وزير الخارجية الليبي عبد العاطي العبيدي الى مالطا وكان قد زار في وقت سابق اثينا ليشرح موقف حكومته. أوكامبو كبير مدعي المحكمة الجنائية الدولية يصرح مجلس الأمن مسؤول سياسيا بشأن ليبيا أعلن لويس مورينو اوكامبو كبير مدعي المحكمة الجنائية الدولية، أمس الثلاثاء، انه يريد التحدث مع موسى كوسة وزير الخارجية الليبي السابق من اجل التحقيقات التي يجريها بشأن الجرائم ضد المدنيين في ليبيا. ويجري مورينو اوكامبو تحقيقات بشأن معمر القذافي وابنائه والمقربين منه، ومن بينهم كوسة الذي فر الى لندن الشهر الماضي قائلا انه اتخذ هذا القرار بسبب هجمات قوات القذافي على المدنيين. وقال مورينو اوكامبو لرويترز في مقابلة، إن "حقيقة ان موسى كوسة انشق امر مثير للاهتمام، لأن هذا احد الاختيارات امامك. اذا لم تكن تملك سلطة وقف الجرائم، فيمكنك حينئذ الانشقاق كي تثبت انك غير مسؤول. "اننا نحاول ان نرى موسى كوسة لاجراء مقابلة معه.. نود ان نرى ما الذي يعرفه موسى كوسة. ولكن حقيقة انه انشق عامل سنفكر فيه بجدية. "حقيقة انه عندما حذرنا اشخاصا مختلفين من بينهم موسى كوسة من ان القوات ترتكب جرائم واذا لم يكن بوسع احد السيطرة عليها فالانشقاق خيار سليم وهذا ما فعله موسى كوسة. سنرى ما هي مسؤوليته". واحال مجلس الامن الدولي ليبيا في فبراير شباط الى محكمة الجنايات الدولية. ومن المقرر ان يرفع مورينو اوكامبو تقريرا الى الاممالمتحدة في الرابع من ماي، من المتوقع بعدها ان يطلب اصدار اوامر اعتقال. وقال مورينو اوكامبو "لدينا ادلة على انه بعد انتفاضتي تونس ومصر خطط الناس في نظام "القذافي" لكيفية السيطرة على المظاهرات في ليبيا. وابدى مورينو اوكامبو ايضا قلقا بشأن الامن في طرابلس قائلا ان مكتبه يعتقد ان الناس الذين يعتبرون غير موالين للنظام يخطفون ويعذبون ويقتلون، واضاف ان المحققين يتفادون التحدث مع اي شاهد له عائلة في طرابلس خوفا من الانتقام من عائلاتهم. ومع مواصلة القوات الغربية حملة من الهجمات الجوية، أمس الثلاثاء، ظلت الجهود الدبلوماسية الرامية الى انهاء الحرب متوقفة ولن تقبل المعارضة المسلحة او الدول الغربية عروضا من الحكومة الليبية باجراء انتخابات حرة ووضع دستور جديد بسبب الاصرار على بقاء القذافي في السلطة. بخصوص تغيير النظام أو الدستور الحكومة الليبية مستعدة للتغيير دون تنحي القذافي قال متحدث باسم الحكومة الليبية انها مستعدة لاجراء انتخابات واصلاح نظامها السياسي لكن شعبها هو وحده الذي يمكنه أن يقرر هل يبقى الزعيم معمر القذافي في الحكم أم لا. وقال موسى ابراهيم حينما سئل عن مضمون المفاوضات مع الغرب "يمكن أن نتخذ اي نظام سياسي أي تغييرات.. دستور انتخابات او أي شيء لكن القائد يجب أن يقود هذا الى الامام. هذا هو ايماننا"، واضاف قوله "من أنتم لتقرروا ما يجب على الليبيين فعله. لماذا لا يقولون "القوى الغربية".. نحن نريد ان يقرر الشعب الليبي هل ينبغي ان يبقى الزعيم الليبي ام يذهب وأن يقرر هل يتخذ نظاما سياسيا مختلفا أم لا". وقال المتحدث "لا أحد يجوز له أن يأتي الى ليبيا ويقول.. لا بد ان تفقدوا قائدكم او نظامكم أو حكومتكم. من أنتم لتقولوا هذا؟ واضاف ان ليبيا تأسف لقرار ايطاليا بمساندة الثوار. وقال انه لا يمكن فرض شروط على ليبيا من الخارج حتى اذا كانت البلاد مستعدة لمناقشة مقترحات ترمي الى تحقيق مزيد من الديمقراطية والشفافية وحرية الصحافة وقوانين مكافحة الفساد، وقال "لا تقرروا مستقبلنا من الخارج ولكن أعطونا اقتراحا للتغيير من الداخل، واضاف قوله "القائد ليس له منصب رسمي ليتنحى عنه. ان له قيمة رمزية لدى الشعب الليبي. وأما كيف تحكم ليبيا فهذا أمر اخر. ما هو نوع النظام السياسي الذي يتم تنفيذه في البلاد فهذا أمر اخر. هذا سؤال يمكننا الحديث بشأنه". واتهم بعض االزعماء الغربيين بمحاولة الاطاحة بالقذافي بدافع المصلحة الشخصية او لتحقيق مكاسب اقتصادية. وقال "نحن نعلم ان بعض السياسيين في الحكم في الغرب بينهم وبين القائد مشكلة شخصية. واخرون لهم مصالح اقتصادية يعتقدون انها ستتحقق بشكل أفضل اذا انهارت الحكومة". ونفى مزاعم بان القوات الحكومية تورطت في هجمات على المدنيين واضاف ان ليبيا تأسف لقرار ليبيا مساندة الثوار، وقال "أؤكد لكم اننا لا نهاجم اي مدنيين ولم يحدث قط في هذه الازمة ان هاجمنا اي مدنيين. وما كان لي ان أقف واتحدث باسم حكومة تقتل المدنيين. من تحسبوننا هل نحن وحوش؟". في ظل نقص الإمدادات الليبيون يتوقّعون سقوطا وشيكا لنظام القذافي أصبح الليبيون في الازقة الضيقة المتشابكة بسوق طرابلس القديم يجاهرون بتوقعاتهم بالسقوط الوشيك لنظام الزعيم الليبي معمر القذافي. يبدو أن صبرهم نفد في مدينة تعاني من نقص الوقود وتشهد طوابير طويلة للحصول على السلع الاساسية، في حين يقاتل المعارضون المتمركزون في شرق البلاد قوات القذافي. ويقول صاحب مشروع صغير طلب عدم نشر اسمه "سيأتون من الشرق الى هنا. ربما بعد أسبوعين، وأضاف "لكن الان يشعر الناس بالخوف". وهذه الصراحة في التعبير هي ما يثير الدهشة في مدينة تعتبر قلعة القذافي الحصينة، وحتى الان كانت كل أشكال المعارضة تسحق فيها بقوة. ويقول أحد سكان طرابلس ان أعمال الشغب تندلع خارج محطات البنزين حيث ينتظر السائقون المحبطون في طوابير من مئات السيارات محاولين الحصول على كمية من الوقود الذي أصبح نادرا في البلاد. وسقط قتيل واحد على الاقل يوم الاحد وقد يكون غضب الناس بسبب نقص العناصر الاساسية للحياة اليومية هو عامل الحسم للانتفاضة المندلعة على الجبهة الشرقية، حيث ينخرط المعارضون في مواجهة غير محسومة مع القوات الحكومية. وأصبح سكان طرابلس أكثر جرأة في التعبير وأكثر انتقادا للاوضاع منذ بدء الغارات الجوية الغربية يوم 19 مارس الماضي على الاقل في أحاديثهم الخاصة عندما لا يكون أحد من مسؤولي الحكومة يستمع. وقال رجل عجوز يجلس أمام متجره كذلك أنه يتوقع سقوط القذافي خلال اسبوعين. وقال ان البلاد تعرضت لمصاعب أكبر أثناء الحرب العالمية الثانية عندما تقاتلت قوات التحالف وقوات المحور على الاراضي الليبية. أضاف مبتسما "ما يحدث الان لا يقارن بعام 1943 عندما قصف الانجليز طرابلس"، مشيرا الى سقوط طرابلس في يد الجيش البريطاني ويتجمع أنصار القذافي يوميا في الميدان الاخضر بوسط المدينة يلوحون بالاعلام لكن الحشد تضاءل بشكل ملحوظ عما كان عليه الشهر الماضي عندما تمكن جهاز الدولة من حشد المئات وأحيانا الالاف في اظهار لتحد موال للقذافي. وما زالت اللافتات في الميدان مهشمة بعد اشتباكات عنيفة بين المحتجين وقوات القذافي في طرابلس قبل أكثر من شهر. والان تبدو المدينة مهزومة ويتحدث الناس همسا عن اعتقالات واسعة النطاق في بعض الضواحي الاكثر اضطرابا. وقال مراقب أجنبي مقيم في المدينة منذ فترة طويلة "المشكلة كذلك أن هناك نقصا في الغذاء والوقود"، وأضاف "الناس نفد صبرهم. تحدث مشاجرات في محطات البنزين". وارتفعت الاسعار وأصبحت سلع أساسية مثل الحليب وغاز الطهو نادرة في دولة تعتمد على واردات الغذاء فيما يرجع جزئيا الى أن الناس بدأت في تخزين السلع. وحتى الان يبدو أن المتاجر التي ما زالت تفتح أبوابها لديها مخزونات كبيرة وليست هناك دلائل تذكر على نقص واضح، لكن السوق السوداء تزدهر. وقال أحد سكان طرابلس "اللتر عادة يباع مقابل سبعة دنانير لكن اذا اشتريته (البنزين) من السوق السوداء تدفع ما بين 40 و50 دينارا للتر". وقال برنامج الأغذية العالمي التابع للامم المتحدة ان نظام توزيع المواد الغذائية في ليبيا يتعرض لضغوط مع استهلاك مخزونات الغذاء دون تعويض ما ينقص منها. ولم تعد السوق القديمة في طرابلس سوى ظل لما كانت عليه من صخب فأغلقت العديد من المتاجر أبوابها. ويجوب الجنود أزقتها الضيقة المتعرجة وما زال الناس هناك يحجمون عن الحديث، وقال صاحب متجر يبيع التحف "الاعمال متوقفة بسبب عدم الاستقرار". حسب تقارير حلف الأطلسي الضربات دمرت 30% من قوة ليبيا العسكرية قال مسؤول بحلف شمال الاطلسي، أمس الثلاثاء، إن الضربات الجوية الغربية دمرت حتى الآن ما يقرب من ثلث القوة العسكرية للزعيم الليبي معمر القذافي، وقال البريجادير جنرال مارك فان أوهم في مؤتمر صحفي "تقييمنا هو أننا قضينا على 30 في المئة من القدرة العسكرية للقذافي".