يرى محللون سياسيون أنه آن الأوان للأحزاب السياسية أن تغير من أساليبها في الالتحام مع الشعب وأن تتوجه إلى مثقفي الأمة وكتلة "الإنتلجنسيا" فيها وتصوغ آليات عمل حديثة التي من شانها أن تدفع بالشعب أو"الجماهير" إلى حمل المشروع النهضوي للأمّة. يشخص المحللون السياسيون واقع الأنظمة العربية بحيث يرون أن الحاضرة العربية قامت على نظام "الأبوية" وهوالنظام الذي لا يقبل النقاش والحوار، الأمر الذي دفع بالمجتمعات العربية إلى القيام بهذه الثورات الشعبية، وهي حالة معدية حسب درجة الوعي عند الشعوب، مثلما حدث في تونس ومصر، ويحدث الآن في ليبيا ودول عربية أخرى، ويرى المحللون السياسيون أن المشكلة التي تعاني منها المجتمعات العربية هي عجز الأحزاب السياسية في البلدان العربية عن إحداث التغيير الجوهري، وهذا بسبب الازدواجية في طرح القضايا الجوهرية. فالكثير من الأحزاب حسب رأي هؤلاء ولدت من نبض الشارع وبمرور الزمن أصبحت عينها على السلطة، وأول شيء تقوم به هذه الأحزاب هوتركها باب المعارضة، كما أن مصطلح التداول على السلطة فقد معناه في الممارسة السياسية ، بل أصبح غير موجود في القاموس السياسي، فمنذ دخول الأحزاب السياسية السلطة أصبحت بعيدة عن الشعب ومتعالية عليه، وبقيت آليات عملها قاصرة ولم تتمكن من صناعة برامج ونضالات تلامس الطموحات الحقيقية للشعب وتحسس رغباته، ناهيك عن الصراعات والانقسامات داخل هذه الأحزاب والتي عجزت عن حل مشاكلها. المحللون السياسيون أجمعوا على أن ما يحدث في الساحة العربية هونتاج دكتاتورية الأنظمة العربية وانتشار الظلم والفساد فيها، وهوراجع كذلك إلى التضييق على الرقابة مما زاد في انتشار بؤر الفساد وهذه النظرة وقف عليها الكثير من المحللون بأن الأحزاب السياسية ظلت واقفة كالمتفرج أمام الأحداث التي تشهدها الدول العربية وعدد الضحايا التي تسجل يوميا، لأن هذه الأحزاب تنظر إلى الجماهير كقيمة عددية لا سياسية، وكمًّا انتخابيا لا فعلا سياسيا مؤثرا، فانشغال هذه الأحزاب واهتماماها بأمور الحكم والسلطة بدلا من وعيها لبناء المجتمع وحل مشاكله الاجتماعية، الاقتصادية والسياسية، غيَّبَت لديها الوعي في فهم هذا المجتمع، وهوالشرط الأساسي الذي يحفظ للحزب - أي حزب- من عبث العابثين وتخريب الانتهازيين.. فخروج الشعب إلى الشارع لمحاسبة حكامه ويطالبونه بالرحيل يؤكد على أن الأحزاب السياسية لم تحقق إلا العُشُرْ من أهدافها، ولم تستطع التعبير عن نبض الشعب، لأنها انقلبت على نفسها وعلى الشعب، وأصبحت تمارس الدكتاتورية، بدليل أن الكثير من الرموز الوطنية والتاريخية وحتى الرموز الإسلامية تم اعتقالها أوسجنها أونفيها في الدول ذات الأحادية الحزبية، ولهذا يرى المحللون السياسيون أنه على الشعوب العربية أن تأخذ بتجارب من سبقوها، وتعيد النظر في التاريخ العربي في إشارة منهم إلى بداية الخلافة العثمانية وكيف بدأت الدولة تتكون.