يعتبر الفنان التشكيلي رضا شلال واحدا من الذين يعشقون الرسم بتقنية جديدة قل ما خاض غمارها تشكيليون جزائريون، إنها طريقة الرسم بالعجينة على الزجاج التي اكتشف عالمها في أواخر التسعينات بعد أن وقع بالصدفة جزء من عجينة بيضاء على قرينتها من اللون الأزرق لينبهر حينها بما شكلته من طيف عصفور، معلنا بذلك عن ميلاد حلم جديد أبى إلا أن يحلق على أرض الواقع، فكانت الإنطلاقة نحوتنمية موهبته و الغوص في أسرارها. نشأ 'رضا' في بيئة رعوية بالهضاب العليا في ولاية سطيف، إذ كان مولعا منذ صغره بالرسم، وكان لا يتوانى عن الإمساك بقلم الرصاص وهوفي المرحلة الإبتدائية من تعليمه، ليترجم شعوره وإحساسه في كراريسه وكتبه ومحفظته وعلى الجدران ... وفي أي مكان آخر يراه يحتاج إلى الرسومات التي لطالما كانت محل اهتمام من والده وتشجيع من خالته التي كانت تقول له دوما "ليست الفنون الجميلة هي التي تصنع الفنان بل الفنان هوالذي يصنع الفنون الجميلة". وعلى هذا المسار، ظل طيف الرسم يلاحق 'رضا' إلى غاية بلوغه سن23، أين تعرف على الفنان التشكيلي 'عبد الرحمان زعبوبي' الذي أحاطه بمختلف تقنيات الرسم المعتمدة في المدارس الغربية، إنه اللقاء الذي كان بمثابة المنعرج الحاسم 'ل'رضا ' في اتخاذ خطوات جديدة لتطوير موهبته، فطفق يعيد رسم لوحات أكبر التشكيلين في العالم أمثال ليوناردوديفنسي ورافاييل. ولم تكد تمر بضع سنين، حتى وجد 'شلال' نفسه يصنع منحوتات شهرت به في بلدته أهمها، النصب التاريخي الذي أنجزه في سنة 2006 تزامنا والاحتفالات المخلدة لذكرى إندلاع الثورة المظفرة، والذي لازال شامخا شموخ منزلة الشهيد في بلدية بوقرة بولاية سطيف. توالت محاولات 'رضا شلال' في تجسيد منحوتات أخرى لا تقل أهمية عن سابقاتها، إلا أنها قوبلت بالرفض دون مبرر من قبل البلدية، وهذا بالطبع لم يثني من عزيمته فقرر تطوير أسلوب عمله، وبالصدفة اكتشف سحر العجينة وما يمكن أن تصنعه من أشكال فنية وصور معبرة أكثر من الإمساك بالريشة والقلم، فطلق بالثلاث الريشة وبدأ رحلته الفنية في أواخر التسعينات، فأمسك بيديه قطع العجينة الملونة وبسطها على الزجاج وبدأ يمزج بينهما في تناغم حينا وتنافر حينا أخر. استطاع 'رضا شلال' بعد التعمق في البحث، الوصول إلى إنتاج لوحات فنية قد تعبر عن لحظة غضب أوموجة عنف نابعة من ماضي العشرية السوداء أولحظة تدبر في صفحات التاريخ أوأمان رفقة الطبيعة، مستخدما في ذلك تقنيات مختلفة كتقنية الخطوط المتجاورة تتمثل للرائي وكأنها رسمت بالألوان المائية ما لم يفصح صاحبها عن استخدامه تقنية العجينة. هي، إذن الرؤية المتفحصة ل'رضا شلال' التي يعتبرها بداية البداية، والمتمعن للوحاته سيدرك أن هناك إحساسا قويا يريد أن يوصله إلينا، عبر صورة جامدة التقطها من محيطه الخارجي وتكتنز سرا أوأطيافا روحية تصير ظلالا، ملبدة في بعضها وشفافة ومضيئة في شقها الأخر، انه حلم الفنان الذي لا ينضب والأمنية التي يأمل تجسيدها من خلال عرضه الأول الذي كان الأسبوع الفارط بالمكتبة المتعددة الإعلام بعبان رمضان بالعاصمة، وهي أن يطور هذه التقنية باستمرار ويعرض لوحاته عالميا.