لقد أصبحت فكرة استعمال الهواتف النقالة بين صفوف التلاميذ داخل الأقسام الدراسية وأثناء إلقاء الدروس رائجة، حيث تستعمل هذه الأخيرة للتأثير على المعلم وإزعاجه عن طريق إصدار الأغاني من الهاتف عدة مرات ثم إطفاء الجهاز وتخبئته ليبدأ بذلك المعلم بعملية التفتيش لجميع التلاميذ، الأمر الذي يتسبب في فقدانه للسيطرة على أعصابه والتحكم في السير النظامي للدرس، ما يدفع إلى استعمال القوة في بعض الأحيان. من جهة أخرى، نجد أن بعض التلاميذ يقومون بأخذ رقم هاتف نقال معلميهم ويتصلون بهم مرات عديدة ويرسلون لهم رسائل قصيرة في كل مرة يهددونهم بها ولعل سبب هذا كله يعود إلى تأثير وسائل الإعلام والدور الذي أصبحت تلعبه هذه الأخيرة في نشر ثقافة الشغب والعنف، خاصة الإعلام المرئي من خلال أفلام ومسلسلات تبث يوميا على قنوات متخصصة. الضرب والشتم ونزع النقاط لغة الأستاذ في ظل غياب الحوار وبالرغم من الإجراءات العديدة التي اتخذتها الوزارة فيما يخص منع العقاب الجسماني ضد التلاميذ، فكثيرا ما يجد المعلمون أنفسهم مضطرين لاستعمال أساليب قاسية ردا على أعمال الشغب والفوضى التي يحدثها التلاميذ داخل القسم، ويأتي في مقدمتها الضرب باستعمال مختلف الوسائل والتي تصل حد المبالغة أحيان، فأصبح الشتم والتعنيف واستعمال العصا والحزام لغة الحوار بين المعلم والتلميذ. في حين فضّل البعض العقاب بنزع النقاط في كل مرة يقوم بها التلميذ بعملية شغب أو فوضى. وللإشارة، فإن هذا العقاب بين أوساط المعلمين يعرف انتشارا كبيرا في مختلف أطوار المؤسسات التربوية. الخوف ينتقل إلى أولياء التلاميذ لقد أصبح العنف في المدارس هاجسا يصاحب كل أب وأم نتيجة للكم الهائل الذي نسمعه ونشاهده من قصص وحوادث تحدث بين المعلمين والتلاميذ بحيث أصبح الأولياء في حيرة من أمرهم وأصبح شعور الخوف من أن يصاب أولادهم بمكروه يصاحبهم على الدوام منذ إيصال إبنائهم إلى المدرسةإلى وقت إحضارهم من هناك. كيفية معالجة هذه الظاهرة يرى بعض الأساتذة الذين حاورناهم، أن من الخطأ الجسيم أن يعتقد المرء بأن المعاملة القاسية يمكن أن تؤدي إلى إصلاح سلوك الطفل المراهق، لأن الحقيقة تناقض هذا الاعتقاد تماما، فالضرب يشبه المهدئ الذي يخفّف من شدة الألم، إلا أن مفعوله ظرفي ولا يشفي المريض ولا يعمل كذلك على القضاء على هذه الظاهرة فلا تنفع مع التلميذ لا الشدة ولا الليونة في التعامل معه، حيث إن الشدة تدفع بالتلميذ إلى الانغلاق على نفسه وكبت كل تفاعلاته.. ولهذا ينصح بالتعامل مع الأبناء بطريقة مرنة كونها لا تسمح فقط بإظهار الصورة الحقيقية لسلوك الطفل وإنما تمكّننا من علاج كل انحراف يطرأ على سلوكه في الوقت المناسب وفهم التلميذ جيدا. وتجدر الإشارة إلى أن ظواهر العنف لا تقتصر فقط على المجتمع الجزائري ولا تختلف في شيء عمّا تشهده باقي المجتمعات وأن انتشارها في فضاءات التعليم والتكوين تدعو للقلق، ومحاربتها تستدعي تظافر جميع الجهو، انطلاقا من دور الأولياء إلى غاية مدير المدرسة مرورا بالمعلم وجمعية أولياء التلاميذ.