تعتبر ولاية بجاية من الولايات الشمالية ذات الطابع الجبلي والريفي، تحتوي على مناطق ساحلية تمتد على طول 80 كلم من منطقة زيامة منصورية التابعة لولاية البويرة، إلى غاية أزفون التابعة لولاية تيزي وزو. معظم بلديات بجاية من النمط الريفي وبها مساحات زراعية ضيقة، مما لا يسمح لها أن تكون ولاية فلاحية. لكنها ورغم ذلك، فهي معروفة بمنتوجها الوفير من الزيتون نظرا لاحتوائها على مساحات كبيرة مغروسة بأشجار الزيتون وزيتها يتميز بالنوعية الجيدة على مستوى شمال إفريقيا، فتصدر منه كميات معتبرة إلى الخارج للحصول على العملة الصعبة. كما أن العديد من مناطق الولاية تشتهر بأنواع معينة من المنتوج الفلاحي، فمثلا بلدية بني معوش تتميز هي الأخرى بالتين وغيرها من المواد الاستهلاكية، ويتولى النشاط الفلاحي سكان الأرياف والمداشر وكذا المناطق النائية. وفي هذا الصدد، شرعت الوزارة الوصية في إعادة بوادر التنمية الريفية في هذه المناطق وذلك من خلال تشجيع الشباب قصد ممارسة هذا النشاط الدائم والذي يمكن أن يخفف من حدة البطالة المستفحلة في وسط هذه الشريحة وقد استجاب عدد كبير بفضل التسهيلات التي وفرتها الدولة في مجال القروض والدعم المقدم لصالح المناطق الريفية، وذلك تنفيذا لبرنامج التنمية الريفية المدمجة. وحسب المعلومات المتوفرة، فإن العديد من البلديات الريفية تفتقر لأبسط الوسائل الضرورية التي يحتاج إليها السكان، كنقص التزويد بالمياه الصالحة للشرب، غياب كلي للتهيئة، انعدام غاز المدينة والمطلب الملح من قبل قاطني هذه البلديات يتمثل في تعبيد الطرقات وفتح مسالك جديدة، إضافة إلى الاهتمام بالطرق المؤدية إلى المساحات المغروسة والزراعية، ويحاول الفلاحون قدر الإمكان تطوير طرق العمل الفلاحي التي يأملون من خلالها الرفع من مردود الإنتاج وأيضا من النوعية التي أصبحت في غاية الأهمية والتي يجب أن تتطابق مع المواصفات والمعايير المعمولة بها. وفي السياق ذاته، يعاني الفلاحون جملة من المشاكل التي تعيق مزاولة نشاطهم من حيث عدم توفر البذور، نقص في المواد الكيميائية الموجهة للقضاء على الحشرات الضارة وغيرها، أضف إلى ذلك تماطل الإدارة المحلية على مستوى البلديات الريفية في التكفل الفعلي بالمشاكل اليومية للسكان خاصة فيما يخص السكن الريفي ودعمه، مما ولد لديهم نوعا من الاستياء والتهجين، حيث أن الأغلبية يأملون في تجديد مساكنهم أو توسيعها بما يتناسب مع عدد أفراد عائلاتهم، والإشارة هنا إلى أن البعض ما يزالون يسكنون في الأكواخ والبيوت القصديرية، التي كان آباؤهم وأسلافهم يقطنون فيها فيما مضى. أما الحديث عن المرافق العمومية كمراكز الخدمات الصحية ودور الشباب، والمؤسسات التربوية، فكلها غائبة عن الوجود في العديد من المناطق النائية، الأمر الذي يجبر الأولياء على منع بناتهم من الدراسة بسبب البعد وغياب النقل المدرسي، إلى جانب مصاريف الدراسة، وكلها عوامل ساهمت في تردي أوضاع السكان بالمناطق الريفية والنائية. لذا، فإن المناطق الريفية بولاية بجاية بحاجة إلى الالتفات إليها بعين الاهتمام، بهدف معالجة مشاكلها والسعي لمساعدة السكان قصد مساعدتهم على الاستقرار وضمان مستقبلهم الاجتماعي والمهني، ولعل الاهتمام بشريحة الشباب أصبح أمرا إلزاميا على ضوء المعطيات الميدانية التي تؤكد ارتفاع نسبة البطالة في هذه المناطق، كما أن إنجاز مراكز أو مؤسسات للتكوين المهني بغية تكوير المهن والحرف التقليدية سواء تلك التي يهتم بها الرجال أو النساء والتي تدخل في التنوع التراث المحلي والوطني يعد ضرورة ملحة، فالتنمية المحلية ذات النمط الريفي شبه غائبة منذ سنوات عديدة وتتطلب الاهتمام بها في المستقبل القريب.