تتجه الجزائر بخطى ثابتة نحو خمس سنوات أخرى من الاستقرار والأمن والمصالحة والتنمية، وذلك بعد أن أعلن عبد العزيز بوتفليقة عن ترشحه للانتخابات الرئاسية القادمة، كمرشح مستقل، حيث تبدو حظوظه وفيرة جدا للظفر بثقة الشعب للمرة الثالثة على التوالي، كما تبدو قدرته على الوفاء بالوعود التي أطلقها يوم الخميس كبيرة جدا. تلقت شرائح واسعة من الشعب الجزائري إعلان بوتفليقة عن ترشحه، بصفة رسمية، للانتخابات الرئاسية القادمة، المزمع إجراؤها يوم الخميس 9 أفريل 2009، بكثير من الارتياح، بل لم يتردد كثيرون في اعتبار إعلان رئيس الجمهورية عن ترشحه لعهدة جديدة بمثابة "حلم تحقق"، ولا غرابة في أن يتنفس الجزائريون الصعداء مباشرة إثر خطاب القاعة البيضاوية التاريخي، من بعد أن حاولت بعض الأوساط اللعب على وتر التشكيك في إمكانية ترشح بوتفليقة، فالجزائريون الذين عانوا ويلات تدهور الوضع الأمني والانهيار الاقتصادي طيلة عشرية كاملة، يعرفون جيدا ما تحقق خلال العهدتين السابقتين من حكم الرئيس بوتفليقة، ويعرفون أيضا مدى ما يمكن أن يتحقق إذا واصل بوتفليقة قيادة البلاد، تماما مثلما يعرفون حجم المخاطر التي كانت ستحدق ببلدهم لو لم يترشح سي عبد القادر لرئاسيات 9 أفريل. الجزائريون الذين عايشوا جحيم التسعينات، يدركون اليوم أن بوتفليقة وإن لم يدخلهم الجنة فقد أخرجهم على الأقل من الجحيم الذي قال في إحدى خطبه أنه مستعد لدخوله من أجلهم، ولذلك فقد أبدوا تمسّكهم به على نحو غير مسبوق، بدليل أن عشرات الأحزاب وآلاف الجمعيات، وملايين المواطنين البسطاء، ظلوا لأشهر عديدة يدعونه إلى الترشح، وهم يعلمون أن بوتفليقة ليس من النوع الذي يخيب ظنهم، ولا من النوع الذي يرفض تحمّل مسؤولية تاريخية وتأدية واجب وطني، وهو ما أثبته بوتفليقة من خلال تأكيده بأنه يشعر وهو يعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية، أنه على الأقل يؤدي واجبه المعنوي. وإذا كان الرئيس قد أدى واجبه المعنوي، من خلال استجابته للنداءات الداعية إلى ترشحه، فإن الكرة الآن في مرمى الشعب المطالب اليوم برد جميل الرئيس الذي أزاح عنه هم الأزمة الأمنية، ومنحه الأمل في حياة أفضل. الرئيس أدى واجبه بالترشح كمستقل لرئاسيات 9 أفريل، وعلى كل الذين كانوا يطالبونه بالترشح لاستكمال مسار المصالحة والتنمية، أن يتحركوا لتحسيس الناخبين بمدى أهمية الإدلاء بأصواتهم في استحقاق الانتخابات الرئاسية، فالرئيس لا يرضى بما دون الأغلبية الساحقة من أصوات الناخبين، ولن يرضى بأقل من نسبة مشاركة تمثل غالبية المسجلين في القوائم الانتخابية. وقد عبّر عن ذلك صراحة بقوله: "لن يكون الرئيس رئيسا إلا إذا كان مدعّما بثقة الأغلبية الساحقة من الشعب"، وهي عبارة تحمل الكثير من الدلالات، وتعكس أيضا ثقة الرئيس بوتفليقة في أن الشعب لن يخيبه يوم التاسع أفريل 2009، مثلما لم يخيبه في رئاسيات أفريل 99 ثم في استفتاء الوئام المدني في سبتمبر 99، ثم في رئاسيات أفريل 2004، ثم في استفتاء المصالحة الوطنية في سبتمبر 2004.