تعيش مدينة بوسعادة، هذه الأيام، على وقع فعاليات الندوة الدولية للمدن التاريخية للبحر الأبيض المتوسط، وهذا على مدار 4 أيام في جو تتعانق فيه حضارات بلدان المتوسط وتنصهر في بوتقة هدفها توحيد رؤى الضفتين من أجل وضع استراتيجية لتنمية مستديمة ريفية ومحلية. هذه الاستراتيجية المتوخاة تتلقفها بعض التحديات بسبب القضايا البيئية الاقتصادية والاجتماعية، كما جاء في رسالة وزير الفلاحة والتنمية الريفية إلى المشاركين في الملتقى، بحيث يشرح فيها ذات المسؤول الخطوط العريضة لسياسة التجديد الريفي والفلاحي والتي تقوم على إعادة تأهيل الموارد الطبيعية واستخدامها على نحو رشيد وتحسين الأمن الغذائي للسكان كما قال دون تهميش للتراث المادي وغير المادي في المناطق الريفية، بل العمل على حمايته وتعزيزه كذلك، الشيء نفسه للعنصر البشري والذي هو بطبيعة الحال المجتمع الريفي والعمل على تثبيت نشاطه واستقراره بالمناطق الريفية. والي الولاية من جهته، وخلال كلمته الافتتاحية للندوة، استفاض في التذكير بالبعد التاريخي لبوسعادة التي تبقى ملهمة الفنانين ورمزا حيا للمدن العتيقة والمساحات المتميزة للواحات الضاربة في عمق الحضارة الانسانية التي تعود إلى عقود من الزمن العابرة، والتي تسحر زائرها بجبال كردادة ووادي بوسعادة وطاحونة برج الساعة ومتحف نصر الدين ديتي، وكل هذه الموروثات يؤكد الوالي قد جمعت بين السياحة الطبيعية والدينية. وبالمناسبة، دعا المسؤول الأول للولاية المستثمرين وشجعهم على الاستثمار في هذا المجال. كما كان لرئيس المجلس الشعبي الولائي لمسيلة، حديث عن أهمية المدن العتيقة والساحات المتميزة بالواحات، والتي اعتبرها المتحدث سجلا ماديا ومعنويا للأمم التي عمّرتها والتي تعكس الماضي بكل مقوماته والمستقبل الذي سيجعلها مركز اشعاع حضاري. أما الأمين التمثيلي للندوة الدائمة للمدن التاريخية المتوسطية، السيد جيوفاني لوبران، فقد أكد على ضرورة إحياء العلاقات بين مدن المتوسط، والتي ستكون بدايتها من مدينة بوسعادة، لتجسيد إرادة رجال البحر المتوسط في النهوض بها. كما عرج السيد سليمان حاجي، ممثل مركز البحث في البحوث الانتروبولوجية التاريخية وما قبل التاريخية، على جهود المركز في إنشاء بنك للمعلومات حول التراث المادي واللامادي والاتفاقيات الدولية المكرسة لحماية التراث بكل أبعاده.. وقد هنئ سكان الولاية بمولد ملحقة للمركز المذكور ببوسعادة. ومن جهته، نائب رئيس بلدية بوسعادة استعرض البعد التاريخي لبوسعادة باسهاب التي كانت ملهمة الشعراء والفنانين الجزائريين والأجانب، أين تعاقب عليها أكثر من (30) فنانا أوروبيا، حيث تأسف على تدهور معالمها السياحية وتقلص عدد واحاتها، الشيء الذي أدى إلى عزوف السياح عن زيارتها بعد أن كانت تستقطب أكثر من 85 ألف سائح سنويا. رئيس بلدية بيت لحم ل "الأمة العربية" : تنامي ظاهرة التمدين المتوحش ينذر باختفاء المدن التاريخية الفلسطينية اعتبر رئيس بلدية بيت لحم بفلسطين والرئيس الشرفي للمؤتمر المدائم للمدن التاريخية المتوسطة، رسالة محبة وسلام لأشقائه الجزائريين بمناسبة ندوة عقدت خلال هذا المؤتمر، ووقف وقفة إجلال للجزائريين من أجل نيل استقلالهم من المستعمر الفرنسي واعتبرهم قدوة للفلسطينيين الذين لازالوا يواجهون نكبة الصهانية الذين لم يتوقفوا على بناء مستعمراتهم، مما يزيد من اختناق الوضع في الأراضي المحتلة، في الوقت الذي يحرم فيه الفلسطينيون من بناء مساكن لهم ويعيشون الأمرين، "فحتى الماء الذي هو الحياة تجف منه الحنفيات ولا يوزع على الفلسطينيين إلا مرة أو إثنتين كل أسبوعين بنسبة (17٪) مقابل (83٪) من مخزون المياه للصهاينة". وما يزيد الطين بلة يقول المتحدث هو تنامي ظاهرة التمدين المتوحش على حساب المساحات العامة والمواقع التاريخية الأثرية ويتغير المشهد يضيف السيد "بطرس فكتور" كل (6) أشهر، مما ينذر باختفاء المدن التاريخية.. وهي الكارثة. لكن ومع النكبة الفلسطينية، يظهر بصيص أمل يؤكد السيد بطارس في نجاح شبكة المدن التاريخية التي أرخ لها مؤتمرها الدائم منذ (15) سنة من أجل الحفاظ على الهوية التاريخية.