شدد رئيس منتدى المؤسسات رضا حمياني، أمس الأحد، على ضرورة الأخذ بنتائج الإحصاء الاقتصادي الوطني الأخير ك "ركيزة علمية ومرجع تقني" في إعداد المخططات التنموية وضبط رزنامة المشاريع الاقتصادية وفقا للأولويات في كل قطاع، موضحا أن الإحصاء الأخير كشف وبشكل جلي ضعف برامج التأهيل وعدم قدرة النسيج الصناعي الوطني على مسايرة المنافسة لذلك العمل يجب حسب حمياني أن يركز أولا على مشاريع الرسكلة والتأهيل وتكييف منظومة الموارد البشرية وفقا للتطورات الحاصلة والمعمول بها عالميا في مجال التسيير والمناجمنت وكذا تحديث الآلة الانتاجية وإعطاء البحث العلمي المكانة اللائقة به. وقال حمياني في تصريحات أدلى بها على أمواج القناة الإذاعية الثالثة، أمس، إن من بين "الإفرازات الكارثية" التي يعيشها الاقتصاد الوطني حاليا يتمثل في مراوحة الإنتاج المحلي نطاق 4 بالمائة 6 بالمائة في إجمالي الاستهلاك الوطني في كل المجالات، في حين كان يتراوح ما بين 16 و18 بالمائة قبل 15 سنة، وهذا الرقم يؤشر إلى أن نشاطات الاستيراد ما تزال هي الطاغية. وفي هذا الصدد، قال حمياني إن هناك عدة عوامل ما تزال تشكل "كبوة" أمام إقلاع اقتصادي قوي وسليم، وهي عوامل اقترح المنتدى بشأنها حلولا عدة على امتداد العشرية الماضية، لكنها لم تؤخذ على محمل الجد، والنتيجة أن الوضع تعقد أكثر. وقال حمياني إن التجارة الموازية تمثل حاليا ما بين 30 إلى 60 بالمائة من حجم التجارة، وقد طالت كل القطاعات حتى القطاعات الحيوية، مثل قطاعات الدواء. وكشف حمياني أن 300 ألف مؤسسة محلية تعيش حاليا وضعيات مالية جد صعبة تهدد بإفلاسها، والسبب عدم مسايرة البنوك لحركية الاقتصاد واستمرارها في وضع العراقيل البيروقراطية التي رهنت أداء الآلة الإنتاجية، وذكر على سبيل المثال "القرض المستندي" الذي كبّد البلاد خسائر جسيمة، قبل أن تتدارك الحكومة أخطاءها وتقرر إلغاء العمل به. ولفت حمياني إلى أن الحكومة لا يحب أن تتصرف وكأن الاقتصاد الوطني "حقل تجارب"، فالأجدر بها قبل اتخاذ أي إجراء أو إقرار أي قانون، فتح باب مناقشته مع الفاعلين المعنيين واعتماد الحوار كآلية ناجعة لإثرائه. على صعيد متصل، ثمن رئيس منتدى المؤسسات قرار الحكومة الأخير، والقاضي بمنح ديون المؤسسات التي تعيش وضعيات مالية صعبة، ومن شأن هذا المسعى مساعدة هذه الشركات، وخصوصا تلك الناشطة في قطاعات صناعية حيوية مثل النسيج والجلود والصناعات التحويلية لاستعادة توازنها، وبالتالي اقتحام خطوط الإنتاجية من جديد، ما يمكنها من استحداث القيمة المضافة ومناصب الشغل. وفي هذا الصدد، قال المتحدث إن سوق الشغل في البلاد بحاجة إلى استحداث 350 ألف منصب سنويا للتمكن من امتصاص البطالة عبر كل ولايات الوطن، لكن تأسف من أن السوق لا يوفر حتى الوقت الحالي سوى 30 بالمائة من الرقم المعبر عنه، وذلك في إطار أجهزة التشغيل التي استحدثتها الدولة مثل "أنساج" و"كناك". وأوضح حمياني استنادا للدراسة المسحية والتحليلية للاقتصاد الوطني طيلة الخمسين سنة الماضية أن النسيج الإنتاجي الوطني يجب أن يضم 1.5 مليون مؤسسة، لكن المتوافر حاليا أقل بكثير. ومن بين المقترحات والحلول التي يقترحها FCE ضرورة تبني اقتصاد جديد اقل تبعية للمحروقات وحامل لعقد جديد للنمو "يهدف اساسا الى تنويع الاقتصاد، وذلك بمباشرة إجراءات بعث ودعم الاستثمار والتقليص التدريجي لمجال الاقتصاد الموازي وتبسيط محيط المؤسسة وتحسين مناخ الأعمال، وكذا إجراءات اقتصادية ومؤسساتية. ودعا حمياني في هذا الصدد، إلى تبني سياسة "أبطال الاقتصاد" الذين يستفيدون من دعم كلي من السلطات العمومية وفتح مجموع قطاعات النشاطات الاقتصادية للخواص وإنشاء بنك موجه لتمويل الاستثمار الخاص المرتبط بإنشاء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. ومن بين الاقتراحات كذلك التخلي عن قاعدة 49/51 % المتعلقة بالاستثمار الأجنبي وإعداد إستراتيجية وطنية تمتد من 7 إلى 10 سنوات من اجل ضمان الأمن الغذائي الكلي أو الجزئي (70 % على الأقل) للبلاد. كما يقترح منتدى رؤساء المؤسسات بتعويض دعم أسعار المنتجات ذات الاستهلاك الواسع باستحداث مدخول إضافي لفائدة الفئات الاجتماعية ذات الدخل الضعيف وأن يعاد مع السلطات العمومية بعث حملة "لنستهلك وطنيا"، وأخيرا تحديد هدف يتمثل في تصدير 10 مليار دولار خارج مجال المحروقات يتم تحقيقه على المدى المتوسط و20 مليار دولار على المدى الطويل. وبخصوص تحسين بيئة المؤسسات ومناخ الأعمال، تتمحور الإجراءات التي قدمها منتدى رؤساء المؤسسات حول إصلاح القانون الإقتصادي والنظام الجبائي والرفع من نسبة أرباح الأموال المودعة لاستقطاب قدرات الادخار والتغيير من قيمة العملة الوطنية وإعادة بعث بورصة الجزائر ورفع منع استيراد التجهيزات والمعدات المستعملة، لاسيما بالنسبة لقطاعات الصناعة والبناء والأشغال العمومية والري. كما شدد حمياني على ضرورة إعادة النظر في القوانين المنظمة للاستثمار من خلال إصدار قانون موحد للاستثمار يشكل جميع القطاعات ودون استثناء يسمح باحتواء المشاكل التقنية والناقضات واختلاف صيغ المتابعة من استثمار لآخر ومن قطاع لآخر.