أجمع أغلب المتدخلين، أمس، في الملتقى الذي بادر منتدى رؤساء المؤسسات الاقتصادية fce إلى تنظيمه، وهو الأول في أجندة العمل بالنسبة للعام الجديد 2012 والخاص بمناقشة تداعيات قانون المالية على الاستثمارات الجارية والمبرمجة لاحقا، نظم بنزل السوفيتال بالعاصمة، أجمعوا على تثمين العديد من البنود والأحكام التي جاء بها، لكنهم أشاروا إلى قصوره في التعاطي مع العديد من الملفات، خصوصا ما يتعلق بمشكل العقار الصناعي ومشاريع التأهيل المؤسساتي ودور البنوك في مرافقة الصناعيين المحليين عبر كل مراحل العملية الاستثمارية. وانتقد رئيس منتدى المؤسسات، رضا حمياني، في كلمته الافتتاحية لأشغال هذا المنتدى طريقة تعامل السلطات العمومية مع العديد من الملفات وصفها ب "الملفات ذات الأولوية"، والتي تتطلب تدخلا سريعا على غرار ملف العقار الصناعي، وعلاقات أصحاب المشاريع بالبنوك، ومشاريع تأهيل نسيج المؤسسات الاقتصادية الصغيرة والمتوسطة المنتجة للثروة والقيمة المضافة ومناصب الشغل لو تحظى بالمتابعة والدعم، موضحا أن الحكومة أفرطت في اللجوء في كل مرة إلى القوانين المالية التكميلية لتعديل قواعد التسيير والاستثمار الاقتصادي، الأمر الذي أسفر عن بروز مناخ قانوني غير مستقر يؤثر بشكل مباشر على صيرورة الاستثمارات، على غرار إجراء القرض المستندي الذي غير ليصبح "التسليمة المستندية"، وهو الإجراء الذي لم يحقق ما كانت تصبوإليه الحكومة وهوتخفيض حجم الواردات، لكنها لم تصب هدفها لانعدام رؤية إستراتيجية واضحة تشرك في اعدادها جميع المتدخلين والمعنيين بالعملية الاستثمارية. وقد جدد حمياني، أمس، مطلب المنتدى منذ سنة 2009 لإلغاء هذا الإجراء الذي لا يخدم الاقتصاد الوطني، بل كانت له نتائج عكسية؛ حيث ارتفعت الواردات أكثر خلال العامين اللذان تليا تطبيق القرض المستندي لتمويل الواردات. وفي استعراضه لأشواط عمل الحكومة على صعيد برنامج تأهيل المؤسسات، قال حمياني إن الدولة ومن خلال جميع مؤسساتها المعنية بالقطاع، تبذل فعلا مجهودات معتبرة في هذا الاتجاه، لكن لا يمكن الاستثمار فيها دون أن تحرص أولا على تهيئة مناخ أعمال ملائم، وكمرافقة الشراكات البينية المحلية وتنشيط آلة الإنتاج ودعم تنافسية المتوج الوطني وتنويع مصادر دخله خارج قطاع المحروقات. وفي هذا الصدد، قال حمياني أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة يمكن لها أن تلعب دور المحرك الاقتصادي، على غرار ما يحدث في الدول الناشئة والمتطورة لو ترافق وتدعم أكثر لتأهيل قدراتها في ميدان التسيير والمناجمنت وتحسين نوعية الإنتاج وتكوين مواردها البشرية ودعم استثماراتها المادية، مضيفا في هذا الصدد أن الحكومة مطالبة في الوقت الراهن بضبط إستراتيجية علمية واضحة المعالم تتيح للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة المعنية الاستفادة من الأغلفة المالية المعتبرة التي رصدها برنامج التأهيل الجديد 2010 2014 مركزا على ضرورة استحداث علاقات عمل قوية بين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والجامعات ومراكز التكوين المهني بما يضمن ديمومة تدفق الموارد البشرية الكفؤة القادرة على الابتكار. وكان رئيس المجلس الوطني الاستشاري للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة زعيم بن ساسي قد حث في وقت سابق مختلف الفاعلين الاقتصاديين إلى الانضمام إلى هذا البرنامج الجديد الذي سيسمح إلى إعطاء ديناميكية لأداة الإنتاج الوطنية وتقليص حجم الواردات مشيرا الى ضرورة إعادة التأهيل كمفهوم واسع يخص جميع قطاعات النشاط الاقتصادي ويؤثر بشكل مباشر على المؤسسات ومحيطها العام.