انتقاء الجزائر لاحتضان الحدث ينبع من كونها قطعت أشواطا مهمة في المجال أجمع أغلب المتدخلين، أمس، في فعاليات الملتقى الدولي الأول حول الرعاية الصحية في منطقة شمال إفريقيا، على ضرورة اتخاذ إجراءات عملية ملموسة من أجل تطوير أقطاب صناعية مشتركة للدواء بما يضمن التقليص التدريجي للواردات، مؤكدين أن دول المنطقة تحوز على كافة المؤهلات العلمية والمادية والبشرية للتأسيس لصناعات صيدلانية محليا دون إغفال مشاريع الشراكة مع كبريات المجمعات الدولية لنقل التكنولوجيا مرحليا والاستقلال تقنيا على المدى الطويل. وأكد أمير عبد اللطيف توافق رئيس اللجنة الاستشارية للمؤتمر المغاربي الأول حول الرعاية الصحية في كلمته الافتتاحية لأشغال الملتقى الذي يرعاه رئيس الجمهورية، أن الرهانات الكبرى التي يعيشها القطاع الصحي في منطقة شمال إفريقيا عموما والمنطقة المغاربية خصوصا، تقتضي من كل الفاعلين في المجال التكتل كقوة للتفكير والاقتراح لبحث الحلول الممكنة لكبوة هذا القطاع الاستراتيجي والحيوي. وقال ذات المسؤول إن خارطة المؤسسات الاستشفائية في المنطقة ما تزال ضعيفة، الأمر الذي يتطلب تكثيف الاستثمارات في هذا المجال، وهو الموضوع الرئيسي الذي سيتم مناقشته خلال هذا الملتقى على مدار يومين، حيث يتوقع أن يتم طرح مشاريع بقيمة مالية إجمالية تقدر بأكثر من 850 مليون دولار، مما يفتح شهية كبريات المجموعات الدولية الراغبة بالمشاركة في هذه الاستثمارات المرتقبة، خصوصا مشاريع تصنيع الدواء الموجه للأمراض المزمنة وعلى رأسها داء السكري والسرطان اللذان ما تزال فاتورة تشكيلة واسعة من الأدوية والمضادات الخاصة بهما تستورد من الخارج. من جهتها، قالت صوفي لوراي المناجير والمديرة العامة لمؤسسة "ناسيبا" الفرنسية منظمة هذا اللقاء، أن تنظيم هذه الفعالية ينبع أساسا من الحاجة إلى تفعيل استثمارات صناعية ومرافق خدماتية تعزز الجهود التي تبذلها حكومات دول الشمال الإفريقي لتحسين وتطوير برامجها الخاصة بالرعاية الصحية، مؤكدة أن المشاكل الأساسية للقطاع ليست مادية بقدر ما تتعلق بالمنهجية والإستراتجية المتبعة داعية الفاعلين في قطاعات الصحة بالمنطقة إلى تبني مشاريع شراكة تخدم مصالح كل طرف والهدف في النهاية هوضمان منتوج نوعي ورعاية صحية وفقا للمعايير العالمية. وقالت ذات المسؤولة إن اختيار الجزائر من بين دول منطقة الشمال الإفريقي لاحتضان هذا الملتقى الذي يشهد مشاركة عشرات الخبراء والفنيين والصناعيين العالميين، ينبع من كون الجزائر ما تزال من بين الدول الرائدة في مجال الرعاية الصحية وأقواها استحداثا للاستثمارات المباشرة في المنطقة وإفريقيا، حيث ترصد سنويا ميزانيات ضخمة للقطاع تتراوح ما بين 9 و10 بالمائة من الميزانية العامة، وذلك مؤشر واضح عن إصرار الدولة الجزائرية على تطوير هذا القطاع أكثر فأكثر. وحسب لوراي، فإن الملتقى سيسعى الى تأسيس منصة مفتوحة دائمة لتبادل الخبرات والمهارات بين مختلف المتعاملين بهدف مناقشة مواضيع هامة تتعلق بالصحة ومستقبل أنظمة الرعاية الصحية في منطقة شمال إفريقيا، ويتم التركيز بشكل أساسي على أكثر الأمراض انتشارا في المنطقة وأهمها مرض السكري والسرطان، حيث تتم دراسة الوضع الحالي والبحث عن الحلول المتوفرة للسيطرة على هذه الأمراض. من جهته، شدد فابيان فور، مدير عام سلسلة الرعاية الصحية في مجموعة ''نسيبا''، عن أهمية هذا الملتقى، مؤكدا أنه يشكل فرصة للخبراء في مجال الصحة من مختلف دول العالم لتبادل الأفكار والمعارف والمساهمة في تطوير قطاع الرعاية الصحية تحقيقا لرؤية وزارات الصحة في المنطقة. للتذكير، تنشط مجموعة "نسيبا" على إنتاج وترويج واستضافة الملتقيات والندوات المتخصصة ورعاية دورات التدريب المهني والمعارض الاقتصادية التي تستقطب المدراء التنفيذيين في العديد من القطاعات المختلفة. ويركز كل حدث على إعادة التدريب وتعزيز فرص التواصل وتوفير منصة موحدة لعقد الصفقات أمام جميع المؤسسات المشاركة. وتستمر أشغال الملتقى اليوم وينتظر أن يتوج بإعلان عدد من التوصيات المهمة.