اعتبرت الكنائس المصرية مشروع الدستور الذي تعكف الجمعية التأسيسية على إعداده حاليا لا يعبر عن هوية مصر التعددية ولا يعكس التوافق الوطني المنشود صرّح الأنبا باخوميوس قائم مقام الكنيسة القبطية الأرثوذكسية المصرية، السبت، إن الكنائس المصرية الرئيسية سحبت ممثليها من الجمعية التأسيسية التي تكتب دستورا جديدا للبلاد. بعد اتفاق ثلاثة كنائس القبطية الأرثوذكسية والإنجيلية والكاثوليكية على سحب ممثليها من الجمعية التأسيسية وعددهم خمسة وعلقوا القرار النهائي على موافقة الكنيسة الأرثوذكسية التي تمثل معظم المسيحيين المصريين. ويُتوقّعُ أن يحدث انسحاب الكنائس المصرية زلزالًا قويًا داخل الجمعية التأسيسية للدستور المصري وهي المترنحة أصلًا على خلفية الخلافات الشديدة بين ممثلي القوى الليبرالية والتيار الإسلامي. كما ينتظرُ انسحاب بعض هذه القوى خلال الأيام المقبلة، مما يضع جماعة الإخوان التي تمسك بزمام السلطة في مصر أمام مأزق شديد، لن تستطيع الخروج منه إلا بتوافقها مع تلك التيارات، وهذا ما قد يغضب التيار السلفي، الحليف السياسي للجماعة. يُشارُ إلى أن قرار الانسحاب جاء احتجاجا على المادة 220 من مسودة الدستور، وهي المادة المفسرة للمادة الثانية التي تنص على أن "مبادئ الشريعة الإسلامية" هي المصدر الرئيسي للتشريع في مصر، فقد ورد في نص المادة 220 أن "مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة فى مذاهب أهل السنة والجماعة". وتفاعلا مع ذلك، قال الناشط القبطي نجيب جبرائيل أنه تبنى الدعوة إلى انسحاب الكنيسة الأرثوذكسية وسائر الكنائس المصرية من الجمعية التأسيسية، لأن "مواد الدستور تعتمد كلية على أحكام الشريعة الاسلامية، وليس على مبادئ الشريعة الاسلامية كما كان متفقًا عليه"، وأضاف: "هناك إصرار من جانب الاسلاميين ولجنة الصياغة النهائية على تلبية مطالب السلفيين، باستبدال كلمة مبادئ الشريعة بأحكام الشريعة، لكنهم فشلوا في ذلك بسبب إصرار القوى المدنية على مجابهة هذا المطلب المتشدد، فلجأت القوى الإسلامية المسيطرة على الجمعية التأسيسية إلى إضافة مادة مفسرة للمادة الثانية". وأوضح أن هذه المادة تتناقضُ مع حقوق الأقباط، وقال: "المادة المفسرة تنص على أن كلمة مبادئ تعني المتفق عليه عند أهل السنة والجماعة وكافة المصادر الفقهية، بما فيها المدارس السلفية، التي تحظر بناء الكنائس، وتحرم غير المسلمين من حقهم في المجاهرة بأي مظاهر أو طقوس دينية مثل لبس الصلبان فى الصدور، أو تعليقها في الكنائس، أو ظهور قباب على الكنائس، كما يعني ذلك أيضًا الزام الاقباط بدفع الجزية، وحرمانهم من تولي مناصب قيادية أو ذات ولاية، واعتبارهم أهل ذمة وتغليب الهوية الدينية الإسلامية على الهوية المصرية الوطنية". ووفقًا لرسالة أرسلها جبرائيل للبابا، فإن الاقتصار على كلمة مبادئ شرائع غير المسلمين في المادة الثالثة من مسودة الدستور تعني أن لا حق للمسيحيين في الالتجاء إلى مصادرهم الأخرى، غير الكتاب المقدس مثل، التقليد المقدس والدسقولية والمجامع المقدسة وسير الآباء"، معتبرًا أن هذا قد يجعل الدولة تتحكم في تعيين البطريرك ورسامة القساوسة وممارسة الطقوس داخل الكنائس. وأضافَ جبرائيل "أن التاريخ سوف يسجل أن ممثلي الكنيسة قد شهدوا على دستور ينتهك حقوق الأقباط، ولا يعطيهم المواطنة الكاملة، ويوصفون فيه حسب أحكامه بأنهم رعية وأهل ذمة". وقدّ أكّدَ البابا تواضروس سابقا أن "هناك مظلة واحدة يجب أن تتواصل جميع أطياف المجتمع تحتها، هي مظلة الدستور".ويمثل المسيحيون نحو عشرة بالمئة من سكان مصر الذين يصل عددهم إلى 83 مليون نسمة، في حين تتكون الجمعة التأسيسية من 100 عضو أغلبهم إسلاميون وحلفاء لهم.