"الفراعنة" يكشّرون عن أنيابهم ويفترسون أبطال العالم المباراة التي أقيمت الخميس الماضي بمدينة جوهانسبرج في ثاني جولات المجموعة الثانية ببطولة العالم للقارات في جنوب إفريقيا، سجلت مصر نصرا تاريخيا للكرة العربية والإفريقية التي لم يسبق لها الفوز على المنتخب الإيطالي من قبل. أما بالنسبة ل "الفراعنة" أنفسهم، فإن هذا الفوز يعد أعظم ما حققوه في تاريخهم الكروي، باعتبار أنهم هزموا إيطاليا بطل كأس العالم 2006 بكامل نجومها. وتحت عنوان "المعجزة"، قهر "الفراعنة" المنتخب الإيطالي بهدف نظيف سجل في الدقيقة 40 بواسطة ضربة رأس رائعة مرفوعة من ركنية نفذها اللاعب الموهوب محمد أبوتريكة، ليودعها الشباك لاعب متغيب عن صفوف المنتخب المصري منذ مدة، وهو لاعب نادي "طلائع الجيش" محمد سليمان حمص، فيما تكفل حارس المرمى عصام الحضري بحماية شباكه من ثلاثة أهداف محققة، ليحفظ التفوق لفريقه حتى نهاية المباراة. وبشهادة معظم المحللين والمعلقين الرياضيين العالميين، كانت المباراة من أقوى وأفضل المباريات العالمية، التي شهدت أداء ومهارات لا تراها العين إلا بين الفرق العظمى في نهائيات كأس العالم، حتى حدا بالبعض إطلاق لقب "الملحمة" على تلك المباراة التي قدم فيها "الفراعنة" أفضل وأروع أداء في تاريخهم، كلل بنصر مستحق. وتفوق "الفراعنة" في معظم شوطي المباراة على نجوم الأتزوري، التي تبلغ أثمانهم مئات الملايين من الدولارات. * سيناريو أشبه بالحلم جرت أحداث الشوط الأول من المباراة تحت وطأة محاولة كلا الفريقين تضييق المساحات أمام الخصم، من خلال نشر أكبر عدد من اللاعبين في منتصف الملعب، مع محاولة الاعتماد على الثنائيات الفردية للوصول إلى مرمى الفريق المنافس أو التسديدات بعيدة المدى. وكان أبرز هجمات الفريق الإيطالي في هذا الشوط، تسديدة "جوسيبي روسي" التي ذهبت أعلى العارضة في الدقيقة 13، وتسديدة ياكوينتا في الدقيقة 24 التي أبعدها عصام الحضري ببراعة إلى ركينة، وكذلك تسديدة حسني عبد ربه في الدقيقة 40 قبل الهدف مباشرة، والتي أبعدها الحارس الإيطالي العملاق بوفون إلى ركنية. وفي الشوط الثاني، كان الفريق المصري قادرا على الوصول إلى المرمى الإيطالي بكل سهولة عبر الهجمات المرتدة المنظمة بين أبو تريكة ومحمد زيدان وبديله أحمد عيد عبد الملك، غير أن هذه المباراة عابها البطء، وأخطأ أبو تريكة في التصرف في بعض هذه الكرات التي كان من الممكن أن يسجل منها الهدف الثاني . أما الفريق الإيطالي، فهاجم بشراسة طوال هذا الشوط ولعب ليبي برأسي حربة بعد أن أشرك العملاق لوكا توني إلى جانب ياكوينتا، ولكن عصام الحضري وخط الدفاع بقيادة وائل جمعة تألقوا بشكل لافت وصححوا من أخطائهم في مباراة البرازيل الأولى، ومن أمامهم حمص ومحمد شوقي وحسني عبد ربه، وكان الحضري على وجه الخصوص في أفضل حالاته، حيث أنقذ ثلاثة أهداف محققة من أقدام ورأسي ياكوينتا ولوكا توني، وقدم ريكاردو مونتوليفو، وكلها من انفرادات كاملة، وتكفلت العارضة بالتصدي لكرة رابعة. وتأثر أداء الفريق المصري في الدقائق العشر الأخيرة من المباراة، بهبوط اللياقة البدنية لمعظم اللاعبين، الذي ظهر من خلال كثرة الإصابات بالشد العضلي وتعمد إضاعة الوقت على الطريقة الإفريقية والتي أتت بثمارها على كل حال. * شحاتة يتفوق على العبقري الإيطالي ليبي ظهر حسن شحاتة في قمة التركيز والتفوق. ومن خلال التكتيك الذي لعبت به المباراة، أثبت الناخب المصري حسن شحاتة تفوقه الواضح على العبقري مارتشيللو ليبي الذي عكست ملامح وجهه طوال اللقاء مدى صعوبة الفريق المصري، وصدقت توقعاته قبل المباراة بأنه سيواجه فريقا قويا للغاية. ومن خلال التشكيلة والتغييرات وخطة اللعب، نجح شحاتة في اختراق صفوف أقوى خط دفاع في العالم. وفي الوقت ذاته، سيطر على مجريات المباراة والحفاظ على الهدف طيلة 55 دقيقة، تمكن فيها من حرمان الإيطاليين من تعديل النتيجة. * سقوط سراويل نجوم العالم في الوقت الذي كتب ل "الفراعنة" الذين أحرجوا البرازيل وخسروا منها بصعوبة بهدف، ما زال يثير جدل الأوساط الرياضية العالمية، أن ينجحوا في القضاء على أبطال العالم بالمهارات والتكتيك واللعب الجماعي والروح العالية، في الوقت ذاته شهدت تلك المباراة سقوطا حرا لأغلى وأكبر نجوم في العالم، وتهاوت أسماء لها وزنها في عالم وتاريخ كرة القدم، أمثال "بوفون" المصنف كأفضل حارس مرمى في العالم، ومواطنه فابيو كانافارو المصنف كأفضل لاعب في العالم عام 2006، والمهاجم العالمي لوكا توني والصخرة جاتوزو الذي سقط منه السروال في الشوط الثاني، في مشهد كوميدي يعبر عن الكارثة التي حلت بالمنتخب الإيطالي بفعل صمود وإصرار "الفراعنة". يأتي هذا، في الوقت الذي علت فيه أسماء لاعبي المنتخب المصري، في مقدمتهم حارس مرمى سيون السويسري عصام الحضري ومهاجم نادي بتروموند الألماني محمد زيدان وصانع ألعاب النادي الأهلي محمد أبو تريكة، ومسجل الهدف محمد حمص، والذين سلطت عليهم الأضواء بواسطة وسائل الإعلام العالمية، ومن المتوقع أن يتسابق سماسرة الأندية الكبرى على شرائهم لضمهم للفرق العالمية. * "الفراعنة" يتفوقون بدون رأس حربة أما المفاجأة الحقيقية في تلك المباراة، أن "الفراعنة" لعبوا محرومين من رؤوس الحربة الرئيسيين في فريقهم، وهم الثلاثي عمرو زكي وعماد متعب وميدو، وبدون أحد أبرز لاعبي الكرة المصرية محمد بركات، إضافة إلى أحمد المحمدي المطرود في مباراة البرازيل. وبهذه النتيجة، تحصل مصر على أول ثلاث نقاط لها في البطولة، لصبح أمام "الفراعنة" أمل كبير في التأهل إلى الدور قبل النهائي، علما بأن المباراة الأخيرة لمصر في المجموعة ستكون غدا الأحد أمام الولاياتالمتحدة التي تأكد خروجها من الدور الأول بعد الهزيمة من البرازيل في وقت سابق 0-3، وأصبح رصيدها خاليا من النقاط، بينما تخوض إيطاليا مباراة صعبة أمام المنتخب البرازيلي الذي يحتل الصدارة بست نقاط. * ليبي ينتقد لاعبيه ويحلم بحارس مثل الحضري عقب المباراة مباشرة، صرح مارتشيلو ليبي المدير الفني للمنتخب الإيطالي، قائلا: "السبب الرئيسي في خروج المصريين بالفوز، ترجع إلى أداء حارسهم العملاق عصام الحضري، الذي تصدى لكل الهجمات التي هددنا بها مرماه"، مشيرا إلى أن الإيطاليين كانوا يستحقون التعادل على الأقل. وأبدى ليبي في المؤتمر الصحفي عقب اللقاء، استياءه من أداء منتخب بلاده قائلا: "بدأنا المباراة بقوة وخلقنا العديد من الفرص، ومرت أول 25 دقيقة بنجاح وشكّلنا خطورة كبيرة على دفاع المنتخب المصري، ولكننا لم نكن إيجابيين بقدر كاف علي المرمى و فشلنا في أخذ المبادرة"، وأضاف: "توقفنا عن اللعب بعد إحراز المصريين للهدف الأول، وأصبح أداؤنا باهتا للغاية في نهاية الشوط الأول". وتابع: "سيطرنا على المباراة مجددا في الشوط الثاني، وحارسهم كان رائعا، ليتني أملك مثله". * رئيس سيون يقول إن عقاب الحضري بداية لسقوط "الفيفا" بعد تسليط الأضواء العالمية عليه بفعل أدائه الرائع أمام المنتخب الإيطالي، عادت قضية عصام الحضري مع "الفيفا" إلى الواجهة من خلال كرستيان قسطنطين رئيس نادي سيون السويسري، الذي شن هجوما حادا على بلاتر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا"، وقال قسطنطين في تصريحات للصحافة السويسرية: "إذا كان الفيفا يحاول الدفاع عن الخطأ الذي ارتكبه (عقوبات الحضري)، فإنها ستكون بداية سقوطه. ماذا عن كرة القدم؟.. لقد فقدت الفيفا سيطرتها كمنظم للعبة"، وأضاف: " أتعجب كيف لبلاتر أن يتقبل خطأ كهذا.. أعتقد أن محاميه ارتكبوا خطأ غير عادل يجب تصحيحه". * حسن شحاتة يحتفل بعيد ميلاده صادف موعد المباراة يوم ميلاد الناخب الوطني المصري حسن شحاتة، الذي قدم له لاعبوه هذا الفوز هدية له في عيد ميلاده. ومن جانبه، أهدى شحاتة الفوز للشعب المصري والعربي، مهنئا لاعبيه على العودة لصورتهم المعهودة، ومتمنيا أن يخرج هذا الفوز عائلة الرئيس مبارك من أحزانها بسبب فقدان حفيد العائلة الشهر الماضي، وهو ما حدا بالرئيس المصري الاتصال بالبعثة المصرية مهنئا إياها على الفوز، ومتمنيا لها مواصلة المشوار.