هل تقترب مصر من حلحلة الأزمة؟ قالت مصادر برئاسة الجمهورية المصرية، إن الرئيس محمد مرسي سيصدر قرارًا نهاية الأسبوع أو مطلع الأسبوع المقبل على أقصى تقدير، بفتح باب الترشح لمجلس النواب، على أن تُجرى الانتخابات في شهر إبريل المقبل على ثلاث مراحل. وأضافت المصادر لصحيفة "الحياة" اللندنية في عددها الصادر أمس الاثنين: سنكون أمام برلمان منتخب قبل شهر رمضان الذي يوافق مطلع يوليو المقبل. وتوقعت مصادر قضائية أن ترسل المحكمة الدستورية العليا رأيها في قانون تنظيم الانتخابات خلال ساعات إلى مجلس الشورى الذي يمتلك السلطة التشريعية موقتاً. وأوضحت أن لدى المحكمة بعض الملاحظات على نصوص القانون، وسيعقد الشورى اجتماعاً لتعديلها قبل إحالة القانون على الرئيس للتصديق عليه. هذا وتشهد الساحة السياسية المصرية عدة تحركات في الساعات الماضية، تمثل أبرزها في لقاء جمع رئيس حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين باثنين من رموز جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة، وهو ما اعتبره محللون بادرة جيدة لحلحلة الأزمة السياسية، مع تأكيدهم عدم الإفراط في التفاؤل بحل قريب. فقد التقى سعد الكتاتني بكل من رئيس حزب الدستور محمد البرادعي ورئيس حزب الوفد البدوي في لقاء لم يكشف أي من الجانبين عن تفاصيله، لكن بيانا للحرية والعدالة قال إن اللقاء شهد مطالبة المعارضة بتشكيل حكومة جديدة، في حين أكد الكتاتني أن حزبه يرى ضرورة طرح جميع الموضوعات -بما فيها الحكومة- للحوار، لكنه يعتقد أن الأوضاع الراهنة تجعل تغيير الحكومة الحالية أمرا صعبا. وبينما قال المستشار الإعلامي لحزب الوفد معتز صلاح الدين للجزيرة نت إن أطراف اللقاء فضلوا عدم الكشف عن تفاصيل ما دار فيه، فقد اعتبر المستشار الإعلامي للحرية والعدالة مراد علي أن اللقاء مثل تطورا إيجابيا وإن لم يسفر عن اتفاق، مؤكدا أن مجرد اللقاء بين الجانبين هو تطور إيجابي، متوقعا أن تشهد الأيام المقبلة لقاءات أخرى. ووسط التعتيم الرسمي على تفاصيل اللقاء، تحدثت وسائل إعلام محلية عن أن الكتاتني حاول إقناع قيادات المعارضة بقبول الحوار مع الرئاسة، في حين شكى البرادعي مما اعتبره تجاهلا من الرئيس محمد مرسي للمعارضة، مؤكدا رفضه لإجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة دون الاستماع للمعارضة. وشهدت القاهرة تطورا آخر على طريق حلحلة الأزمة تمثل في لقاء الرئيس مرسي مع رئيس حزب غد الثورة أيمن نور الذي قال إنهما ناقشا عددا من القضايا، بينها الانتخابات البرلمانية المقبلة والمطالب بتشكيل حكومة إنقاذ وطني، مشيرا إلى أن الرئيس لم يبد موافقة أو رفضا لمطلب تشكيل حكومة جديدة، وقال إنه يفضل مناقشة الأمر في الجلسة المقبلة من الحوار الوطني. ويعتقد المحلل السياسي يسري العزباوي أن ما شهدته القاهرة من لقاءات في اليومين الماضيين يسير في اتجاه إيجابي، لكنه حذر من الإفراط في التفاؤل بسبب الثقة التي أكد أنها ما زالت غائبة بشكل كبير ومؤثر عن مختلف الأطراف. وأضاف العزباوي أن التخوفات ما زالت موجودة لدى الجانبين، وخصوصا جبهة الإنقاذ التي تخشى أن يكون وراء هذا التواصل المفاجئ مناورة تستهدف خلخلة صفوف الجبهة وإحداث انقسام بها، وهو ما بدا أنه قد يحدث فعلا بعد الأنباء التي تحدثت عن احتمال انسحاب مؤسس التيار الشعبي حمدين صباحي من جبهة الإنقاذ. لكن العزباوي يأمل أن تفتح هذه الجلسات غير الرسمية الباب أمام تقريب وجهات النظر بين الجانبين، وأعرب عن اعتقاده بأن المبادرة يجب أن تأتي من الرئيس عبر حوار جاد ومباشر مع قيادات جبهة الإنقاذ، "ولا بأس من تأجيل الانتخابات البرلمانية كي لا تقام في ظل أجواء مشحونة واستقطاب حاد، وهو ما سيعقد الأمر حال حدوثه". ومن جانبه فإن المحلل السياسي بشير عبد الفتاح يعتقد أن لقاءات الساعات الماضية -خاصة لقاء الكتاتني بالبرادعي والبدوي- لا تعدو نوعا من ممارسة السياسة عبر الإعلام، ولا ينتظر أن تؤدي إلى نتائج كبيرة، خاصة أن جبهة الإنقاذ لم تحسم أمرها بعد بشأن المشاركة في الحوار، فضلا عن استمرارها في الحديث عن احتمال مقاطعتها للانتخابات المقبلة. وقال عبد الفتاح إن الأسباب التي تعوق التقارب والتفاهم بين الجانبين ما زالت قائمة وفي مقدمتها غياب الثقة، فضلا عن الخلافات بشأن النائب العام والحكومة وقانون الانتخابات، "كما أن لقاء أيمن نور مع الرئيس لا يمكن التعويل عليه كثيرا، لأن نور لا يمكن اعتباره ممثلا لعموم المعارضة". وخلص عبد الفتاح إلى أنه يخشى من أن تؤدي التطورات الأخيرة إلى ثورة توقعات بشأن نهاية قريبة للأزمة، ثم تكون النهاية في شكل إخفاق جديد يصيب الشارع المصري المنقسم بمزيد من الإحباط.