أمريكا تكره إيران ولا تريدها أن تفلت التحريضات كانت فاضحة و مكشوفة ولاقت تأييدا من وزارة الخارجية الأمريكية ولو بتحفظ، في حين كان التورط البريطاني أثقل بكثير، حيث كشفت وسائل إعلامية غربية عن دعم وإرسال عناصر من منظمة مجاهدي خلق للقيام بعمليات فوضى وتخريب داخل إيران، فضلا عن الدور الإعلامي الذي لعبته كل من "السي أن أن" الأمريكية ومحطة "البي بي سي" البريطانية في تشويه صورة النظام الإيراني وتصويره للعالم على أنه نظام متشدد ومتعصب للضغط عليه، من أجل إيهام الشعب الإيراني بأن أمريكا تقف إلى جانب الشعب الإيراني في مطالبته بحقوقه الديمقراطية . الشيء الملاحظ أن الإدارة الأمريكية لم تصدر أية تصريحات قوية ضد النظام الإيراني، وفي المقابل تحفظ المسؤلون الإيرانيون عن الهجوم العنيف ضد الإدارة الأمريكية وصبوا جام غضبهم على البريطانيين، لا سيما بعد طرد الدبلوماسيين والإعلاميين البريطانيين ، الأمر الذي يبين حسب ما يراه المحللون السياسيون بأنه يوحي بأن الإيرانيين لا يعيرون اهتماما للبريطانيين في لعب دور مهم في صنع سياسة المنطقة، خاصة في ظل التفتح الأمريكي على إيران وإدارة أوباما عازمة بكل قواها أن تتمسك بإيران بغض النظر عن الخلافات مع النظام وعازمة أيضا على تحسين صورتها لدى الشعب الإيراني كصديقة للإيرانيين لتكسب علاقات إستراتيجية ذات أهمية كبيرة لحفظ المصالح الأمريكية كانت قد فقدتها في الثلاثة عقود الأخيرة . ويرى المحللون السياسيون أن الأهمية الاستراتيجية لإيران في السياسة الدولية التي يتصارع فيها الكبار أمر يعرفه كل الساسة الأمريكيون، بدليل النصائح الشهيرة التي قدمها الرئيس الأمريكي السابق هنري كيسنجر لجميع الإدارات الأمريكية والمتمثلة في كسب إيران كحليف لأمريكا بغض النظر عن النظام الحاكم في طهران. ولعل ما حدث في إيران سنة 1953 من خلال تدخل واشنطن لإسقاط مصدق ومعاداة الشعب الإيراني والتي أسفرت عن سقوط أكبر حليف لهم الشاه وصعود الخميني ومعه المد الديني في المنطقة، ليس فقط بين الشيعة بل في الأوساط الإسلامية، كان زلزالا قويا هدد أسواق الطاقة العالمية وهدد أيضا استقرار الأنظمة الصديقة الأخرى لأمريكا في المنطقة. خطاب أوباما الذي وجهه للشعب والحكومة الإيرانيين بمناسبة عيد النيروز الايراني، كان مقصودا بأن يكون تصالحيا مع شعب وحكومة إيران، و بالتالي يرى المراقبون أنه غير ممكن أن يحدث تغيير مفاجيء في هذه السياسة والقيام بمغامرة قد تجعل المصالح الأمريكية على المحك، من حجم انقلاب في الشارع الإيراني على طريقة الانقلاب على مصدق طمعا في السيطرة على مقاليد الحكم بهذه الطريقة. لأنه إذا تورطت إدارة أوباما في عمل كهذا فسيكون تدخلهم غير مباشر من خلال جهات أخرى تقوم بالعملية بالنيابة عنهم وهو الأرجح أن يكون قد حدث بالتنسيق بين الأمريكيين والبريطانيين وحتى الإسرائيليين .