تعتبر ولاية بجاية واحدة من أهم ولايات القطر الجزائري التي لا تزال تتوفر على عدد لا بأس به من الزوايا التي كانت في عصر ازدهارها مرايا عاكسة للنشاط الحضاري الإسلامي ومنبرا من منابر العلم والمعرفة وتخرج من هذه الولاية الرائدة عدة علماء كبار أمثال سعيد ابهلول وعلي شنتير والطاهر الموقراوي والعلامة مولود قاسم نايت بلقاسم والدكتور محند الشريف قاهر والشيخ أبو عبد السلام وأيت علجات وغيرهم . وفي السنوات الأخيرة عرفت هذه الزوايا تقهقرا في دورها، حيث أن تراكم المشاكل المختلفة يجعل استمرار الزوايا في أداء وظيفتها الدينية وبالتالي زوالها أصبح أقرب من أي وقت مضى، حيث لم تبق منها إلا عشر زوايا يقبل عليها حوالي 400 طالب يتمتعون بالنظام الداخلي، بينما قدرت المواسم الماضية عدد الطلبة بأزيد من 1300 طالب، وقد اضطرت إدارة الزوايا إلى تسريح عدد كبير من الطلبة، لاسيما الإناث منهن حيث لم يعد بإمكانها التكفل بهم من جميع النواحي خصوصا الإيواء والإطعام. يعود هذا العجز حسب بعض القائمين على الزوايا إلى تراجع المداخيل المالية لزوايا ومصدرها الوحيدة طبعا هو هبات المحسنين والمتطوعين ويقضي النظام الداخلي للزوايا المفروض على الطلبة أن تكون مصاريف الزاوية من مداخيل أملاكها التي يساهم في خلقها الطلبة. وحسب المصادر التاريخية المطلع عليها فإن الزوايا منذ مئات السنين تعتمد على التمويل الذاتي الذي يقوم على أساس المجهود العضلي للطلبة، حيث يكرسون الفترة الصباحية لاستغلال الأراضي، بينما الفترة المسائية التي تمتد من صلاة العصر إلى ما بعد العشاء، والتي تتحدد من صلاة الفجر إلى إقبال الصباح لحفظ القرآن الكريم والتفسير والفقه وغيرها من المسائل الدراسية ويتكفل إمام المسجد الذي يمثل دور المدير في ضمان الاستغلال العقلاني للعائدات المالية، ويخصص جزء منها لتمويل نشاطات الزاوية والفائض لإطعام الفقراء والمساكين وعابري السبيل واليوم لم تعد الزوايا قادرة على التكفل حتى بنفسها، حيث تعاني نقصا كبير في التمويل . الوضعية المتأزمة للزوايا جعلت إدارتها تضطر إلى رفض التسجيلات وحرمان المئات من الطلبة من الالتحاق بها المعروفة بسمعتها الوطنية والإسلامية. وحسب وثيقة مديرية الشؤون الدينية، فإن الزوايا التي لاتزال تمارس نشاطها بشكل عاد وهي "سيدي سعيد بمسيسنة و سيدي أحمد أويحيى بآملو وسيدي موسى بتيندار وسيدي يحي العبدلي بتاموقرة وسيدي حاج حساين وسيدي يحي موسى بشميني، وسيدي موسى أو يدير بتيفرة وسيدي موفق بصدوق . وسيدي أحمد بسوق أوفلا. وتتمثل الزوايا التي تسعى مديرية الشؤون الدينية ببجاية إلى إحيائها من جديد في زاوية شيخ محند السعيد أو سحنون بازلاتن، والشيخ الحداد بصدوق وسيدي محند أوحداد بتيفرة وسيدي السعيد ازناقن بسمعون وزاوية أو لخضر باقبو إلى جانب زاوية سيدي عبد الرحمان الأيلولي بآقبو وزاوية محند واعلي بن علي شريف بشلاطة وزاوية الشيخ أوبلقاسم.