رغم تبرير النائب سعد الحريري زعيم تيار المستقبل والأكثرية النيابية، عن تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، بعد أن كان قد عرض صيغتها في السابع من شهر سبتمبر على الرئيس اللبناني العماد ميشيل سليمان، إلا أن هناك أبعادا إقليمية ودولية تقف وراء اعتذار الحريري، حيث كان الحريري برر أول أمس، اعتذاره عن تشكيل الحكومة بأنه يرفض تحول رئاسة الجمهورية إلى ما أسماه ب " صندوق بريد يتسلم الأسماء الواردة إلى الأروقة السياسية"، وذلك في إشارة منه إلى تمسك المعارضة بحقها الدستوري في أن يكون لها وحدها حق تسمية وزرائها حتى و لو كانت لاتحظى بقبول رئيس الحكومة المكلف. يرى محللون سياسيون أن هناك خلافا بين مصر والسعودية حول رئاسة الحكومة اللبنانية الجديدة، حيث تفضل مصر رئيس حكومة تصريف الأعمال فؤاد السنيورة للبقاء في مقر رئاسة مجلس الوزراء، فيما تقف السعودية بقوة خلف سعد الحريري ، ويمكن تفسير هذا التناقض الكبير بين أكبر حليفين عربيين للأكثرية النيابية الحاكمة في لبنان، بإعلان الحريري عن نيته زيارة سوريا فور تشكيل الحكومة الجديدة، وهو الأمر الذي لاقى ترحيبا من السعودية التي تحسنت علاقاتها كثيرا مع سوريا في الآونة الأخيرة، بعكس الوضع مع مصر. في حين أن هناك نوابا في حزب الله يتهمون الولاياتالمتحدة بتعطيل صيغة حكومية، لا يكون فيها للأكثرية الثلثين. أيضا هناك مصالح لأطراف داخل لبنان ومصالح لأطراف خارجية، و التي لعبت دورا كبيرا في ضرورة التخلص من المقاومة وإعداد الخطط التنفيذية لذلك. والتقاء المصلحتين يفسر جليا حسب ما يراه المراقبون الدوليون ما جرى على الساحة اللبنانية والمواقف التي رافقتها على الساحتين الإقليمية والدولية. فحزب الله أصبح منظمة إرهابية في نظر الغرب، تستوجب المحاصرة والتصفية، ويجب نزع سلاحه بدلاً من أن يعتبر سلاحاً مشروعاً، حيث أنه وفي إطار هذه الأجواء جرت الانتخابات النيابية التي أكدت صعوبة القضاء على المقاومة، بعد أن فرضت توازناً يصعب كسره. أيضا تغير الوضع بعد الانتخابات اللبنانية الأخيرة لا سيما بعد اللهجة التصالحية التي اتسمت بها تصريحات النائبين سعد الحريري ووليد جنبلاط التي شددت على طي صفحة الماضي، مؤكدة ضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم كل القوى السياسية. حيث كان الحريري قد رد في تصريحاته على تحذيرات إسرائيل، بأن حزب الله سيشارك في العملية السياسية شاء العدو أم أبى في إشارة منه إلى إسرائيل، التي حذرت المسؤولين اللبنانين من مغبة مشاركة نصر الله في الحكومة الجديدة. وهو الأمر الذي أغضب أطرافا داخلية وخارجية، كانت تأمل تشكيل حكومة أغلبية تنفذ البرنامج الانتخابي لفريق 14 مارس وفي المقدمة عدم تشريع المقاومة ونزع سلاح حزب الله واستمرار العداء لسوريا.