تفجيرات العراق الدموية التي وقعت أول أمس بقلب العاصمة بغداد و التي كانت أعنف و أقوى من تفجيرات الأحد و الأربعاء الداميين، تزامنت مع إقرار البرلمان العراقي القانون الانتخابي الجديد، وتحديد السادس من شهر مارس المقبل، موعداً لإجراء الانتخابات. الأمر الذي يوضح جليا أن من يقف وراء هذه المجزرة الفظيعة، بعث برسالة مشفرة إلى الحكومة العراقية المدعومة من طرف واشنطن، مفادها أن العملية السياسية، مرفوضة من جهات عراقية تشارك في الحكم . ويرى المحللون السياسيون أن هذه التفجيرات الأخيرة الدامية و سابقتها، التي استهدفت بالأخص مقرات للوزارات في العاصمة العراقية، تقف وراءها أطراف بارزة من الحكومة الحالية ، من أجل تمرير أجنداتها الخاصة، بدليل أن هذه التفجيرات لايمكن أن تتم في العاصمة بغداد التي تعتبر أكثر المناطق المؤمنة و المحصنة ، لولا وجود تنسيق مع جهات مشاركة في السلطة و أطراف خارجية . الملاحظ في التفجيرات الأخيرة، أنها استهدفت تحديدا للوزارات، فضلا على أنها تختلف عن تلك التفجيرات التي كانت تنسب للقاعدة، و هو ما بعني . حسب ما يراه المراقبون السياسيون، أن هذه المجازر الدموية تقوم بها جهات قوية، لها سطوة وتأثير كبير داخل العراق، ناهيك عن وجود جهات خارجية داعمه لها. بهدف إبراز فشل و عجز حكومة المالكي في نشر الأمن و الاستقرار داخل العراق. و بالتالي الجهة التي تقف وراء هذه التفجيرات العنيفة تريد أن تقول للنخب السياسية العراقية المشاركة في السلطة، أن ما تم عليه مؤخرا فيما يخص تحديد موعد الانتخابات وكذا مصادقة مجلس النواب العراقي على تعديل قانون الانتخابات البرلمانية. لا يحظى بمباركة جهات عراقية لها نفوذها في السلطة . فالتفجيرات الإجرامية الأخيرة التي تصاعدت وتيرتها بشكل مذهل، و التي استهدفت تحديدا مباني للوزارات و مقرات حكومية في بغداد، يرى فيها المحللون السياسيون أن جهات سياسية نافذة في الحكم تمتلك ميليشيات مسلحة متورطة فيها وذلك بسبب العملية الانتخابية و كذا تصفية الحسابات بين أطراف العملية السياسية، لا سيما بعد النتائج التي أفرزتها انتخابات المجالس المحلية وتدني شعبية بعض الأحزاب " الميليشيات" المعروفة. بالإضافة إلى الأحزاب الكردية المتهمة هي الأخرى بالوقوف وراء هذه الجرائم البشعة التي تستغل دماء المدنيين العراقيين للوصول إلى أهدافها، خاصة و أنها تسعى إلى إضعاف حكومة المالكي وابتزازها للحصول على مكاسب في كركوك الغنية بالنفط أكثر المناطق المتنازع عليها و التي يطالب بها الأكراد إلى ضمها لإقليم كردستان، فضلا عن وجود جهات معينة ، لا يناسبها انسحاب الاحتلال الأمريكي، لأن بقاءها سيكون مرهونا بتهديد المقاومة العراقية لها . إن توقيت الانفجارات الأخيرة ، و أسلوب التخطيط الذي أستخدم فيها، من خلال حصيلة القتلى التي قدرت بالمئات، فضلا عن العدد الهائل من الجرحى، تدل على أن هذه التفجيرات ليست من أفعال عصابات ولا متمردين، بل هي أفعال تنتسب إلى حكومات و أجهزة استخبارات و قوى مدعومة من دول و مخابرات أجنبية لا سيما أمريكا و إسرائيل باعتبارهما المستفيدتان بالدرجة الأولى من خيرات العراق ، الذي أصبح مرتعا لحرب أهلية بين مختلف أطيافه .