ما زالت بعض الأصوات الإعلامية تلوك سيرة مصر، وكأنها مصير محتوم، علينا تناولها مع قهوة الصباح وحين الغداء وحين العشاء ونشربها قبل النوم، لذا بات الحديث عن كل ما يتعلق بمصر ليس مقززا فقط، بل مثيرا للغثيان. فكلما فتحنا جريدة يطل علينا مبارك في الصفحة الأولى، حتى تصبح أخي القارئ تتخيل هذا "المبارك" يضحك عليك "ويقول لك".. "أنا مصري، إنت مين"، الأكيد أنك ستصيح بأعلى صوتك "اخطيني"، والناس من حولك سيقولون إنك مجنون. وحين تقلب الصفحة الوطنية لتنتقل إلى الصفحة الإقتصادية، يضربك مواطن مصري بقارورة غاز على "نفوخك"، لأنك ستقرأ أن الجزائر هي المتسببة في أزمة الغاز في مصر. وأنت تعالج جبهتك من تلة بدأت تعلو من أثر الضربة، تفتح الصفحة الرياضية، فيطل عليك حسن شحاتة وهو يحتضن الحكم كوفي كوجيا ويقول له "يا حبيبي"، وكوجيا يقول له "يا معلم"، وكلاهما ينظر إليك نظرة استهزاء، فلا تتمالك نفسك فتلعنهما بكلام مشين، فتلتفت إليك إحداهن لتقول لك "ماشي مربي"، حينها لا تجد نفسك إلا وأنت متسللا لترتاح في الصفحة الثقافية، فتجد صورة الروائي المصري يوسف زيدان الذي كتب مقالا شتم فيه الجزائريين ولم يترك فيهم لا شرف ولا هم يحزنون، فتتخيله يقول لك وهو يضحك "أنت عن جد تصدق أني اعتذرت للڤزاير يا عبيط"، فلا تشعر إلا وأنت تبصق على الصورة.. "تفوه"، فيتطاير الرذاذ من فمك. لتدخل في الصفحة الفنية، فتجد ليلى علوي لابسة من غير هدوم، فتكاد عينيك تخرجان من مقلتيهما، ولا تشعر بنفسك إلا وصفعة تخرج من الجريدة لتقول لك علوي "إيه ده إيه ده، ما تختشي يا ولد". وبعد مدة من الزمن، سيقول لك الطبيب أنت مصاب بالسكري والضغط وتصلب الشرايين، اذا.. "انسى الهم ينساك".