– خطر حقيقي يُحدق بحياة 6500 ساكن- – 600 عمارة هشّة مصنّفة في الخانة الحمراء لازالت آهلة بالسكان- – رؤوس المارة لم تسلم من انهيار أجزاء من المباني في أي لحظة- تسود هذه الأيام بمدينة وهران حالة من الرعب والخوف لدى سكان البنايات الهشّة، بعد أن تم تسجيل انهيارات في مختلف الأحياء العتيقة، لاسيما المباني القديمة التي من المفترض أنها مصنّفة ضمن الخانة الحمراء للمباني الآيلة للسقوط. في وهران، يتوجّس مواطنون أثناء مرورهم تحت تلك المباني القديمة، مخافة انهيار مفاجئ لإحدى الشرفات وبات هذا السيناريو يتكرّر من حين لآخر في ظل اهتراء بعضها، كان سببها انهيارات جزئية في هذه العمارات، أو سقوط شرفاتها على المارة. في بعض الشوارع القديمة في مدينة وهران، يمكن أن ينهار جزءٌ من المباني فوق رؤوس المارة في أي لحظة، بسبب قدمها من جهة وانعدام الصيانة من جهة أخرى. ورغم أن الحكومة خصّصت مبالغ مالية كبيرة بهدف الترميم، إلا أن كثيرين يتّهمون المسؤولين بالفساد في ظل تكرار حوادث انهيار المباني التي تعود بمعظمها إلى فترتي العهد العثماني والاستعمار الفرنسي. ففي يوم السبت الماضي، حدث انهيار جزئي لسقف غرفة متواجدة بالطابق الثاني ببناية هشّة في حي المنظر الجميل "بيلار" بشارع هواري بالهواري، بالإضافة إلى تشقّق على مستوى حائط مطبخ بالطابق الأول، جرّاء الهزّة الأرضية التي سجلت بولاية وهران في ذلك اليوم بقوة 3.5 على سلم ريشتر. العمارة التي تقطنها 27 عائلة بها أطفال وشيوخ طالبوا بحقهم في الإسكان ضمن البرامج السكنية المختلفة التي تقام بالولاية، فيما أكد السكان، أن العمارة مصنّفة بالخانة الحمراء منذ سنة 2014، وأضافوا أن آخر زيارة للجنة الإحصاء كانت سنة 2017 ومنذ تلك الفترة لم يزرهم أي مسؤول أو لجنة ولم يتم حتى إعلامهم بموعد لمنحهم سكنات تقيهم من خطر "الموت" المحدق بهم وبأطفالهم على حد تعبيرهم، علما أن الانهيار كان من الممكن أن يخلّف ضحايا بالنظر إلى حجم الصخور التي تساقطت من السقف، بينما ساد الرعب كل السكان المتخوّفين من انهيارات أخرى بسبب الهزّة وتصدّع البناية. وبحي البلاطو، انهارت عمارة قبل أسبوع تقطنها 18 عائلة ولحسن الحظ لم يخلّف سقوطها قتلى. وسبّب قبل أسبوعين سقوط جدار ببناية "الحوش" بشارع سردوك بحي المقراني بوسط مدينة وهران، إقدام قاطنيه على غلق طريق الترامواي بمحاذاة مقر الأمن الولائي، احتجاجا على انهيار بنايتهم بسبب الأمطار الغزيرة التي تساقطت على المدينة . وطالب السكان السلطات المحلية بالالتفات إلى حالتهم المزرية وضرورة ترحيلهم إلى سكنات لائقة، حيث اشتكوا عدم إدراجهم في قوائم المرحّلين من السكنات الهشّة، رغم أن بنايتهم كانت مهدّدة بالانهيار بعدما تآكلت جدرانها وسقطت أجزاء منها. -السكان يستعجلون الترحيل خوفا من الموت تحت الأنقاض- ناشد قاطنو البنايات الهشّة حي سيدي الهواري القديم ببلدية وهران، السلطات الولائية، وعلى رأسها الوالي ، التدخل لترحيلهم بصفة مستعجلة، نحو سكنات لائقة وانتشالهم من الغبن وخطر الموت تحت الانقاض، حيث تعرف سكناتهم انهيارات جزئية، طالت الشرفات والسلالم والواجهات، خاصة مع الأمطار التي عرفتها الولاية خلال الأيام الأخيرة. حيث طالبت عائلات تقطن بالبناية رقم 17 و28 حي فراد قراب، وعمارة رقم 14 حي خديم مصطفى بسيدي الهواري، ترحيلها إلى مساكن لائقة، حيث تقطن هذه العائلات داخل مساكن عرفت عدة انهيارات جزئية للأسقف والشرفات، حيث تنقلت "الوطني" إلى الحي، الذي تحوّل جزء كبير منه إلى أنقاض، بعد عمليات ترحيل متتالية، لا تزال حيثياتها تطرح عدة تساؤلات حول سبب الإبقاء على بعض العائلات داخل بيوت غير صالحة للعيش. وأكد مواطنون في الحي، خطورة وضع هذه البنايات نتيجة الانهيارات الجزئية التي تعرفها، ولفتوا إلى أن الخطورة الناجمة عن الانهيارات باتت تهدّد حياة القاطنين في العمارات، بسبب التصدّعات، حيث أكدوا أن المجالس البلدية المتعاقبة لم تعمل على إيجاد حل جذري لمشكلة الحي العتيق.
-سكان حي الدرب يعيشون الوضع نفسه- نفس الإشكال يعرفه حي الدرب الذي تعرّضت معظم مبانيه لانهيارات السلالم، وانهيارات جزئية في الأسقف، مما يهدّد حياة السكان، وقد عرف الحي عدة عمليات ترحيل منذ سنة 2005، إلاّ أن البرنامج لم يتم استكماله، وتمّ تأجيل العملية إلى أجل غير معلوم – حسبهم. ودعا قاطنو البنايات الآيلة للسقوط إلى تدخّل والي وهران شخصيا للوقوف على معاناتهم وترحيلهم. فبمجرد الوقوف على الطابق الأوّل لبناية قديمة، يقابلك انهيارات سلالمها وجزء كبير من أسقف المنازل. ويعبّر المواطنون عن استيائهم الشديد اتجاه ما وصفوه ب"الحالة الكارثية" التي آلت إليها سكناتهم التي تعاني الهشاشة والاهتراء الشديد، نظرا للتآكل الذي طالها، ليصبح بذلك الموت يهدّد حياتهم، في ظل صمت الوصاية، وسلسلة المراسلات الإدارية التي جعلتها حبيسة أدراج المصالح البلدية والولائية المكلّفة بدراستها. ولا يختلف الوضع كثيرا عما تشهده باقي الأحياء؛ حيث انهارت سلالم عدة مباني قديمة وانهارت معها الأسقف رغم تدخّل مصالح ديوان الترقية والتسيير العقاري، التي قامت بإعادة بناء بعض السلالم بالخشب، غير أنّ ذلك لم يمنع من وقوع انهيارات جزئية. وتحوّلت بعض مباني حي الدرب العتيق إلى شبه فخاخ على السكان، بفعل الانهيارات المتكرّرة فوق رؤوس السكان. وأكّد المواطنون أنّهم يعيشون على الأعصاب جراء وضعية السكنات، فيما لجأ معظمهم إلى تفادي بقاء أبنائهم بالمباني القديمة بإرسالهم للمبيت عند الأقارب؛ خوفا من انهيارات قد تخلّف ضحايا. وتتعاظم المشاكل مع حلول فصل الشتاء، بحيث تتجدّد معاناة قاطني العمارات القديمة، لاسيما بالنسبة لتلك التي تعاني من تصدّع أساساتها وانهيار أجزاء من جدرانها وشرفاتها، والتي تنتظر أدوارها في عمليات الترميم أو الترحيل إلى سكنات لائقة تفادياً لوقوع خسائر مادية وبشرية. -600 عمارة هشّة مصنّفة في الخانة الحمراء- أكد والي ولاية وهران "مسعود جاري"، أنه قد تمّ إحصاء 600 عمارة هشّة مصنّفة في الخانة الحمراء وتشكّل خطرا حقيقيا على قاطنيها الذين تم تقدير عددهم ب 6500 ساكن، وهم الذين سيتم ترحيلهم إلى سكنات جديدة قريبا بالنسبة للذين تم وضعهم في برنامج الإسكان وفق البرامج المتاحة في الفترة الحالية، أما البقية فسيتم العمل على إعادة إسكانهم في القريب العاجل وهو ما تعمل عليه السلطات الولائية، من خلال الجهود التي تقوم بها مع مختلف المصالح. -جزء من المسؤولية تتحمّله السلطات- بحسب المختصّين في القطاع العمراني، فإن "ثقافة الصيانة غائبة كثيراً على مستوى الأحياء السكنية في الجزائر، وهناك جزء من المسؤولية تتحمّله السلطات، لكن هناك جزءا آخر من المسؤولية يتحمّله السكان، حيث يتعمّد السواد الأعظم منهم إلى تحويل الطابق الأرضي للمباني إلى مكب للنفايات أو أماكن لوضع الأثاث القديم. وفي بعض المباني، ومع توسّع عدد أفراد الأسرة، هناك من يلجأ إلى تشييد بناء فوضوي على أسطح المباني، وهو ما حدث لعشرات المباني في قلب مدينة وهران، أو استغلال الفضاء الصغير في الطوابق الأرضية، من دون الانتباه إلى المنشآت". وفي الأول من ديسمبر الماضي، أعلنت الهيئة الوطنية للرقابة التقنية الكشف على أكثر من 380 ألف مبنى في غضون العشرين عاماً الأخيرة، شملت كبرى المدن منها وهران في إطار عمليات ترميم الأبنية القديمة التي أطلقتها السلطات. وتشمل مهام الهيئة مساعدة مكاتب الدراسات لأجل إيجاد حلول ترميم بنيوية ومقاومة للطوارئ الطبيعية، مثل الزلازل، كما تدرس هذه اللجنة إعداد دفتر شروط متعلّق بأشغال الترميم، من شأنه فرض أعمال تحترم البيئة، بغية السماح للهيئة الوطنية للرقابة التقنية بالحصول على مزيد من الصلاحيات وجلب مهارتها في الميدان. وفي العادة، تشمل عملية الترميم واجهات وسلالم وأقبية العمارات القديمة، وتجري طبقاً لقانون صدر عام 2004 المتعلق بالتهيئة والتعمير، وتهدف إلى الإبقاء على المعالم.