ارتفعت مؤخرا حُمّى الإقبال على وكالات تشغيل الشباب، لإيداع ملفات التشغيل أوملفات إنشاء مؤسسات صغيرة ومتوسطة، وبات لزاما على الشباب الراغب في الظفر بفرصة إيداع الملف، الإصطفاف باكرا قرب أبواب هذه الوكالات، كما هوالخال في وهرانوتلمسان وغيرها من مدن الغرب الجزائري،وبالنظر إلى حجم التوافد، يتوهم البعض أن الملفات متنوعة، وتحمل العديد من المقترحات الهادفة إلى إنشاء مؤسسات منتجة، لكن حقيقة الوضع، أن حوالي 70 بالمائة، من هذه الملفات، يصبوأصحابها إلى إنشاء وكالات لكراء السيارات، أوالحصول على سيارات لنقل البضائع، الأمرالذي يؤكد أن غالبيتها تهم قطاع الخدمات لا الإنتاج، وهوما يؤشر على أن هنالك شبه توجيه لرغبات الشباب لقطاع المركبات، وهو القطاع الذي شهد انتكاسة كبيرة مع وقف العمل بالقرض الإستهلاكي، مما يوحي بأن عملية التوجيه هذه لا تخدم لا شبابنا البطال ولا واقع التنمية في الجزائر. وسنستعرض اليوم لواقع هذا القطاع في تلمسان، ونذكر بالمناسبة، أن محكمة الجنايات لمجلس قضاء تلمسان قذ فصلت نهاية الأسبوع الماضي في قضية التزوير والنصب وإنتحال الصفة، الخاصة بملف الوكالة الولائية لدعم تشغيل الشباب، التي تورط فيها 32 متهما من موظفين في الوكالة والبنوك وبلدية وولاية تلمسان، فيما سمي بالحكومة الموازية، التي إعتمدت على تسوية ملفات التشغيل بطريقة مثيرة، بلغت قيمتها المالية 40 مليار سنتيم، وقد صدر حكم على المتهم الرئيسي فيها ب12 سنة سجنا نافذا، هذه القضية فتحت ملفا آخر لدى الرأي العام، يتعلق بالطرق المتبعة في التشغيل والمصادقة على الملفات، سواء من طرف اللجنة الولائية، أو من لدن الوكالات البنكية، فقد صادقت اللجنة الولائية لتمويل المشاريع الخاصة بوكالة دعم تشغيل الشباب في الآونة الأخيرة، على نحو 300 ملف، تتعلق بمشاريع متعددة، غالبيتها من مشاريع الخدمات التي تصب في تنمية "بازار" التشغيل، أبرزها وكالات لتأجير السيارات، حيث تتلقى هذه اللجنة، 200 ملف يوميا، بينما تستقبل الوكالة قرابة ألف شباب يوميا، وباستثناء بعض المقاولات الخاصة بأشغال محدودة في قطاع الغابات مثلا، والأشغال، فإن غالبية المشاريع تتركز على قطاع الخدمات، مع التغييب الواضح لكافة المشاريع المرتبطة بالقطاع الفلاحي، خصوصا تلك الخاصة بتربية المواشي والإنتاج الفلاحي، ووحدات الإنتاج، مما سيحول السوق المحلية إلى مجرد بازار حقيقي، خصوصا مع تنامي مشاريع وكالات تأجير السيارات، وتشير بعض المصادر المحلية، إلى أن شكوكا حادة بدأت تطرحها بعض الجهات المعنية بالمراقبة، بشأن خلفية التركيز على مشاريع وكالات تأجير السيارات، وعلاقتها بوكالات بيع السيارات من مختلف الأنواع، وتثار الشكوك في الوقت الراهن، بشأن العلاقة بين تزايد الطلب على وكالات تأجير هذه السيارات، ووكالات بيع السيارات المتعددة، وعلاقتها بتسريع وتيرة هذه المشاريع، التي لن تختلف عما حدث مع قضية "الكارسانات"، في مقابل هذه الوضعية التي تثير جدلا واسعا حول غياب الأهداف الحقيقية والناجعة للتشغيل فيما تعلق بالملفات المصادق عليها، وتلك المودعة بغرض الدراسة، وما يزيد من غضب الشباب على وجه الخصوص، أن المشاريع ذات الإنتاج، تبقى رهن الإنتظار، خاصة ما تعلق منها بالقطاع الفلاحي والإنتاج الحيواني، وفي هذه الصدد، تشير مصادر مختلفة، إلى تكدس ملفات دعم التشغيل الخاصة بتربية المواشي والأبقار، بعضها لم تتم دراسته من طرف اللجنة الولائية، والبعض الآخر تمت دراسته وتعرض للتجميد من طرف مختلف الوكالات البنكية، خصوصا وكالة بنك الفلاحة والتنمية الريفية بسبدو، مقابل إعتماد مشاريع يصفها البعض بأنها مشاريع "البريستيج" في التشغيل، التي تعتمد على الخدمات لفئة معينة من المجتمع وأبناء المسؤولين أو الطبقات الثرية، في وقت يتم فيه إبعاد ملفات التشغيل الخاصة بشباب المناطق المجاورة، خاصة بجنوب الولاية، أين تم وقف أي دعم للنشاطات الفلاحية وتربية المواشي، وبرغم التعليمات التي تشدد على دعم القطاع الفلاحي والإنتاج الحيواني، فان ملفات دعم تشغيل الشباب، تسيروفق رغبات وتوجهات لا علاقة لها بمتطلبات السوق المحلية والوطنية، وهذا ما يبعث القلق لدى مئات الشباب الذين يصطفون يوميا أمام مقرالوكالة بتلمسان، في طوابير لا تنتهي، بينما يمكن تسهيل العملية بفتح ملحقات بالدوائرالكبرى، كما أن الفصل في تسوية ملفات تربية الماشية، والأخرى المرتبطة بالقطاع الفلاحي، مازال محل تردد، وخاضعا لمزاج مسؤولي البنوك، مع الشروط التعجيزية التي يطرحونها أمام الشباب، في وقت تشرف هذه البنوك على تسوية الطلبات الخاصة بقطاع الخدمات بشكل عاجل.