بدأ يتأكد ما ذهب إليه العديد من المحللين والمتتبعين لتطورات الأوضاع في العالم العربي، وبالأخص لما يُسمّى ب "الربيع العربي"، من أن مرامي هذا "الربيع"، هو تحقيق انفتاح كبير مع الصهاينة، تحت مسمّيات الديموقراطية، هذه الديموقراطية التي تُجهز بحسب المخطط لوقف سريان دم العروبة في شرايين الوطن العربي، وفسح المجال للصهيونية العربية الجديدة المتآلفة مع الصهيونية العالمية، والتي لبست هذه المرة رداء وعباءة الإسلاميين، لرفع ما تبقى من حواجز في وجه التطبيع الكامل مع إسرائيل، مع تحييد واستبعاد الحقوق والمطالب التاريخية للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة . فبعد أن شكّل الإسلاميون منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2011 الهدف الرئيسي الذي تتوجب محاربته من قبل أمريكا والعالم، تحت مسميات "الإرهاب الدولي"، هاهي القوى الغربية الصهيونية تنجح في توظيف الإسلاميين لخدمة مشروعها الهادف، إلى تركيع الشعوب الإسلامية والعربية بالخصوص، وضمان أمن وهيمنة الحليفة التقليدية "إسرائيل"، ومن ثمة فتح القنوات لسلب ونهب ثروات الشعوب العربية والإسلامية، خاصة في ظلّ الأزمة الإقتصادية والمالية الخانقة التي تضرب الدول الغربية وأمريكا، وفي هذا السياق، قالت إذاعة "صوت إسرائيل "إن رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بن كيران وزعيم حزب العدالة والتنمية مُمثل تيار الإخوان في المغرب، أدلى رفقة زعيم حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي بتصريحات صحافية لمندوب الإذاعة الإسرائيلية، خلال مشاركة الغنوشي وبن كيران في منتدى دافوس بسويسرا. وجاء في الموقع الالكتروني الإخباري "عربيل" التابع لإذاعة "صوت إسرائيل"، مساء الجمعة، أن رئيس الحكومة المغربية الجديدة عبد الإله بن كيران، الذي يقود حزب العدالة والتنمية، وزعيم حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي، وكلاهما من تيار الإخوان المسلمين، قد أدليا بتصريحات صحافية لمبعوث الإذاعة الإسرائيلية، وهي التصريحات التي جرى بثها على الهواء مباشرة في إسرائيل. وتناولت تصريحات قادة الإخوان في تونس والمغرب قضية الملف الفلسطيني، حيث قال الغنوشي حين سئل عن موقفه من النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، أنه "على الفلسطينيين أن يختاروا بأنفسهم مستقبل علاقاتهم مع إسرائيل"، معبرا في نفس الوقت عن استعداد تونس لإقامة علاقات مع إسرائيل في حالة التوصل لاتفاق مع الفلسطينيين. وقالت الإذاعة الإسرائيلية إن رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بن كيران، أبدى هو الآخر نفس الموقف تقريبا. وتعكس مجرد موافقة زعيمي تيار الإخوان المسلمين في تونس والمغرب على الإدلاء بتصريحات إعلامية لوسيلة إعلام صهيونية، وجود بوادر ومؤشرات للتطبيع الشامل والكلي بين زعماء تيار الإخوان المسلمين في الدول العربية وبين إسرائيل، من خلال الشروع في إقامة تطبيع إعلامي تحت غطاء التصريحات الصحافية. ومن البديهي أن أي تطبيع لا بُدّ أن يمرّ عبر ربط قنوات اتصال غالبا ما تكون إعلامية، أو تجارية، أو خدماتية، تمهدّ للإعلان الصريح عن التطبيع الكامل ولو على حساب الشعب الفلسطيني، والأمر هنا لا يقتصر على إسلاميي منطقة المغرب العربي، وبعض بلدان الشرق الأوسط، بل تعدّاه إلى بعض الحركات الإسلامية الفلسطينية، التي باتت تهرول من أجل ضمان موقعها في خارطة التطبيع الجديدة، والحال كذلك فلا يُمكن استبعاد بعض الحركات الإسلامية عندنا في الجزائر والتي سوف لن تخرج عن خطّ ومسار أخواتها في المشرق والمغرب العربي.