أسدل الستار عن البطولة الوطنية في موسمها الاحترافي الثاني، غير أنه لا شيء يوحي بأن الساحرة المستديرة في بلادنا ستشق طريقها نحو عالم الاحتراف بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، حيث جاءت بطولة هذا الموسم مثقلة بمشاكل وأخطاء وهفوات لم نعهدها حتى في زمن الهواية، ولعل أبرز ما يعكس فشل تجسيد المشروع الاحترافي عندنا، هو ذلك الرقم الخرافي لعدد المدربين الذين تعاقبوا على أندية الرابطة المحترفة الأولى، والمقدر ب47 مدربا ما بين محلي وأجنبي، وهو رقم اعتبره المختصون مرعب بكل المقاييس، كونه لا يتلاءم مع عدد الأندية الناشطة في حظيرة النخبة المقدر ب 16 ناديا. يرى المختصون بأن الموسم الكروي المنصرم أسس فعلا وقولا لمبدأ اسمه الانحطاط الكروي، ذلك أن الأندية الكروية الجزائرية عجزت عن تكريس قانون الاحتراف على أرض الواقع، وهو الأمر الذي ترجمه المستوى المتدني الذي ظهرت به جل الفرق في بطولة هذا الموسم، وانعكس ذلك على نتائجها التي كانت مخيبة في أحسن الأحوال، ما دفع القائمين على شؤونها للإسراع في إيجاد كبش الفداء، الذي غالبا ما يكون المدرب الذي يدفع دائما وأبدا فاتورة قد لا يكون مسؤولا عنها في غالب الأحيان، وهي السياسة التي أصبحت سنة مؤكدة وتقليدا متعارفا عليه لدى رؤساء الأندية الجزائرية. العميد يحطم الرقم القياسي في عدد المدربين الاستقرار على مستوى الطاقم الفني في الأندية الجزائرية هي معادلة دخلت حيز المستحيل عندنا، ولم تعد الفرق الناشطة في البطولة الوطنية بقسميها الأول والثاني المحترف قادرة على حفظ توازنها، من خلال استكمال مشوارها طيلة موسم كروي واحد بطاقم تدريبي ثابت، ولنا أن نستشهد في هذا المقام بعميد الأندية مولودية الجزائر، الذي حطم الرقم القياسي في عدد المدربين الذين تعاقبوا على عارضته الفنية، بعد أن انتدب 5 مدربين في موسم واحد، فكان أولهم عبد الحق منقلاتي ثم تلاه مدرب الخضر سابقا عبد الحق بن شيخة، بعدها جاء الدور على الفرنسي فرانسوا براتشي الذي فشل بدوره في وضع حد لسلسلة النتائج المخيبة، التي عانى منها الفريق فاسحا المجال للمدرب الشاب كمال بوهلال الملقب بصاحب المهام الانتحارية، هذا الأخير وعلى الرغم من أنه نجح في إعادة المولودية من بعيد، إلا أنه فضل الانسحاب من العارضة الفنية للعميد بعد مباراة العار، التي جمعت فريقه بالغريم التقليدي اتحاد الجزائر التي انهزموا فيها بثلاثية نظيفة، ليخلفه عبد الكريم بيرة في آخر 3 جولات. الاستقرار عنوان للنجاح الأندية التي برزت خلال بطولة هذا الموسم، أغلبها شهدت استقرار على مستوى الطاقم الفني، على غرار كل من وفاق سطيف الذي نجح في التتويج بلقبي البطولة والكأس، وهو الذي لم يستعن سوى بمدربين هما الفرنسي كاستيلان والسويسري ألان غيغر، كما أن شبيبة بجاية بدورها استطاعت أن تحقق نتائج باهرة خلال بطولة هذا الموسم بمدربين أيضا، فضلا عن فريق جمعية الشلف الممثل الوحيد للكرة الجزائرية في المنافسات الإفريقية. المدرب الأجنبي تفوق على نظيره المحلي وتمكن المدرب الأجنبي من التفوق على نظيره المحلي في الموسم الكروي الحالي، بعد أن استطاع المدرب السويسري ألان غيغر من قيادة الوفاق السطايفي إلى انجاز كبير، بعد أن توج رفقته بلقبي الكأس والبطولة المحليين، وهو انجاز يحسب للتقني السويسري الذي استطاع أن يعيد النسر الأسود إلى الواجهة من جديد، وذلك من خلال الصرامة والجدية في العمل التي أبانها منذ التحاقه بالفريق خلفا للفرنسي كاستيلان. وبدوره برز الفرنسي ألان ميشال رفقة شبيبة بجاية وقاده إلى تحقيق نتائج باهرة، مكنته من مقارعة كبار الفرق المحلية على غرار وفاق سطيف، اتحاد الجزائر، شباب بلوزداد، ترجمها في الأخير باقتناص الوصافة من أبناء سوسطارة، في آخر جولة من عمر بطولة الرابطة المحترفة الأولى. البطولة الجزائرية بوابة الأجانب نحو النجومية ونجح المدربون الأجانب من اتخاذ البطولة الجزائرية كمركز عبور نحو أندية وفرق خليجية وحتى فرنسية، فتحول بعض المدربين المغمورين إلى نجوم تتهاطل عليهم العروض من كل حدب وصوب، وارتفعت أسهمهم في بورصة التنقلات الخاصة بالمدربين، ولعل أبرز هؤلاء هو السويسري ألان غيغر الذي درب الوفاق السطايفي هذا الموسم، ونجح بعد تتويجه مع أبناء الكحلة والبيضاء من لفت أنظار عديد الأندية الخليجية والفرنسية، ومن جانبه نجح الفرنسي ألان ميشال أن يصنع له اسما عبر بوابة البطولة الجزائرية، وارتفعت أسهمه في سوق الانتقالات وغيرهم كثر ممن تعاقبوا على البطولة الوطنية، وتمكنوا من شق طريقهم نحو النجومية.