الصحة العالمية تحيي يوم الملاريا العالمي السبت المقبل نصف سكان العالم في 97 دولة معرضون للإصابة بالداء
تحيي منظمة الصحة العالمية بعد غد السبت اليوم لعالمي للملاريا تحت شعار "استثمروا في المستقبل .. واهزموا الملاريا"، وتدعو خلاله إلى قطع إلتزام بشأن تكوين رؤية عن عالم خال من الملاريا. ويشير تقرير منظمة الصحة العالمية إلى انخفاض عدد ضحايا مرض الملاريا بنسبة 47 بالمائة خلال الفترة ما بين عامي 2000 – 2013 في العالم أجمع، وبنسبة 54 بالمائة في أفريقيا، مما يعكس الأهداف والغايات الطموحة المبينة في مسودة استراتيجية ما بعد عام 2015، حيث تهدف الاستراتيجية الجديدة إلى التقليل من حالات الملاريا والوفيات الناجمة عنها بنسبة 90 بالمائة بحلول عام 2030 عن مستوياتها الحالية، بعد أن تم الإعلان في العقد الماضي على خلو أربعة بلدان من الملاريا، وتحدد استراتيجية ما بعد عام 2015 هدف القضاء على هذا المرض في 35 بلدا آخر بحلول عام 2030. وكانت جمعية الصحة العالمية قد أقرت في دورتها ال 60 في ماي عام 2007، باعتماد يوم 25 أفريل للاحتفال بيوم الملاريا العالمي، وهو يهدف إلى فهم الملاريا ونشر المعلومات حول تنفيذ استراتيجيات مكافحة الملاريا الوطنية، بما في ذلك الأنشطة المجتمعية للوقاية منها وعلاج المناطق الموبوءة
ما هو مرض الملاريا؟
الملاريا هي مرض معد يتسبب في حدوث كائن طفيلي يسمى (البلازموديوم المتصورة)، ينتقل عن طريق البعوض ويتسلل هذا الطفيلي داخل كريات الدم الحمراء في جسم الإنسان فيدمرها، ويترافق ذلك مع مجموعة من الأعراض أهمها الحمى، فقر الدم، وتضخم الطحال. أسباب الإصابة
ينتشر هذا المرض في بلدان العالم الثالث وينتقل إلى الأطفال عبر أكثر من طريقة أهمها البعوض الذي يكثر بعد هطول الأمطار وخاصة في المناطق التي لا يوجد فيها تصريف صحي لمياه الأمطار والمجاري، والملاريا مرض خطير وقد يؤدي إلى الوفاة أو مضاعفات كثيرة إن لم يتم علاجه، وعندما تلدغ البعوضة شخصا مصاب بالملاريا فإنها تمتص كمية معينة من دمه، حيث يصل الطفيل الموجود في دم المريض إلى معدة البعوضة، حيث يتكاثر هناك ومن ثم ينتقل إلى غدد لعابها وعندما تلدغ هذه البعوضة شخصا آخر غير مصاب بالمرض، فإنها تنقل الطفيل من غدة لعابها إلى دم الشخص الذي لدغته، حيث يصل الطفيل إلى كبد الشخص المصاب ويتكاثر هناك، بعد مدة من الزمن يعود الطفيل من الكبد إلى الدم ويدخل إلى خلايا الدم الحمراء فيقوم بعملية التكاثر فيها ويدمرها، وفي بعض الحالات نجد أن الطفيل يظل في حالة خمون وعدم نشاط في الكبد لفترة طويلة من الزمن ثم ينشط ويسبب انتكاسة. كما توجد وسائل أخرى لنقل المرض عن طريق المرأة الحامل يمكن أن تنقل المرض لطفلها في الرحم، كذلك ينتقل المرض عن طريق نقل الدم، التواجد في المناطق التي تكون فيها الملاريا وباء. ويمنع الأشخاص الذين سبق لهم التواجد في المناطق الموبوءة بالملاريا أو المقيمون إقامة دائمة في تلك المناطق أو الذين سبق أن تلقوا علاجا لمرض الملاريا من التبرع بالدم لمدة سنة بعد عودتهم أو انتقالهم من تلك المناطق أو التوقف عن أخذ الدواء.
أعراض المرض
تختلف فترة الحضانة ما بين دخول الطفيلي إلى جسم المريض وظهور أعراض المرض بحسب نوع الطفيلي، وفي أغلب الحالات يتراوح بين 7 إلى 30 يوما، وعدوى الملاريا عموما تتميز بالعلامات والأعراض التالية: – حمي متوسطة أو حادة. – ارتفاع درجة حرارة الجسم. – عرق غزير بعد انخفاض درجة الحرارة. – الشعور العام بالتعب وعدم الارتياح. وهنالك أعراض وعلامات أخرى وتشمل: صداع، غثيان وقيء وإسهال. تطور المرض
تمر الحمى بثلاث مراحل أولا الارتعاش ثم ارتفاع في درجة الحرارة والتي قد تصل إلى 40 درجة مئوية، ثم عرق مصحوب بانخفاض في درجة الحرارة، وتتكرر الدورة كلما حدث تكسر لخلايا الدم الأحمر بفعل طفيل الملاريا. والإصابة بالملاريا في كثير من الأحيان في البداية يبدو وكأنه يشبه الأنفلونزا أو بعض الأمراض الفيروسية الأخرى، ويجب التنبه إذا ظهرت أعراض المرض مصحوب بارتفاع بدرجة الحرارة وخاصة إذا كانت هناك إقامة في المناطق التي ينتشر بها الوباء لذلك يجب الرجوع إلى الطبيب. ومعظم المضاعفات الخطيرة للملاريا ترتبط بعدوى الطفيلي المتصورة المنجلية، ومن بين المضاعفات التي قد تحدث فقر الدم، ويمكن أن ينتج بسبب تدمير واسع النطاق في خلايا الدم الحمراء، الملاريا الدماغية، إذا قامت خلايا الدم المليئة بالطفيليات بسد الأوعية الدموية الصغيرة في الدماغ، ثم يحدث تورم في الدماغ وضمور لخلاياه. ومن المضاعفات الأخرى المحتملة اضطرابات في التنفس وأحيانا تكون حادة بسبب تراكم السوائل في الرئتين، الجفاف، فشل الكبد، الفشل الكلوي، تضخم الطحال. وإذا لم يتم علاج الملاريا المنجلية تكون قاتلة في غضون بضع ساعات.
إحصائيات
تشير تقارير منظمة الصحة العالمية لعام 2014 إلى أن عدد السكان المعرضين لخطر الإصابة بالملاريا حول العالم يبلغ 3.2 ملايير شخص أي نصف سكان العالم في 97 دولة، منهم 1.2 مليار شخص هم في خطر كبير. وأوضحت المنظمة أنه في عام 2013 انخفض عدد الإصابات مقارنة بالسنة السابقة من 207 ملايين إلى 198 مليون إصابة، كما انخفض عدد الوفيات أيضا حيث بلغت عدد الوفيات قرابة 584 ألف وفاة بسبب الملاريا، وأن 90 بالمائة من جميع الوفيات الناجمة عن الملاريا تحدث في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، 80 بالمائة من الوفيات الناجمة عن الملاريا تحدث في 18 بلدا الأكثر تضررا، وحوالي 40 بالمائة من وفيات الملاريا تحدث في بلدين فقط هما نيجيريا وجمهورية الكونغو الديمقراطية. وأن 78 بالمائة من الوفيات تحدث في الأطفال دون سن الخامسة وخاصة في البلدان التي يتفشى فيها وباء "الإيبولا"، حيث لا تمر دقيقة واحدة إلا وتشهد وفاة طفل جراء الملاريا. و حسب المنظمة فان انخفاض عدد الوفيات يعود إلى استخدام الناس الناموسية التي تحميهم من البعوض، بالإضافة إلى توفر أجهزة ومعدات تشخيص المرض، وكذلك الأدوية والعقاقير اللازمة للعلاج. وأشار تقرير منظمة الصحة العالمية إلى انتشار الملاريا في إقليم شرق المتوسط حيث تسود المتصورة المنجلية في شمال إفريقيا، وفي المملكة العربية السعودية، واليمن والدول جنوب الصحراء الكبرى للإقليم "جيبوتي، الصومال، السودان، وجنوب السودان"، في حين تسري المتصورة المنجلية والنشيطة في الدول المتوطنة أخرى، وخاصة أفغانستان، جمهورية إيران الإسلامية وباكستان. ولا تزال الملاريا تمثل تحديا كبيرا في إقليم شرق المتوسط، فأكثر من 50 بالمائة من سكان الإقليم يعيشون في مناطق معرضة لخطر الإصابة بهذا المرض. وبناء على تقديرات عام 2010، تأثر حوالي 10.4 ملايين شخص بالملاريا، ويتوفي سنويا 15 ألف شخص في الإقليم جراء الإصابة بالملاريا.
مقاومة الأدوية المضادة للملاريا
أشار التقرير الصادر عن منظمة الصحة العالمية إلى ظاهرة مقاومة الأدوية المضادة للملاريا من المشكلات المتكررة. وأصبحت مقاومة المتصورة المنجلية لأجيال الأدوية السابقة، مثل الكلوروكين والسلفادوكسين البيريميثامين، منتشرة على نطاق واسع في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، مما أسهم في تقويض جهود المكافحة وعكس المكاسب التي تحققت في مجال الأطفال.
وقد أبلغ عن مقاومة الطفيلي لأدوية "الآرتيميسينين" على الحدود بين كمبوديا وتايلند في عام 2009، وأبلغ عنها بعد ذلك في ميانمار وفيتنام. وعلى الرغم من احتمال وجود الكثير من العوامل التي تسهم في ظهور المقاومة وانتشارها، فإن البعض يرى أن استخدام الأدوية التي لا تحتوي إلا على "الآرتيميسينين" كمعالجة أحادية من العوامل الرئيسية في هذا الصدد. وقد يميل المرضى، عندما يعالجون بالأدوية التي لا تحتوي إلا على مادة "الآرتيميسينين" إلى وقف العلاج مبكرا عقب تلاشي أعراض المرض بسرعة. وتؤدي تلك الممارسة إلى عدم اكتمال العلاج واستحكام الطفيليات في دم المرضى. وتتمكن تلك الطفيليات المقاومة، إذا لم يعط دواء ثان في إطار معالجة توليفية، كما يتم في إطار المعالجة التوليفية القائمة على "الآرتيميسينين" من البقاء والانتقال إلى بعوضة ومنها إلى شخص آخر. وإذا تطورت مقاومة حيال المعالجات القائمة على "الآرتيميسينين" وانتقلت للانتشار في مناطق جغرافية كبيرة أخرى، فإن العواقب الصحية العمومية قد تكون وخيمة، ذلك أنه لا توجد أية أدوية بديلة يمكن إتاحتها في السنوات الخمس المقبلة على الأقل لمكافحة هذا المرض. وتوصي منظمة الصحة العالمية برصد مقاومة الأدوية المضادة للملاريا بشكل روتيني، كما أنها تدعم البلدان لتمكينها من تعزيز جهودها في هذا المجال الهام من مجالات العمل.
احتواء مقاومة مضادات الملاريا
وتتضمن الخطة العالمية لاحتواء مقاومة "الآرتيميسينين"، التي أطلقتها منظمة الصحة العالمية في عام 2011، توصيات أشمل في هذا الخصوص، حيث تمثل مكافحة النواقل الأسلوب الرئيسي للحد من سريان الملاريا على الصعيد المجتمعي، وهي تمثل التدخل الوحيد الكفيل بخفض سريان المرض من مستويات عالية للغاية إلى مستويات قريبة من الصفر. أما بالنسبة للأفراد، فإن الحماية الشخصية من لدغات البعوض تمثل خط الدفاع الأول للوقاية من المرض. وهناك تدخلان رئيسيان لمكافحة النواقل يضمنان فعالية في طائفة متنوعة من الظروف، وهما الناموسيات المعالجة بمبيدات الحشرات، حيث تعد الناموسيات المعالجة بمبيدات الحشرات المديدة المفعول الشكل المفضل من ضمن الناموسيات المعالجة بمبيدات الحشرات التي يتم توزيعها في إطار برامج الصحة العمومية ذات الصلة، وتوصي منظمة الصحة العالمية بضمان تغطية شاملة لجميع الأشخاص المعرضين للخطر، وفي معظم الأماكن. وأكثر الأساليب مردودية لتحقيق ذلك هو توفير الناموسيات المعالجة بمبيدات الحشرات المديدة المفعول حتي يتمكن كل شخص من النوم، كل ليلة، تحت واحدة منها. ويمكن أيضا استخدام الأدوية للوقاية من الملاريا، فبإمكان المسافرين وقاية أنفسهم من هذا المرض عن طريق الوقاية الكيميائية، التي تزيل المرحلة الدموية لعدوى الملاريا وتمكن بالتالي من توقي الإصابة بالمرض.
وبالإضافة إلى ذلك توصي منظمة الصحة العالمية بتوفير العلاج الوقائي المتقطع القائم على مادة السلفاديوكسين بيريميثامين للحوامل اللائي يعشن في المناطق التي يشتد فيها سريان الملاريا، وذلك في الأشهر الثلاثة من الحمل. كما توصي بإعطاء ثلاث جرعات من ذلك العلاج للرضع الذين يعيشون في المناطق الأفريقية التي يشتد فيها سريان هذا المرض، والحرص في الوقت ذاته على تطعيمهم باللقاحات الروتينية اللازمة.