تحل بعد أسابيع قليلة، وبالضبط، يوم 20 أكتوبر المقبل، الذكرى الثالثة والأربعين لرحيل الملحن المصري محمد فوزي، الذي اعتمد تلحينه للنشيد الجزائري "قسما" من طرف الدولة الجزائرية المستقلة،كنشيد رسمي للبلاد، دون أن تعلن أية جهة ثقافية جزائرية تسجيلها الذكرى، ولو بمجرد التفاتة.. وإذا كانت مصر تكرم فنانها الكبير، الذي ألف ولحن ومثل الكثير من الأعمال الدرامية والفكاهية، منذ السنوات الأولى لميلاد السينما والفنون التلفزية والسينمائية بمصر، فإن ذكر محمد فوزي عن أجندة الفعاليات الثقافية الجزائرية يتناقص عاما بعد آخر، حتى بات صار هذا الاسم غريبا عن أذهان النشء الجديد ممن الجزائريين، على الرغم من ارتباط اسمه إلى الأبد بالنشيد الوطني الرسمي للجزائر. وفي قصة النشيد الوطني، كانت هناك صيغ تلحينية كثيرة قبل مجيء محمد فوزي، الذي اطلع عليها جميعا، وصحح وحسن في كل منها (كانت الصيغة الاولى للفنان الشهيد محمد توري، سجلت لأول مرة في منزل الشاعر مفدي زكرياء، عام1955. وكانت الصيغة الثانية للنشيد الوطني الجزائري، من تلحين الموسيقار التونسي محمد التريكي، في مقر البعثة التعليمية الجزائرية بتونس، عام 1956)، ثم ألف محمد فوزي لحنه، الذي راعى فيه تماشيه مع التوجه الثوري للنشيد، لتعتمده جبهة التحرير، التي كانت تقيم حكومتها المؤقتة في القاهرة، وهذه النسخة سجلت عبر بث مباشر من إذاعة صوت العرب في حفل جماهيري, أقيم في ساحة عامة في القاهرة في خريف 1956. وللتذكير، فإن محمد فوزي (1918 - 1966)، هو أحد أشهر المطربين والملحنين والممثلين والمنتجين في القرن العشرين. ولد في قرية كفر أبو جندي التابعة لمركز طنطا بمحافظة الغربية في 28 أوت عام 1918م ، نال محمد فوزي الابتدائية من مدرسة طنطا عام 1931م ، و كان قد تعلم أصول الموسيقى في ذلك الوقت على يد عسكري المطافئ محمد الخربتلي الذي كان يصحبه للغناء في الموالد والليالي و الأفراح. ثم سافر إلى القاهرة عام 1938م ، واضطربت حياته فيها لفترة قبل العمل في فرقة بديعة مصابني ثم فرقة فاطمة رشدي ثم الفرقة القومية، وفي عام 1944م دخل عالم السينما لأول مرة من خلال دوره في فيلم سيف الجلاد ، وخلال ثلاث سنوات استطاع فوزي التربع على عرش السينما الغنائية والاستعراضية طيلة الأربعينيات والخمسينيات. عام 1958م استطاع فوزي تأسيس شركة مصرفون لإنتاج الاسطوانات ، وفرغ نفسه لإدارتها ، حيث كانت تعتبر ضربة قاصمة لشركات الاسطوانات الأجنبية التي كانت تبيع الاسطوانة بتسعين قرشاً ، بينما كانت شركة فوزي تبيعها بخمسة وثلاثين قرشاً، وأنتجت شركته أغاني كبار المطربين في ذلك العصر مثل أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وغيرهما. دفع تفوق شركة فوزي وجودة إنتاجها الحكومة إلي تأميمها سنة 1961م و تعيينه مديراً لها بمرتب 100 جنيه الأمر الذي أصابه باكتئاب حاد كان مقدمة رحلة مرضه الطويلة التي انتهت برحيله بمرض سرطان العظام في أكتوبر 1966. من أشهر أفلامه: سيف الجلاد، عام 1944، معجزة السماء، عام 1956، ليلى بنت الشاطئ، عام 1959.. وغيرها.