لم تشغل الظاهرة المصرية رأسي يوما، مثلما تشغله في هذه الأيام، ولم أنتبه للوجود الفرعوني في حياة الجزائريين يوما، مثلما انتبهت إليه هذه الأيام، بل إنني لم أنتبه لكوني لم أنتبه لتغلغل الظاهرة المصرية في حياتنا إلا في هذه الأيام·· أقصد الأيام التي تسبق تاريخ 14 نوفمبر·· انتبهت في هذه الأيام إلى أن قنواتنا الفضائية المستنسخة عن قناة واحدة، تستأجر بثها علينا من على قمر صناعي مصري، واكتشفت أنني لم أشاهد نشرة بوسالم الثامنة منذ أيام، في الوقت الذي تَصالح فيه إصبعي بشكل غريب مع أزرار التيليكوموند الخاصة بقنوات ''دريم، الحياة، النيل·· وطبعا روتانا سينما''، وانتبهت أيضا إلى أنني أصبحت أحفظ بشكل لاإدراكي أسماء المعلقين الرياضيين والإعلاميين المصريين ''علاء صادق، مصطفى عبده، خالد الغندور، أحمد شوبير، عمرو أديب···'' في الوقت الذي لم أعد أفرّق فيه بين ''محمد طوزالين وبين محمد جمال''·· و''الأقرف'' من هذا كله (على وزن (grave أنني انتبهت كذلك في هذه الأيام فقط إلى إمكانية تورّط المصريين في بتر كلمة ''فرنسا'' من المقطع الثاني من نشيدنا الوطني ''قسما'' ! وأعرف أن هذا الكلام مثير للجدل وقد يغضب البعض كما قد يثير أيضا حفيظة الإعلامي المحترم احميدة العياشي، الذي استقبلنا عشيّة أول أمس، في فضاء ألف نيوز ونيوز، لفتح النقاش مع نائب رئيس جمعية مفدي زكريا، عبد الرحمان بن حميدة، حول سيرة تلحين نشيد ''قسما'' ·· الإخوة في فضاء ''ألف نيوز ونيوز'' - مشكورين - أسمعونا الصيغ اللحنية الأربع التي عرفها نشيد قسما لمبدعه مفدي زكريا، وفي خضمّ الاستماع إلى تلك الصيغ اللحنيّة انتبهت إلى الشيء ''الأقرف''·· الصيغة اللحنيّة الأولى كانت من تلحين الشاعر الجزائري محمد التوري، سجلت لأول مرة في منزل الشاعر مفدي زكرياء عام 1955، وكان البيت الثاني في المقطع الثاني في النص الأصلي من النشيد هو ''لم تكن تصغي فرنسا إذ نطقنا''·· الصيغة الثانية للنشيد الوطني الجزائري من تلحين الموسيقار التونسي محمد التريكي عام 1956، مع الحفاظ على البيت الثاني في المقطع الثاني في النص الأصلي من النشيد وهو ''لم تكن تصغي فرنسا إذ نطقنا''·· أما الصيغة الثالثة للنشيد الوطني، وهي الصيغة المتعارف عليها الآن، فهي - كما هو معروف - من تلحين الفنان المصري محمد فوزي، وهذه النسخة سجلت عبر بث مباشر من إذاعة صوت العرب في حفل جماهيري، أقيم في ساحة عامة في القاهرة في خريف .1956 الغريب في الأمر أن البيت الثاني في المقطع الثاني في النص الأصلي من النشيد وهو ''لم تكن تصغي فرنسا إذ نطقنا'' تحوّل في لحن فوزي، بقدرة قادر، إلى ''لم يكن يُصغى لنا لما نطقنا''·· مع العلم أن مفدي زكريا كاتب النشيد، كان وقتها في السجن ولم يكن متواجدا في القاهرة مع الملحّن محمد فوزي، كما أن محمد خيضر وأحمد توفيق المدني، اللذان كُلّفا من طرف عبان رمضان بالاتصال بالمصريين لم يكن مخولا لهما التصرّف في كلمات النشيد·· وهذا ما يدفعنا اليوم إلا التساؤل: هل تصرّف محمد فوزي في القصيدة للضرورة اللحنيّة؟ أم أن جهة جزائرية هي صاحبة المقصّ؟ أم أن الإخوة في أم الدنيا هم الذين تكفّلوا بالأمر - مع العلم أن مصر أيامها 1956، تعرّضت إلى العدوان الثلاثي الذي كانت فرنسا طرفا فيه؟ أم أن القضيّة كلها هي مجرد أضغاث كرة، ووساوس ما قبل ال14 نوفمبر·· ولو استرسلت في الموضوع لانتبهت إلى أن المصريين هم الذين ثقبوا الأوزون، أو تسببوا في زلزال بومرداس·· أستغفر الله العظيم·· kariculture@yahoo. fr