شهداء مهملون وسط القمامات رغم ما تضمنه التعديل الدستوري الذي بادر به الرئيس بوتفليقة عام 2008 الذي جاء ليمجد ذكرى الشهداء والثورة، ورغم مرور نصف قرن عن استقلال الجزائر إلا أن رفاة الشهيد البطل "ريزي عمر" لا تزال مدفونة في زاوية أكثر ما يميزها الفضلات والقاذورات، في وقت يقول المسؤول الأول على منظمة أبناء الشهداء إنه لم يسبق أن سمع بالقضية مطلقا. لا يزال قبر الشهيد ريزي عمر وعدد من رفقاء السلاح، الذين سقطوا في ساحة الشرف بعنابة، خارج مقبرة الشهداء، مدفونون في زاوية أكثر ما يميزها الفضلات والمهملات والزبالة، رغم كون ريزي عمر مثلا لأول الشهداء الذين يحضرون في ذاكرة العنابيين بمجرد الحديث عن الثورة المضفرة، ويظل هذا الوضع على حاله برغم مرور زهاء نصف قرن عن استقلال الجزائر، وقرابة العامين من التعديل الدستوري الأخير الذي قام به رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في ال 12 نوفمير والذي شدد على تمجيد ذكرى الشهداء. الغريب في الأمر أن الوضعية المزرية غائبة عن علم المنظمة الوطنية لأبناء الشهداء، ففي رده على سؤال "اليوم" أمس، أكد الأمين الوطني للمنظمة الهواري الطيب أنه لا يعلم بالقضية وأنه لم يستلم أي مراسلة من فرع منظمته بعنابة حول هذا الخصوص، رغم أن حفظ ذاكرة الشهداء من أهم أسباب وجودها، لكن الهواري الطيب أردف قائلا على هامش لقاء جمعه أمس بالأمين العام للأفلان في مقر الحزب العتيد بحيدرة "سبق وأن تنقلنا لعنابة لكن هذا الموضوع لم يطرح علينا على الإطلاق"، لذلك رجح احتمال أن تكون للوضعية علاقة بعائلة الشهيد نفسها موضحا "إذا كان أهل الشهيد أحياء فلهم سلطة القرار بأن ينقلوا رفاة ابنهم من مكان لآخر"، مؤكدا أنه يحدث أحيانا أن تصر عائلة الشهيد على دفنه بالمكان الذي استشهد به مهما كان حتى لو كان "في مزبلة". ووعد الهواري الطيب بالتكفل بالقضية وأضاف "ستقوم لجنة التاريخ في منظمتنا بالتنقل لعين المكان للتحقق من الأمر والتكفل بالقضية التي لم يسبق أن علمنا بها". هذا وسبق أن تنقلت "اليوم" إلى مقبرة بوحديد بعنابة المفتوحة لدفن كل المواطنين، أين تفاجأنا بقبر الشهيد ريزي عمر وقبور آخرى لشهداء، كانت محاطة بالقمامات وقارورات فارغة خلفها زوار المقبرة بعد تنظيف قبور ذويهم المدفونين هناك، حيث أن المقبرة مفتوحة أمام الجميع لكونها تستقبل كل الموتى من الجزائريين. وإن كانت حرمة الموتى لا تفرق بين شهيد وغير الشهيد، إلا أن هذا لا يبرر الإهمال المخزي الذي طال آخر ذكرى ممن ضحوا بالنفس والنفيس في سبيل تحرير الوطن. ورافقنا إلى المقبرة المجاهد عبد المجيد شابي رئيس جمعية المجاهدين وذوي الحقوق بولاية عنابة الذي أكد لليوم أن المشكلة مطروحة منذ زمن طويل، وأن الجمعية اتصلت بالعديد من المصالح المعنية لكن كل جهة تقذف بالمسؤولية على جهة أخرى. وأوضح أن الجمعية تملك نسخا عن مراسلات عديدة لمختلف الولاة الذين مروا على ولاية عنابة "لكنهم لم يفعلوا شيئا" باستثناء الوالي بن منصور الذي أبدى تجاوبا مع المطلب المتمثل في تأسيس مقبرة جديدة خاصة بالشهداء، تضاف لتلك الموجودة بأعالي جبال سرايدي، أما مقبرة الشهداء بسيدي سالم، فأكد محدثنا أنها معلم تاريخي مخلد لذكرى معركة أكثر منه مقبرة، وتساءل عن سبب عدم نقل رفاة ريزي عمر ورفقائه إلى مقبرة خاصة بالشهداء لحماية ذكراهم من التدنيس التي باتت تطال أغلب مقابرنا، واقترح إما تأسيس مقبرة جديدة أو تمكين الجمعية من ترخيص لتحويل الجزء الذي دفن به هؤلاء الشهداء بمقبرة بوحديد إلى مربع خاص بالشهداء.