أيا كان الفائز في الانتخابات الفرنسية فسيكون عليه بذل جهود حثيثة لطمأنة شركائه في الاتحاد الأوروبي وإعادة جمع الشمل بعد حملة كثر فيها التهجم على أوروبا.وقال جان دومينيك جولياني رئيس مؤسسة شومان للأبحاث في الاتحاد الأوروبي "سيتحتم على فرنسا أن تدفع ثمن الحملة الانتخابية. لم يكن الحديث عن أوروبا ايجابيا بل سلبيا وستكون لذلك عواقب بعد الاستحقاق".وتابع "رأينا الرئيس نيكولا ساركوزي يوجه تهديدات بخروج فرنسا من نظام شينغن الحدود المشتركة وبخصوص السياسة التجارية في الاتحاد الأوروبي، فيما أكد المرشح الاشتراكي فرنسوا هولاند نيته إعادة التفاوض على اتفاقية الميزانية التي سبق أن وقعتها 25 دولة. المطلوب أكثر من جمع الشمل".وفاجأت الحملة الانتخابية 2012 بروكسل بعنف انتقاداتها للاتحاد الأوروبي الذي غالبا ما اعتبر مسؤولا عن جميع الآفات.فالرئيس انتقد أوروبا المخترقة العاجزة عن صد دفق المهاجرين على حدودها وانتقد سذاجتها التجارية داعيا إلى نوع من الحمائية لمؤسسات القارة الأوروبية.ووصل الأمر بساركوزي إلى تلقيه أمرا ضمنيا بالانضباط من المفوضية الأوروبية بعد أن شدد خطابه إلى حد كبير في محاولة لجذب ناخبي أقصى اليمين، حيث دعى الجهاز التنفيذي الأوروبي "القادة الأوروبيين إلى مقاومة إغراء الخطاب الشعبوي" المعارض "للمبادئ التي يمثلها الصرح الأوروبي".من المؤكد كذلك أن المستشارة الألمانية لم تستسغ قيام الرئيس الفرنسي بمدحها في مطلع حملته مصورا إياها مثالا يحتذى، قبل أن يحيلها جانبا عندما بدا له أن "الورقة الألمانية" لم تأته بنفع لدى الرأي العام الفرنسي.على مستوى مختلف، سيضطر خصمه الاشتراكي فرنسوا هولاند إلى العمل على طمأنة أوروبا حيال نواياه.الواضح انه بدأ بتحريك الصفوف في الاتحاد الأوروبي حيث نجح في وضع ملف الإنعاش في وسط جدال ساده حتى الآن موضوع التقشف في الميزانية.لكن الخلافات حول طريقة التوصل إلى ذلك بين المنهجيات الليبرالية والكينزية ما زالت عميقة. فحكومات اليمين ويمين الوسط ذات الأغلبية في أوروبا ترى في هولاند رمزا لسياسات إنفاق مضرة فيما ما زالت أزمة الديون محدقة بمنطقة اليورو.ووصفت صحيفة ذا ايكونوميست البريطانية النافذة للأعمال المرشح الأكثر حظوظا في استطلاعات الرأي الفرنسية بأنه رجل "خطير" يتبع سياسات اشتراكية بائدة.والسؤال هو هل سيكتفي بمبادرة اجتماعية أوروبية للنمو تكمل اتفاق ضبط الميزانيات الذي تطالب به ميركل والإقرار بأنه أخطأ؟أم هل انه ريد فعلا إعادة التفاوض على عدد من أوجه النص وحتى فتح ملفات جديدة كالسندات الأوروبية تحت طائلة مواجهة مع برلين؟وقال جولياني "أنني اخشى من بعض الخلافات مع ألمانيا لان هولاند تمادى في الحملة أكثر من اللزوم". وفي الواقع لم يوفر المرشح الاشتراكي ومحيطه المستشارة الألمانية من الانتقاد التي اتهموها بالسعي إلى فرض إرادتها على أوروبا بكاملها.وكثفت ميركل عملها مع رئيس الحكومة الايطالية ماريو مونتي الذي تشيد به، إلى حد رأت الصحافة الايطالية أن روما قد تأخذ محل باريس قريبا في العلاقة المميزة مع ألمانيا في إطار أوروبا.