تجري امتحانات نهاية العام الدراسي في سوريا، وسط ظروف أمنية صعبة للغاية، وتغيُّب عدد كبير من الأستاذة والطلبة والتلاميذ عن امتحاناتهم لأسباب متعدة، في وقت يتحدث فيه طلبة عن تسيُّب في أجواء الامتحانات، متهمين حكومة بلادهم بتسريب الأسئلة لمناصري النظام والشبيحة، سيما في امتحانات الشهادة الإعدادية والثانوية.وأكدت الحكومة السورية أن الامتحانات تجري بطريقة "هادئة ومريحة"، مشيرة إلى أن عدد المسجلين في الشهادة الثانوية هذا العام، بلغ نحو 375 ألف طالب وطالبة توزعوا على 3063 مركز امتحان، في حين بلغ عدد المسجلين لامتحانات الشهادة الإعدادية نحو 44 ألف طالب، إضافة إلى أكثر من 43 ألف تلميذ من المفترض أن يتقدموا لإجراء امتحانات التعليم الأساسي.وصرح وزير التربية السوري صالح الراشد لوكالة الأنباء السورية (سانا)، أنه "تم اتخاذ حزمة إجراءات بهدف توفير الأجواء المناسبة لإنجاح الامتحانات" سيما في بعض المناطق، من خلال نقل عدد من مراكز الامتحانات إلى مناطق أخرى، وهو ما أعلنته مديريات التربية في وقت سابق عن نقل مراكز لامتحانات في منطقة الحفة باللاذقية، والرستن وتلبيسة والزعفرانة والحولة في حمص إلى مناطق أخرى.لكن العديد من الأهالي والطلبة أكدوا من جانبهم، أن أجواء الامتحانات لا تسير بشكل طبيعي في مناطق أخرى، سيما التي تشهد عمليات عسكرية وقصف للجيش السوري وقوات الأمن، متحدثين عن أن الجيش الحر ينظم عمليات تسيير الامتحانات في المناطق التي يحكم سيطرته عليها.ففي حين تعيش بعض المناطق أوضاعاً شبه طبيعية تمكن فيها الطلبة من التوجه إلى مراكز امتحاناتهم بسهولة، لم يتمكن آخرون في مناطق كثيرة تشهد توترات أمنية من مغادرة بيوتهم خشية القصف.وفيما أكد أحد الطلبة الجامعيين في مدينة دوما، أن الطلبة بمدينته يتوجهون إلى مراكز امتحاناتهم بشكل شبه طبيعي، وسط حماية أمنية من قبل عناصر الجيش الحر لمراكز الامتحان، أشار إلى أن ما يقارب 40 بالمائة من الطلبة حرموا من الامتحانات هذا العام.وقال الشاب الذي رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، إن العديد من الطلبة الجامعيين انقطعوا عن امتحاناتهم أيام عدة، بسبب منعهم من التوجه إلى جامعاتهم من قبل الحواجز الأمنية، مشيرا إلى تعرض أبناء دوما للمضايقات في مراكز الامتحانات وسط العاصمة دمشق.وأشار إلى أن كثيرا من الطلبة فقدوا السنة الدراسية أو التقدم للامتحانات، بسبب قتلهم، أو اعتقالهم، أو الملاحقة الأمنية بسبب انخراطهم في نشاطات الثورة، أو بسبب الأوضاع النفسية المتردية، لافتا إلى أن الطبيب عدنان وهبة الذي قتل قبيل أيام على أيدي موالين للنظام السوري في دوما، كان من المفترض لولديه أن يجريا امتحانات في نفس اليوم، لكن وضعهما النفسي منعتهما من إكمال امتحاناتهم على سبيل المثال. وتحدث الشاب عن نفسه، موضحاً أنه توقف عن دراسته في إدارة الأعمال بإحدى الجامعات الخاصة، منذ إعلان مقاطعة الجامعات عقب حملة إضراب الكرامة العام الماضي، ويكرس جهوده في الوقت الحالي بالعمل كمسعف في الهلال الأحمر، والمكتب الإعلامي لأحد كتائب الجيش الحر الناشطة في دوما والمناطق الشرقية من ريف دمشق. وفي أحداث مشابهة، ذكر شاب من كفرنبل في إدلب شمال سوريا، أنه تم تحويل جميع مراكز الامتحانات إلى معرة النعمان، وأن الجيش الحر الذي يسيطر على تلك المنطقة هو الذي يشرف على سير الامتحانات. معرباً عن تأكيده أن المدارس في بلدته توقفت عن الدوام بشكل كامل منذ بداية الفصل الثاني. وفي قدسيا بريف دمشق، أدت إصابة شاب في الخامسة عشر من عمره الجمعة الماضي خلال مظاهرة، إلى توقفه عن متابعة امتحانات الشهادة الإعدادية.أما في مناطق مثل حمص ودرعا وإدلب ودير الزور وبعض مدن ريف دمشق، فإن المدارس مقفلة منذ أشهر وتحول بعضها إلى أماكن تمركز لقوات الجيش وجعلها معتقلات، في حين تعرضت مدارس أخرى للقصف والتهدم بشكل جزئي أو كامل، وهو ما أكدته الأممالمتحدة في تقرير نشر أمس،وفي السياق ذاته، يواجه آخرون اضطروا إلى مغادرة مناطقهم إلى داخل البلاد أو خارجها، معاناة في تسجيل أولادهم في المدارس، إذ يقدر عدد النازحين إلى مدن أخرى داخل سوريا بمليون شخص، بينهم آلاف من الطلبة والتلاميذ، في حين نزح عشرات الآلاف الآخرين إلى دول مجاورة وبعيدة.في الأردن تمكنت العائلات من تسجيل أطفالها في المدارس الحكومية بعد قرار حكومي بتسهيل معاملة السوريين بعد أسابيع من انقطاعهم عن الدراسة، أما في تركيا حيث يقدر عدد النازحين المسجلين ب30 ألف نازح يتمركزون في محافظات هاتاي وغازي عنتاب وكيليس وأورفة، فإن معظم الأطفال هناك تغيبوا عن المدارس خلال العام الحالي، بسبب عدم توفر اللغة العربية في المدارس التركية وصعوبة التسجيل بها.واستعاض أطفال المخيمات التركية عن المدارس بأنشطة تعليمية يشرف عليها متطوعون من الشبان السوريين الذين نزحوا إلى تلك الأماكن،في المقابل يتهم طلبة يجرون امتحانات، مشرفي وزارة التربية بتعمد تسييب أجواء الامتحانات، وإشاعة جو من الغش داخل قاعات الامتحان، إضافة إلى تسريب الأسئلة للطلبة الموالين للنظام.وذكرت طالبة في دمشق، أن المراقبين تعمدوا إهمال التركيز على الطلبة في وضع يدعو للاستغراب، معتبرين أن مشرفين دعوهم صراحة إلى "الغش" خلال وقت الامتحان، وهو ما يشكل خطورة خلال انتقالهم إلى الجامعات حسب وصفها.وذكر طلبة في عدة مناطق مختلفة، أن الطلبة الشبيحة والموالون للنظام، يعيشون أجواء مريحة داخل قاعات الامتحان، وتمكن الكثير منهم من الحصول على الأسئلة في الشهادات الثانوية والإعدادية بشكل مسبق.ودعا طلبة جامعات وزارة العليم العالي إلى انتهاج أسلوب "النجاح الإداري" خلال السنة الحالية ليتمكنوا من الانتقال إلى السنة الموالية مع إعادة المواد التي لم يتمكنوا من تقديمها.كما طالب آخرون بإقرار دورة استثنائية لطلبة الشهادات الإعدادية والثانوية، والإفراج عن آلاف الطلبة المعتقلين ليتمكنوا من إكمال عامهم الدراسي، وإيجاد حل للطلبة الذين لم يتمكنوا من الدراسة وإكمال امتحاناتهم في المناطق المتضررة.