اختتم، الجمعة الماضي، المؤتمر العالمي لحوار الأديان أعماله في العاصمة الإسبانية مدريد، التي تواصلت لثلاثة أيام تحت رعاية العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، ومشاركة نحو 200 شخصية سياسية ودينية وفكرية، بتبني قرار ينص على سنّ تشريع داخل الأممالمتحدة لتجريم الإساءة للأديان، انطلاقا من القيم المشتركة للبشرية والمجتمع الدولي. فقد دعا المشاركون في المؤتمر العالمي للحوار من أتباع الديانات والثقافات العالمية، والمفكرين والباحثين، والذي دعا إليه خادم الحرمين الشريفين، ونظمته رابطة العالم الإسلامي احترام وحدة البشرية والمساواة بين الناس على اختلاف ألوانهم وأعراقهم وثقافاتهم، واعتبار التنوع الثقافي والحضاري بين الناس آية من آيات الله، وسببا لتقدم الإنسانية وازدهارها مع ومراعاة سلامة الفطرة الإنسانية في أصلها؛ فالإنسان خلق محبا للخير، مبغضا للشر، يركن إلى العدل، وينفر من الظلم. وجاء في البيان الختامي اتفاق على احترام الديانات الإلهية، وحفظ مكانتها، وشجب الإساءة لرموزها، ومكافحة استخدام الدين لإثارة التمييز العنصري، على أساس أن الديانات الإلهية تهدف إلى تحقيق طاعة الناس لخالقهم، وتحقيق السعادة والعدل والأمن والسلام للبشر جميعا، وتسعى إلى تقوية سبل التفاهم والتعايش بين الشعوب، على الرغم من اختلاف أصولها وألوانها ولغاتها، وتدعو إلى نشر الفضيلة بالحكمة والرفق، وتنبذ التطرف والغلو والإرهاب. مشيرة الى أهمية الدين والقيم الفاضلة، ورجوع البشر إلى خالقهم في مكافحة الجرائم والفساد والمخدرات والإرهاب، وتماسك الأسرة وحماية المجتمعات من الانحرافات. والى جانب اعتباره الحوار من ضروريات الحياة، لنشر ثقافة التسامح والتفاهم والوصول إلى الحق الذي يسهم في سعادة الإنسان، فإن البيان رفض نظريات حتمية الصراع بين الحضارات والثقافات، وحذر من خطورة الحملات التي تسعى إلى تعميق الخلاف وتقويض السلم والتعايش. مطالبا باعتماد الحوار إطارا للعلاقات الدولية من خلال عقد المؤتمرات والندوات وتطوير البرامج الثقافية والتربوية والإعلامية المؤدية إلى ذلك، إلى جانب القيم العليا والمبادئ الأخلاقية التي تمثل قاسما مشتركا بين أتباع الأديان والثقافات الإنسانية لتعزيز الاستقرار. واتفق المشاركون على تفعيل روح أعمال المؤتمر بالعمل على إصدار وثيقة من قبل المنظمات الدولية الرسمية والشعبية تتضمن احترام الأديان واحترام رموزها وعدم المساس بها وتجريم المسيئين لها، بالإضافة إلى تكوين فريق عمل لدراسة الإشكالات التي تعيق الحوار، وتقترح الرؤى الكفيلة بحلها، مع دعوة الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى تأييد النتائج التي توصل إليها هذا المؤتمر، والاستفادة منها في دفع الحوار بين أتباع الديانات والحضارات والثقافات من خلال عقد دورة خاصة للحوار.