قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن محكمة عسكرية مغربية قضت بالسجن في حق 25 صحراويا، من بينهم تسعة بعقوبة السجن المؤبد، دون النظر إلى ادعاءاتهم بانتزاع الاعترافات منهم تحت وطأة التعذيب وأشكال أخرى من الإكراه. من بين المتهمين عدد من مناصري حقوق الإنسان واستقلال الصحراء الغربية. وكانت الاعترافات على ما يبدو الدليل الأساسي، إن لم يكن الوحيد، ضدهم، حسبما يوضح نص حكم المحكمة الذي نشر في 18 مارس 2013. و أصدرت محكمة الرباط العسكرية حكمها في حق الرجال ال 25 ، وجميعهم من المدنيين، في 17 فيفري في تهم تتعلق بمقاومتهم العنيفة لقوات الأمن، خلال قيامها في 8 نوفبر 2010، بتفكيك مخيم احتجاجي أقامه الصحراويون قبل ذلك بشهر في أكديم إزيك، خارج مدينة العيون، في الصحراء الغربية. لقي أحد عشر فرداً من قوات الأمن واثنان من المدنيين الصحراويين مصرعهم خلال وبعد تلك العملية. و قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "على الرغم من أن الخسائر في الأرواح في أكديم إزيك تبعث على الأسى، إلا أن الادعاء فشل، بعد 26 شهرا من الاعتقال الاحتياطي لمعظم المتهمين، في إقامة قضية ذات مصداقية على أنهم كانوا مسؤولين عن العنف. لقد رأينا، مرارا وتكرارا، النيابة العامة المغربية تظهر في محاكمات حساسة سياسيا بدون أدلة مادية أو شهادات لإثبات إدانة المتهمين، ولكن مجرد اعترافات تم الحصول عليها في ظروف تثير الشك". وقالت هيومن رايتس ووتش، إنه ينبغي على المغرب الإفراج عن الصحراويين الذين أدينوا أو منحهم محاكمة جديدة وعادلة أمام محكمة مدنية. وينبغي على المغرب أيضا أن ينفذ التوصية الأخيرة لمجلسه الوطني لحقوق الإنسان لإنهاء مقاضاة المحكمة العسكرية للمدنيين في زمن السلم، خاصة وأن الملك محمد السادس "رحب" في 2 مارس بهذه التوصية. بدأت المحاكمة في 1 فيفري، بعد أن أمضى 21 من المعتقلين أكثر من عامين رهن الاعتقال الاحتياطي الذي أمرت به المحكمة. وعقدت المحكمة جلسات علنية بحضور عشرات المراقبين المحليين والدوليين، وسمحت للمتهمين في الأغلب بمخاطبة المحكمة دون مقاطعة. وقالت هيومن رايتس ووتش إن قرار محاكمة مدنيين أمام محكمة عسكرية انتهك رغم ذلك المعايير الدولية الأساسية للمحاكمة العادلة. قد يطعن المتهمون في أحكام المحكمة العسكرية فقط أمام محكمة النقض، التي تنظرفي الإجراءات، والاختصاص، والشطط في استعمال السلطة، وتطبيق القانون، ولكن ليس في الموضوع. في المقابل، يُسمح لمحاكم الاستئناف في نظام المحاكم المدنية بالنظر في الوقائع. وقالت هيومن رايتس ووتش إن المحكمة أقرت، على ما يبدو، الاعترافات كدليل دون تحقيق في ادعاءات المتهمين بأن الاعترافات كانت نتاج التعذيب. وقال المتهمون إنهم أبرياء من كل التهم. ينبغي على السلطات منح المتهمين محاكمة جديدة أمام محكمة مدنية والإفراج مؤقتا عنهم ما لم تحدد أسبابا وجيهة للاعتقال الاحتياطي، بحسب هيومن رايتس ووتش. وحكمت المحكمة العسكرية على تسعة متهمين بالمؤبد، وعلى 14 بأحكام نافذة بالسجن لمدد تتراوح بين 20 و 30 عاما، وعلى متهمين اثنين بالسجن سنتين قضياها فعلا. وكانوا كلهم يواجهون احتمالية الحكم عليهم بالإعدام. اتهمت السلطات هؤلاء جميعا ب "تكوين عصابة إجرامية"، كما وجهت الاتهام إلى معظمهم بالاعتداء العمدي المميت ضد الشرطة، في ما اتهمت آخرين بالمشاركة في هذه الجرائم. وواجه اثنان من المتهمين تهمة إضافية ب "التمثيل ب أو تشويه" جثة. واستأنف المتهمون هذه الأحكام. لا يذكر حكم المحكمة المكتوب بالتفصيل الأدلة على أن كل المدعى عليهم مذنبون. ولأن الحكم لا يذكر أدلة اتهام مهمة أخرى، فإنه يبدو مستندا إلى اعترافات المتهمين المشكوك فيها للشرطة. رفضت المحكمة مطالب الدفاع بالتحقيق في مزاعم المدعى عليهم بأن الشرطة عذبتهم وأجبرتهم على التوقيع على تصريحاتهم دون أن يطلعوا عليها. بدلا من ذلك، قبلت المحكمة دفوع النيابة العامة بأن المتهمين لم يطلبوا إجراء كشف طبي عندما مثلوا للمرة الأولى أمام قاضي التحقيق، ولأن وقتا طويلا قد انقضى منذ ذلك الحين. و رغم أن المتهمين لم يطلبوا إجراء كشف طبي عندما مثلوا أمام قاضي التحقيق، فإن معظمهم أخبروه أن الشرطة عذبتهم أثناء احتجازهم. وقال له أيضا العديد منهم إن الشرطة أجبرتهم على توقيع أو وضع بصماتهم على تصريحات لم يقرأوها. وتعكس التقارير الرسمية لهذه الجلسات هذه الادعاءات ولكن لا يحتوي ملف القضية على أي دليل على أن الطبيب فحص أيا من المتهمين، أو أن المحكمة حققت فهذه المسألة، لتقييم مصداقية ادعاءاتهم. خلال المحاكمة، لم يستطع أي من شهود الادعاء التعرف على أي من المتهمين بكونه مسؤولا عن أعمال العنف. وعرضت النيابة العامة أسلحة يُزعم أنها ضُبطت من قبل الشرطة في مخيم أكديم إزيك، لكنها لم تربطهم عن طريق فحص الطب الشرعي بالمتهمين. الرابط الوحيد بين المتهمين والأسلحة هو اعترافاتهم المتنازع عليها. لم تعرض النيابة إلا قليلا من الأدلة الأخرى، إن وجدت، غير اعترافات المتهمين المتنازع عليها للربط بين وفاة أفراد قوات الأمن وأي مدعى عليه. ولم يذكر الحكم الكتابي كيف تم تجريم المتهمين فرديا عبر الأدلة الفوتوغرافية والفيديو التي عرضت في المحكمة، والتي تظهر مشاهد عنف ولكن لا يبدو أنها تُحدد المتهمين بارتكاب جرائم. وقالت هيومن رايتس ووتش إنه ينبغي على المحكمة، أن تحقق في محاكمة جديدة في مزاعم المتهمين بتعرضهم للتعذيب، وأن تضمن، بموجب القانون الدولي والمغربي، ألا يتم قبول أي اعترافات انتزعت عن طريق العنف أو الإكراه كأدلة. وإذا قررت المحكمة قبول اعترافات المتهمين للشرطة كدليل، التي يدعي أي من المتهمين أنها انتزعت منه تحت التعذيب، فينبغي عليها أن تفسر في حكمها الكتابي لماذا قررت أن ادعاءات التعذيب أو الإكراه لم تكن ذات مصداقية. قالت سارة ليا ويتسن: "لقد تسبب القضاء المغربي في تقويض مصداقية محاكماته من خلال محاكمة هؤلاء المتهمين المدنيين أمام محاكم عسكرية، فضرب عرض الحائط بالمعايير الدولية، وحرمهم من الحق الكامل في الاستئناف. وحتى المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب يوصي بأن لا يحاكم المدنيون أمام المحاكم العسكرية".