في مصنع فريد من نوعه في تايلاند، حيث تشهد صناعة السيارات اكبر نمو في العالم، تزدحم المساحات بالعمال والروبوتات، يضعون اللمسات الاخيرة على مئات السيارات التي تخرج من المصنع يوميا.ويمكن للمرء ان يحسب نفسه في مشغل لشركة فورد الاميركية في ديترويت، او المدينة الصناعية التابعة لمجموعة تويوتا في اليابان، لكن هذا المصنع التابع لشركة هوندا موجود في تايلاند، التي يرتبط اسمها عادة بالشواطئ الخلابة والمطبخ الشهي.ففي ظل الازمة العالمية التي تعصف بكبرى شركات تصنيع السيارات في العالم، شكلت تايلاند في السنوات الاخيرة استثناء بكونها اصبحت اهم مركز لتجميع السيارات في جنوب شرق آسيا.ويعد قطاع انتاج السيارات في هذا البلد واحدا من اهم عشر قطاعات في العالم متقدما على فرنسا مثلا.في العام 2012، حقق قطاع انتاج السيارات قفزة بنسبة 70% مقارنة بالعام 2011، ووصل عدد السيارات المصنعة الى 2,48 مليون سيارة، بحسب ارقام المنظمة الدولية لمصنعي السيارات ومقرها في باريس.ورغم الازمة الاقتصادية، سجلت تايلاند في الاشهر الستة الاولى من السنة الجارية افضل مبيعات في تاريخ قطاع السيارات فيها.ويعود جزء كبير من هذه النمو الى نقل اليابان جزءا من مصانعها الى تايلاند، وكذلك فعلت مجموعة فورد الاميركية.ويساهم السوق المحلي بجزء مهم من هذا النمو، اذ ان السلطات توفر الدعم لكل اسرة تشتري سيارتها الاولى.وقد صبت استثمارات بقيمة مئات الملايين من الدولار في هذا القطاع الذي يبدو انه ما زال حتى الآن مفلتا من فلك الازمة الاقتصادية التي تصيب سائر القطاعات في البلد.ويقول اولي كايزر من مجموعة فوكس لصناعة السيارات "الغيوم والمصاعب قد تظهر، لكن بشكل عام، هذا القطاع قائم على رغبة المستهلكين بامتلاك سيارة، لا اعتقد ان الرغبة في شراء سيارات في تايلاند ستتوقف".وفي الوقت الذي تشتد فيه حمى المنافسة للسيطرة على السوق، تستثمر شركات السيارات وخصوصا اليابانية في المصانع الجديدة في تايلاند بهدف الوصول الى السوق الداخلي التايلاندي واسواق جنوب شرق اسيا.تطمح شركة هوندا اليابانية الى انتاج 420 الف سيارة سنويا في تايلاند بحلول العام 2015، مع افتتاح مصنع جديد في ضاحية بانكوك بلغت تكاليف انشائه 644 مليون دولار.ويبدو ان الاقبال على العمل والصناعة يشكل نوعا من التعويض عما اصاب البلاد في العام 2011 حين اجبرت الفيضانات مؤسسات ومصانع عدة من بينها هوندا على الاقفال مؤقتا.ويقول نائب مدير مصنع هوندا في تايلاند "خلال الفيضانات، اضطررنا الى الاقفال على مدى ستة اشهر، وتأجيل كل مشاريعنا".ويضيف "اما اليوم، فان تايلاند تشكل اكبر قاعدة لانتاج سيارات هوندا في المنطقة".والشهر الماضي، بدأت تويوتا بتشغيل مصنعها للتجميع في تايلاند، وقد بلغت تكاليف انشائه 340 مليون دولار.ويقول مدير مصنع تويوتا في تايلاند "لدينا ملء الثقة باننا قادرون على تطوير صناعتنا في تايلاند، ويمكننا ان نغطي 35 الى 40% من السوق المحلي هنا".ويتفاءل المحللون الاقتصاديون بمستقبل مزدهر لصناعة السيارات في تايلاند، متوقعين نموا سنويا بنسبة 10%.على ذلك، ولحسن ظن مصنعي السيارات وسوء حظ المواطنين الراغبين بالمشي في شوارع هادئة، باتت بانكوك تسجل اكتظاظا متزايدا في شوارعها بشكل يومي مع ازدياد الاقبال على شراء السيارات.