علي بن حاج ضيع القبلة وهو رجل سوقي لم يعد يعلم ما يفعل ^ الGIA وزيتوني أرادوا إعدامي.. ووالدي نصحني بعدم العودة إلى الجزائر ^ الشيخ فركوس صاحب علم.. وأعيب عليه عدم الظهور ^ الإخوان المسلمون انهمكوا في السياسة.. وهم وراء ظهور السلفية الجهادية ^ استفتينا الشيخ الألباني في التسعينات حول الفتنة فنصحنا بالتزام بيوتنا تطرق الشيخ عبد الملك رمضاني، أحد رموز التيار السلفي في الجزائر، في حوار حصري ل"النهار"، إلى العديد من المسائل السياسية والدعوية، فمن علاقته بالفيس ومحاولة اغتياله من قبل زعيم «الجيا» جمال زيتوني، إلى وضع السلفية في الجزائر، وعلاقته بالشيخ «الألباني» في الجزيرة العربية، واتهامه بميولاته للسلطة والانتفاع منها، وسعي جماعات الإخوان المسلمين في الجزائر للوصول للحكم، ودموية السلفية الجهادية. كانت لك علاقة مع زعيمي الفيس المحل، عباسي مدني وعلي بن حاج،.. فلماذا انقلبا عليك؟ كانت لي علاقة مع علي بن حاج وعباسي مدني، بحكم جواري لعباسي مدني بالإقامة، ومداومة علي بن حاج على خطبي في المسجد الذي كنت أخطب فيه، حيث كان يحاول الاقتراب مني، وقد عارضتهما في ما كانا يدعوان إليه، وتحدث إلى عباسي مدني وقلت له أما أخذت العبرة من مأساة «حماه» التي مات فيها أكثر من 40 ألف شخص في ظرف قصير؟، فقال لي «أخذنا احتياطاتنا لتفادي مثل مأساة حماة»، لكن الواقع أثبت عكس ذلك، وقدمت في العديد من المرات النصائح لعباسي مدني، غير أن توجهه العقائدي وتوجهي فضلا عن صغر سني مقارنة به جعله لا يأخذ بنصيحتي وحدث ما حدث. هل التقيت بعلي بن حاج.. وما هي قضية المساجين الذين قصدك من أجلهم؟ علي بن حاج هو بصراحة رجل سوقي شعبوي تديره الموجات الشبابية الإنفعالية، وقد جاءني إلى بيتي عدة مرات محاولا إقناعي واستدراجي إلى صفوف جماعته فرفضت، وقلت له إنك تتكلم عن المساجين الذين من بينهم تكفيريون، فقال لي إنه يجب العمل على إخراجهم من السجن، فقلت له هل تضمنهم إذا خرجوا أن لا يحاربوا الحق وأن لا يسعوا بالباطل وأن لا يحملوا السلاح ؟، قال لي أضمن، قلت له كيف ذلك، والله وحده يعلم الغيب وهذه توجهاتهم، فقلت له هل أخذوا إذنك للدخول إلى السجن، فقال لا، قلت إذن ما دخلوا بإذنك ولا بإذني، ولن يخرجوا بإذن مني أو منك، لهذا أقول إن «علي بن حاج ضيع القبلة ولا يدري ما يفعل وأصبح يتكلم في كل شي ضد الحكومة فقط». «الفيس» اتهمكم بأنكم علماء الدولة والنظام.. نعم وهذا ما قلت لعلي بن حاج فهم تكفيريون يرون كل من لا يسير وفق منهجهم كافر، وأنا لا أستطيع الدفاع عن مساجين نحسب أن بينهم كفار. هل حقيقة كانت لك لقاءات مع مسؤولين في الدولة آنداك؟ لم ألتق في حياتي مسؤولا ولا وزيرا ولا رئيسا للجمهورية، وهذا ليس مجازا ولكن هذه هي الحقيقة. أين كنت حين بدأت الفتنة والقتل في الجزائر؟ كنت في المسجد الذي أخطب فيه والذي كان الرجل الأول في الفيس عباسي لمدني آنداك يصلي فيه قبل أن يهجره بسببي، حيث كان في بعض الأحيان يصرخ ويندد بخطبي التي كنت ألقيها على الشباب، أين كان يقول أنتم تحبسون شبابا عنا فسرحوهم ليلحقوا بنا، أضيف لك أنني لم أتخل عن التيار الدعوي ولم أدخل أبدا التيار السياسي. لكنك هاجرت من الجزائر إلى السعودية ولم تعد.. نعم في سنة 1994 أصدرت كتاب «مدارك النظر بين التطبيقات الشرعية والانفعالات الحماسية»، والذي سقط في يد ال GIA التي رأت أنه يدعو إلى ترك العمل المسلح وينتقد تصرفاتهم ومنهجهم الذي كانوا يسيرون وفقه والذي كان تكفيريا، فأفتوا بإعدامي، فسافرت حينها إلى السعودية من أجل أداء مناسك الحج، وفي أحد الأيام اتصل بي والدي رحمه الله وأخبرني أنهم -يقصد GIA -يبحثون عني، وطلب مني أن أظل في السعودية وعدم العودة إلى الجزائر. ما هي قصتك مع أمير الجماعة الإرهابية جمال زيتوني؟ جمال زيتوني هو من أمر بقتلي، حيث جاءني في أحد الأيام شخص يعرفني وقالي لي، إنني ذُكرت عند جمال زيتوني بسوء، وإنه تلميح لتصفيتي، لأنني رفضت السير وفق منهجم، بل ودعوت الشباب إلى هجرهم. كيف هو وضع السلفية اليوم؟ السلفية الآن في الجزائر تنشط في جو مريح وطيب، فالرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة فتح المجال أمام جميع الطوائف الدينية دون إقصاء، أضف إلى ذلك أن السلفية برزت نفسها، فما تدخلت لا في أمور سياسية ولا شخصية. ما رأيك في شيخ السلفيين في الجزائر «علي فركوس»؟ الشيخ فركوس صاحب علم كبير وهو إنسان فاضل، لكن أعيب عليه النفور من الظهور، لأنه كان يجب عليه أن لا يكتفي بما يقدّمه في الجامعة فقط، بل ينبغي عليه أن يخطب في المساجد ويقوم بالحلقات والمحاضرات والمشاركة في الدورات حتى تنتفع الأمة من علمه. ..هل استفادت السلفية العلمية من أخطاء نظيرتها الجهادية؟ أرى أن السلفية الموجودة الآن في الجزائر، هي امتداد لتلك التي كانت أيام الإستدمار الفرنسي على لسان أعضاء جمعية العلماء المسلمين، فعندي كلام كثير لشيوخها بينهم عبد الحميد بن باديس والعربي التبسي ومحمد البشير الإبراهيمي وغيرهم، يصرحون ويقولون إن عقيدتنا سلفية، فهذا ميراث ورثناه وهو أمر واقع وله قاعدة. وماذا عن السلفية الجهادية؟ السلفية الجهادية هي امتداد لتوجّه الإخوان المسلمين، فتوجههم سلطوي تكفيري، فهمهم الأكبر هو الوصول إلى السلطة بأي ثمن بما فيها العنف والقتل، كما قتلوا الكثير ومن بينهم الوزير المصري «النقراشي» وغيره. كيف ترى منهج الإخوان المسلمين في الجزائر؟ الإخوان المسلمين ابتعدوا كثيرا عن الدعوة، وصبوا كل جهدهم في السياسة والوصول إلى الحكم بأي ثمن، فهم يتظاهرون سياسيا بأنهم أصحاب مجاملات سياسية وعمل صحوي، وسياسي لا يدخل في العنف، والمصيبة هي أنهم ولّدوا السلفية الجهادية التي ظهرت في أفغانستان فلما عادوا إلى الجزائر أرادوا ركوب الأمواج. يقال إنكم التزمتم بيوتكم وتركتم الشعب وحده في التسعينات.. سعينا حينها للقاء زعماء الجبهة الإسلامية ومحاولة النصح لهم وحثهم على العودة عن ضلالهم، وقلنا لهم اتقوا الله أنتم على ظلال لكن من دون جدوى لأنهم كانوا قد حزموا أمرهم، وقد تحدثنا حينها مع علي بن حاج وعباسي مدني وكذا كمال ڤمازي، ولما كان ذلك التزمنا شرع نبينا الذي قال «إنه ستكون فتن، القاعد فيها خير من القائم والقائم فيها خير من الماشي والماشي خير من الساعي». وما حقيقة أن الألباني هو من نصحكم بالتزام البيوت؟ نعم نحن اتصلنا بالشيخ الألباني رحمه الله، فوصفنا له الوضع وحالة الجزائر حينها بالتفصيل، فقال لنا أنصحكم بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم «كونوا أحلاس بيوتكم»، ولهذا لزمنا بيوتنا لأن دخول الفتن لا يعلم الواحد كيف سيخرج منها، وإن دخلت فيها فستكون طرفا. ماذا تقولون عن عبد الفتاح حمداش؟ أقول إنه نسخة عن علي بن حاج فهو يكفّر ويجهّل الناس ويفتي بدون علم، فهو لم يستفد من أخطاء علي بن حاج، ولهذا أرى أنه يقتدي بهذا الأخير. ما رأيكم في الاحتجاجات والإضرابات؟ هذه من التوجّه الديمقراطي الذي يمليه علينا الغرب وهو توجه خطير جدا، فالديمقراطية الجديدة اليوم في ورطة لأنها ضد استقرار الشعوب والدول، فكل من يرى أمرا يخالفه يكوّن مجموعة ويدخل في إضراب أو مظاهرات، فأنا أتساءل متى تستقر البلاد، وأقل الخسائر جراء ذلك ستكون خسائر اقتصادية. ما رأيكم في قانون العقوبات الأخير ؟ نعم هذا القانون سيفتح باب شر كان مغلقا، وأسوتنا في ذلك الغرب مع الأسف الذين عاشوا زمنا طويلا هذا الشر، فلا تكاد تجد أسرة ملتئمة، وشرعنا يقول بأن «الرجال قوامون على النساء» وهذا كلام حق ثابت وواضح، يحرّم ظلم النساء وهناك والحمد الله قضاء يرجعن إليه إذا ضلمن، أما أن تعط لهن حقوق ليست في الكتاب ولا في السنة فهذا سيفتح أبواب شر على الأمة الإسلامية. ما رأيكم في داعش وهل هناك من يدعمها في السعودية؟
أنا تحديت داعش في سؤال لهم، وقلت أوجدوا لنا عالما واحدا يدعمكم في السعودية أو في غيرها من الدول الإسلامية، ولم يردوا على جوابي، ولا أرى أن هناك عالما عاقلا يدعم هؤلاء المتوحشين.