سمعنا أنه كان يسكن بعمي موسى بغليزان ثم قيل لنا بأنه من ضواحي الرمكة، حاولنا الاتصال بأهله فقيل لنا إن والديه توفيا منذ مدة طويلة حيث استقر رفقة عائلته بالعاصمة، بعدها كانت وجهتنا نحو الشعبة الحمراء بجديوية أين يقيم أخيه غير الشقيق المدعو درغام جلول، استقبلنا ببيته وقد وجدناه عائدا من فريضة الحج بعد أن ضبطنا معه موعدا، وراح يسرد علينا بعض ما كان يعرفه عن الراحل بلقاسم جلول أو كما يدعونه عمي جلول. هذا المجاهد الذي أفنى سنوات عمره مجاهدا ثم عمل كسائق لدى وزير الدفاع السابق هواري بومدين وأصل مسيرته معه لما صار هواري بومين رئيسا للبلاد، حيث اعتبر حسب الروايات التي استقيناها من عند أهله بأنه كان حافظ أسراره وأقرب المقربين إليه لا لشيء إلا لأنه كان متواضعا جدا. بلقاسم جلول هذا المجاهد الذي ولد بدوار المسايسية الذي يبعد بحوالي 03 كلم عن دائرة عمي موسى بغليزان تربى يتيما في كنف عمه الذي رباه على حب الله والوطن وغرس فيه تعاليم الدين الإسلامي، التحق بصفوف الثورة منذ اندلاعها، حيث تعرف على الرئيس هواري بومدين ضمن العمل المسلح لكن ألقي عليه القبض من طرف قوات المستعمر الفرنسي سنة 1957، حسب نفس الرواية لينقل بعدها إلى مركز التعذيب بنفس الدائرة ويبقى هناك فترة من الزمن، وبعد إطلاق سراحه غادر أرض الوطن ولم يعد إلا بعد الاستقلال، حيث اتخذه الرئيس هواري بومدين بحكم الثقة التي كانت بينهما كسائق لديه ولم يكن سائقا فحسب، بل كان من أقرب المقربين، ائتمنه على أسراره فكان لا يفارقه. وحسب السيد درغام الحبيب، الأخ غير الشقيق له فإن المرحوم كان قد انتقل رفقة الرئيس هواري بومدين لما كان وزيرا للدفاع، إلى الغرب الجزائري بعد الاستقلال وحضر كل ما دار من حوار بين وزير الدفاع آنذاك هواري بومدين والرئيس بن بلة، بخصوص الأزمة المغربية الجزائرية. المرحوم تزوج من ابنة منطقته والتي كانت تسكن هي الأخرى بضواحي الرمكة بغليزان تدعى جليل بنت عمر حيث انتقل رفقتها للسكن بالعاصمة نظرا لظروف العمل التي أجبرته على ترك بلدته، لكن رغم ذلك لم يتنكر لأبناء بلدته حيث كان يزورهم بين الفينة والأخرى كما ساهم في حل مشاكلهم بحكم قرابته للرئيس آنذاك، وبعد وفاة الرئيس هواري بومدين اعتزل السياسة، حيث تأثر لموته ولم يعد ذلك الإنسان المرح كما أن زياراته لمنطقته بدأت تقل نوعا ما، لتنقطع نهائيا مع التدهور الأمني الذي ضرب البلاد بصفة عامة وغليزان بصفة خاصة، فيما بقيت الاتصالات قائمة رغم بعد المسافة إلى أن انتقل إلى رحمة الله الأسبوع الفارط بعدما قتل من طرف مجهولين. المرحوم بلقاسم جلول أو كما يسمى عمي جلول كان دائما يفتخر بصداقته للرئيس الراحل هواري بومدين ويتحدث لأبناء بلدته عن الثقة التي وضعها هذا الأخير فيه حيث عبر مرارا وتكرارا عن حبه العميق للرئيس الذي كان يحترمه ويقدره ولولا ذلك الاحترام والتقدير يضيف لما ائتمنه على أسراره وأسرار دولته، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على أن عمي جلول، حسب الرواية دائما، فإنه قد كسب ثقة هواري بومدين وحبه، حيث لم يحدث وأن وقع بينهما سوء تفاهم طيلة المدة التي قضاها مع بعضهما، كما أن عمي جلول كان بالنسبة له بمثابة الأخ والصديق والحبيب والسائق. المرحوم الذي غادر الحياة وانتقل إلى الرفيق الأعلى نقل معه أسراره وأسرار الراحل هواري بومدين وبالتالي نقل أسرار دولة كاملة، فرحم الله عمي جلول المجاهد والشهيد. رحم الله الرئيس هواري بومدين ورحم جميع الشهداء.