لم تتمكن الأطراف المدنية، التي حضرت محاكمة "ق. ج" أحد أقدم العناصر الإرهابية في صفوف الجماعة الإسلامية المسلحة "الجيا" والذي يشتبه في تنفيذه لمجزرة "حي المساحات . المسقية بمليانة"، رفقة مجموعة من عناصر الجماعة من حبس دموعهم، وهذا خاصة بعدما طلب القاضي تقدمهم والإدلاء بتصريحاتهم، بشأن ما شاهدوه من أحداث خلال تلك المجزرة، التي أخذت فلذات أكبادهم وأعز ما يملكون. المجزرة التي أتت على الأخضر واليابس، رسمت في أذهان هؤلاء الضحايا، صورة لا يمكن مسحها أبدا كما رددوا جميعهم في حديث مع "النهار"، فقد قالت خالتي عائشة زوجة حارس بوابة ذلك الحي والذي يعد أول من قتل الحي كان محصنا بصورة كبيرة، بأسلاك شائكة، كونه واقع داخل محيط إحدى الشركات التابعة لمؤسسة الجزائرية للمياه، خدعوه عندما تظاهروا بالتفاوض معه، لأجل فتح البوابة بصفتهم من عناصر الدرك والجيش الوطني الشعبي، فقد جاؤوا في الزي العسكري، حظر بعضهم من الأمام لأجل إقناعه وجلب انتباهه، في حين توجه الآخرون من الجهة الأخرى لأجل قطع الأسلاك الشائكة، التي لم يكن من السهل تجاوزها، لتتنهد وتضيف ضربوه مباشرة على رأسه "بشاقور"، بعدما دخلوا البوابة التي رفض أن يسلمهم مفاتيحها، ولم يكتفوا بذلك تقول الخالة عائشة، بل أدخل أحدهم حديدا في بطنه اخترقه من الأمام إلى الخلف، ليكون ذلك آخر ما رأيته من زوجي، فقد منعوني من رؤيته بعدها، لأن كل من مات في تلك المجزرة دفن في قبر واحد. مالذي فعلته الطبيبة المسكينة وابنتها أما زوجة الحارس الثاني فقالت: "لم يبقوا على إنسانتيهم، كيف يدعون الإسلام ويقتلون الأبرياء باسم الجهاد" ما فعلوه في حي المساحات المسقية، لا يمكن أن يمحى من ذاكرة الحضور، أو كل من شاهد ما فعلوه بتلك الطبيبة المسكينة وابنتها، لقد قطعوا جسدها أطرافا صغيرة وابنتها..."رأيت أجزاء جسديهما بأم عيني...لا يمكن لأي إنسان أن يفعل ذلك حتى لو كان يهوديا...". كان السكان يهربون في كل الإتجاهات، لم يكن أحد يعلم أين النجاة أحاطوا بنا من كل المناطق، القتل في كل زوايا الحي، أرادوا إبادتنا عن آخرنا، كانوا يبحثون عن الأطباء لأجل اختطافهم، كانوا يعلمون أن هناك طبيب وزوجته يقيمون بالحي، وكانوا يحضرون في كل مرة لأجل السؤال، عمن هم مسلحين في المنطقة، ولما علموا أنه لا أحد مسلح اختاروا يوم 13 سبتمبر 1998، لتنفيذ عمليتهم التي قضت على 31 شخص بينهم أطفال ونساء، لحسن حظه الطبيب، لم يكن بالحي في تلك الليلة وإلا كان مصيره مثل مصير زوجته وابنته، لأن الهدف من هذه العملية هو اختطافه وزوجته،...ليتهم اختطفوهم... مجزرة حي قواشحة ببومدفع عين الدفلى.. العم أحمد: كانت الساعة تشير إلى حوالي العاشرة والنصف ليلا، حين خرجت من البيت، لأجل تفقد المواشي، فلمحت جماعة أشخاص تتجه نحوي وهم يرتدون لباس عسكري، في البداية هتفت بأعلى صوتي من أنتم؟، رد أحدهم وكان يرتدي زي الدرك الوطني، أنا إبراهيم رئيس فرقة الدرك بالمنطقة توقف لا تخف، انتابتني شكوك حول هويتهم فهرعت بعيدا منهم لأدرك أنهم إرهابيين، حين أخذوا يطاردونني بالأضواء الكاشفة دون أن يطلقوا النار..أرادوا أن يأخذونا أحياء "الكلاب"، هربت منهم لكني لم أكن أعلم أنهم سيقترفون تلك المجزرة في حق أبنائنا وبناتنا، وحتى زوجاتنا، ليتدخل ابنه محمد، ذهلت عندما رأيتهم يرتدون الزي العسكري، فخطر ببالي الفرار إلى مركز الدرك الذي لم يكن بعيدا كثيرا عن المنطقة، وذلك لأجل الإستفسار عن الوضع، انتقلت الفرقة إلى المنطقة بعد مدة من وصولي عندهم وعادوا بعد مدة ليحاولوا طمأنتي، بأنه لم يحدث شيء بالمنطقة، وأن الإرهابيين فروا دون أن يلحقوا الأذى بأهله، تقبلت الفكرة بداية، لكن انتابني شعور غريب فيما بعد، خاصة بعد الإتصالات التي كان يجريها عناصر الدرك مباشرة بعد عودتهم، وكذا التقارير التي كانوا يعدونها ليلا، وكذا المعاملة التي كانوا يحيطونني بها. العودة إلى الديار وتدارك الكارثة التي كانت قاسية جدا عدت إلى الديار صباحا، لأجل الوقوف على الرعب الذي قد يكون حل بعائلتي المتكونة من ثلاثة أطفال والزوجة، حللت بالديار فوجدت البيت أحرق عن آخره، هتفت بأسماء أولادي لا أحد يجيب، جبت كل أنحاء الحي فلم أجد لهم أثرا، خرجت إلى أطراف الحي، فكانت الفاجعة كما لا يمكن أن يتصورها أحد، وتغلبه دموعه، يضيف إن هول الفاجعة لا يمكن تصوره، وجدت ابنتي التي لم تتعدى السنتين قد ذبحت وكل أحشائها خارجا..عينيها اقتلعهما الإرهابيين..نزعوا أنفها..فتحوا بطنها...أما ابني أمين 04 سنوات فحرقوه....يبكي و يبكي ويقول ليتهم اكتفوا بقتلهم وفقط..أما زوجتي فلا أعلم أين ذهبت إلى الآن، لقد اختطفوها ولا شك أنهم قتلوها فيما بعد، وعندما سألناه عن السبب الذي أدى بالإرهابيين إلى قصد ديارهم قال: لا أعلم شيئا عن سببهم سوى أن أحدا اختطفوه وسألوه عما إذا كان أحد في الحي مسلح، فأكد لهم أن أحدا في الديار لا يملك السلاح..ذنبنا الوحيد في هذه المجزرة أننا لم نكن مسلحين والله هذا هو السبب