جربوا الحرڤة بقروض، قصد تمكينهم من الاستثمار ببلادهم خطوة جيدة، تجعلهم يأملون في إيجاد فرص عمل على ضوء هذه الوعود، كما طالب هؤلاء الحراڤة الذين التقيناهم على شاطئ القلتة التابع لبلدية المرسى يصطادون الأسماك، الجهات التي سنت القوانين المجرمة للظاهرة بإلغائها فورا، والعمل في اتجاه التكفل السريع بهذه الشريحة اجتماعيا، قبل أي شيء آخر. في ذات السياق، يرى حسين البالغ من العمر 25 سنة وهو الذي جرب الحرڤة ثلاث مرات، حتى أنه كاد يغرق في ربيع 2007، بعد تعرض القارب الذي كان على متنه لعاصفة هوجاء عرض سواحل مستغانم. وإن الدافع الأساسي الذي جعله يفكر في الحرڤة وبلوغ الضفة الأخرى، هو تدهور الحالة الاجتماعية التي تتخبط فيه عائلته، بالإضافة إلى أنه بلا عمل، فعائلته المتكونة من 09 أفراد بلا قوت ولا دخل، لكن رغم كل هذا الحرڤة لست هي الحل كما يقول محدثنا، لأنه جربها وذاق مرارتها ثلاث مرات، واقتنع بأن الظروف هناك في أوروبا أسوء بكثير من القلتة، لما يتعلق الأمر بشاب مجرد الوثائق والحرفة، ينزل من "الزودياك" ويمشي كالسارق وينام كالمتشرد، وإن عمل فهو مثل "الزوفري" في إحدى ورشات البناء عندنا. وبعد هذه الكلمات المأثرة تحدث حسين عن القروض التي تحدثت عنها الدولة، والتي خص بها بوتفليقة فئة الحراڤين، حيث قال عنها إنها خطوة جيدة في اتجاه التكفل بهذه الفئة اجتماعيا، مناشدا في ذات الوقت بوتفليقة، بضرورة العمل على تجسيدها في العهدة الثالثة، من جهة أخرى، تحدث أمين البالغ من العمر 30 سنة، متزوج وأب لثلاثة أطفال، وهو مرافق حسين في مغامراته الثلاث نحو الجحيم، في وصفه لوضعية الحراڤة هناك في الضفة الأخرى، وعن القوانين التي سنتها الدولة مؤخرا، التي ذهبت إلى حد تجريم الظاهرة، حيث قال محدثنا بأن الذهاب في هذا الاتجاه، هو كمن يعالج الأخطاء بالأخطاء، وعلى المسؤولين التفطن لذلك مضيفا بأن الحراڤ الذي واجه الموت في عرض البحر ومنهم من أكله الحوت، لا يمكنه أن يقلع عن حلم الحرڤة، ما لم تعمل الدولة في اتجاه معالجة هذه الظاهرة اجتماعيا، ولم يكمل أمين حديثه حتى قاطعه عبد القادر البالغ من العمر 37 سنة، أعرب وبدون عمل، قائلا: "لو كنت عاملا وأملك سكنا، سأفكر في بناء أسرة، وما كنت لأفكر في الحرڤة أبدا، أما والحال هكذا، فلا السجن يخيفني، ولا البحر يمنعني". وفي سياق حديقه؛ ثمنّ عبد القادر الأفكار والوعود الرامية إلى التكفل بالحراڤة، ومساعدتهم بقروض تفوق 40 مليون سنتيم، لأن ظاهرة الحرڤة عندنا أسبابها اجتماعية بالدرجة الأولى، فلو قامت الدولة بإحصاء للحراڤة لوجدت أن نسبة 100 بالمائة بدون دخل يضمن لهم شروط العيش الكريم، وعلى الدولة التفكير في معالجة الظاهرة من زاوية التعامل مع الأسباب معتبرا بأن خطوة بوتفليقة جزء من الحل في حال تم تجسيدها، لأن الشاب لا يريد أكثر من عمل يجعله قادرا على الحلم والتفكير في اتجاه بناء أسرة والعيش الكريم، أما فيما يتعلق بالمتابعين قضائيا، فقد طالب رشيد بأن تتراجع الجهات العليا بالبلاد عن هذه الإجراءات، التي تجعل من الحراڤ مجرما يستحق العقاب، بهذا تكون الدولة حسب رشيد قد عاقبت الحراڤ مرتين دون الوصول إلى معالجة الظاهرة، بل يجعله يحس بأن الدولة التي لم يجد فيها فرصة عمل والتي تعاقبه، لما ركب "الزودياك" بحثا عن لقمة العيش في بلاد الكفار، لا تحترم أبنائها على حد تعبيره.