سبق له وأن أدلى بالعديد من الحوارات الصحفية منذ أن قرر مغادرة الجزائر مكرها قبل تسع سنوات من الآن لكنها لم تكن بمثل هذه الصراحة التي ميزت حديثه هذا مع النهار خاصة فيما يتعلق بعلاقته بالإمبراطور السابق للتلفزيون حفيظ دراجي، هذا الحوار الذي سلط فيه الصحفي المتألق حاليا في الجزيرة الرياضية عن الكثير من القضايا وعبر بجرأة عن رأيه في كل ما أحاط بعمله سابقا وحاليا. النهار : من دبي الرياضية إلى الجزيرة الإخبارية، كنا ننتظر انضمام مجيد بوطمين إلى فريق الجزيرة الرياضية على غرار بقية الصحفيين الجزائريين العاملين هناك، لكن هذا لم يحدث لماذا؟ هذه قضية مكتوب لا غير، فعندما غادرت قناة دبي الرياضية وجاءني عرض العمل في الجزيرة الإخبارية لم أفكر كثيرا في الأمر لأن رغبة التغيير كانت تجتاحني أكثر، وبالنسبة لدي لا فرق بين العمل في القناتين سيما وأنني وجدت الهدوء والاستقرار اللذان كنت أنشدهما مع القناة الإخبارية. النهار : و لكن الجزيرة الرياضية أقرب لتخصصك وتلقي اهتماما كبيرا من لدن الجمهور الرياضي العربي؟ هذا أكيد، لكن العمل في الجزيرة الرياضية مجهد ومضني أكثر منه في الإخبارية فهو يجعلك مجبرا على التعليق وإعداد المواضيع والربورتاجات، وهو العمل الذي دأبت عليه طيلة ست سنوات كاملة قضيتها في دبي الرياضية وهي السنوات التي جعلتني مكتفيا ومتشبعا منه. النهار : هل يعني هذا أنك افتقدت الطموح الذي تميزت به في السابق؟ ليس كذلك ولم يكن تفكيري على هذا النحو، لكن العمل في الجزيرة الإخبارية يضمن لي الهدوء ويجعلني بعيدا عن الصراعات، وأعتقد أن مشوار أي صحفي يبقى بحاجة لفترة راحة حتى يشحن بطارياته من جديد. النهار : وهل لديك الرغبة في العمل مع الجزيرة الرياضية؟ لم أفكر في الأمر مادمت مرتاحا في القناة الإخبارية وكما قلت لكم "ماهيش فارقة" بالنسبة لي، وليكن في معلوماتك أن عدد مهم من الصحافيين في القناة الرياضية يرغبون في العمل في الإخبارية لأن العمل في هذه القناة له خصائصه ومميزاته النفسية منها و حتى المادية. النهار : ما سر تألق الصحافيين الجزائريين في قناة الجزيرة؟ هذا السؤال طرح علي في أكثر من مناسبة وأعود وأؤكد على أن مستوى الصحفي الجزائري وتكوينه يؤهله للعمل في أحسن القنوات وكل هذا بفضل الإذاعة والتلفزيون الجزائري اللذان أعتبرها بمثابة مدرسة حقيقية بكل المقاييس بما في ذلك تعلم اللغة العربية السليمة والتي جعلتنا الأفضل فنحن لسنا مثل المصريين مثلا ننطق الجيم "قيم"، أعتقد أن الجزائريين ككل قادرين على تحقيق المعجزات لو توفر لهم الظروف المواتية لذلك. النهار : وكيف هي علاقتك مع بقية الصحفيين الجزائريين هناك وفي مقدمتهم حفيظ دراجي؟ والله علاقة أخوية خاصة مع الحبيب بن علي الذي لا يمكنني أن أنكر فضله علي عندما كان مديرا للقسم لرياضي عند التحاقي بالتلفزيون الجزائري، يومها ساعدني كثيرا وكانت لديه رغبة حقيقية في منح الفرصة للصحافيين الشبان، بينما دراجي وربما لقرب السن بيننا ورغبته في أن يكون الكل في الكل فقد حدثت صدامات كثيرة فيما بيننا في السابق لكن الأمور عادت طبيعية الآن ونحن نلتقي ونتحادث بصفة دورية الآن. النهار : دراجي الذي كان يؤكد بأنه لن يغادر ليعمل خارج الجزائر؟ وهذا ما ألومه عليه لأنه لا أحد فينا كان يفكر في مغادرة الجزائر لولا العراقيل والمشاكل التي واجهتنا في العمل ببلادنا ولهذا قرار الهجرة ودراجي هو الآخر وجد نفسه في نفس الموقف واضطر للهجرة بعد أن واجه المشاكل هو الآخر. النهار : ما هي طبيعة المشاكل التي واجهتك خلال فترة عملك في التلفزيون الجزائري؟ هي كثيرة وتعود أساسا إلى النجاح الكبير الذي عرفته حصة في المرمى عندما كنت أشرف عليها والتي بلغت درجة منافسة حصة ملاعب العالم وبقوة رغم أن كل الإمكانات كانت توضع وتسخر لحصة حفيظ دراجي ومن هنا بدأت العراقيل فتم تقليص مدة بثها من ساعة إلى 40 دقيقة ثم تقرر تأخيرها إلى ساعة متأخرة من سهرة الجمعة وبعدها تمت برمجتها في المساء وكل يغرض واحد ووحيد وهو القضاء على منافستها لملاعب العالم، هنا بدأ الصدام بيني وبين دراجي الذي أصر على موقفه وبعد أن أدركت بأنه مسنود ومدعوم بقوة من المدير حمرواي فقررت الرحيل والهجرة رغما عني. النهار : وكيف تقيم حصتك السابقة مع توزالين؟ أنا لا ألوم توزالين على ما يقدمه لأن أي صحفي في مكانه لا يقدر على تقديم أفضل مما يقدمه الآن، المشكل ليس في توزالين وإنما في كل السياسة التي تسير القسم الرياضي والتلفزيون الجزائري وحتى كرة القدم الجزائرية فكيف لصحفي التلفزيون أن يغطي مباراة في ملاعب لا تحترم فيها أبسط المقاييس العالمية، لا يمكنك حتى وضع الكاميرا في ظروف مناسبة للتصوير والمؤسف أن الجزائر تملك إمكانات ضخمة تؤهلنا للتفوق حتى على بلدان الخليج لو يتم توظيفها بشكل جيد. النهار : هل أنت مقتنع بنوعية البرامج الرياضية المعروضة في التلفزيون الجزائري؟ للأسف لا، حتى وإن كنت غير راغب في انتقاد هذه المدرسة التي تكونت فيها إلا أنه لابد من الإعتراف بأن مستوى البرامج الرياضية في تراجع مستمر فهي ليست حتى بقيمة ونوعية ما كانت عليه خلال التسعينات، لازلنا في نفس المشاكل، نفس الأخطاء والأدهى أنني أصبحت ألاحظ أخطاء لغوية وأخطاء في التقديم وهذا يدفعني دائما للإتصال بالزملاء وتذكيرهم بأخطائهم. التلفزيون الجزائري والقسم الرياضي ليس بحاجة للتغيير فقط بل لثورة حقيقية أين. النهار : أكيد أنك تشاطرني الرأي عندما أقول بأن نوعية البرامج الرياضية عند جيراننا أفضل بكثير وأضرب لك مثالا بحصة "الأحد الرياضي" في القناة التونسية؟ هذا واضح، والمشكل مشكل ذهنيات، ففي التلفزيون الجزائري كانت لدينا حصة عملاقة انطلقت سنه 1982 كلنا كبرنا وتعودنا عليها وأعني هنا حصة "أرقام وتعاليق" لكن هذه الحصة وعوض أن يتم تطويرها وعصرنتها تعرضت بالمقابل للإقصاء والتهميش لأسباب غير بريئة. النهار : ماذا تقصد بأسباب غير بريئة؟ هذا السؤال اطرحوه على حفيظ دراجي لأنه هو من أقدم على إقصاء هذه الحصة ومن تم إلغائها بعد أن قام بإدماجها في حصة كل الرياضات وهذا حتى يضمن بقاء حصته ملاعب العالم الوحيدة في الواجهة وهنا أفتح قوسا وأقول بأن حتى وأن كنت لا أنكر ما قدمه دراجي للحصة في سنواتها الأولي إلا أن ملاعب العالم صارت بالنسبة لي وبالنسبة لكثيرين مجرد حصة تافهة خلال الأربع سنوات الأخيرة لا أحد كان يتابعها منذ أن صارت تعرض بعض اللقطات المسروقة من الدوريات الأوربية و بعد أن فقدت كل بريقها أمام تنامي ظهور القنوات العربية والأجنبية المختصة وخاصة بعد أن صار دراجي مسؤولا في التلفزيون ولم يعد بالتالي يكلف نفسه عناء تحضيرها والإشراف عليها. النهار : وهل قلت لدراجي كل هذه الحقائق عندما التحق بكم في الجزيرة؟ قلت له ذلك حتى قبل رحيلي من التلفزيون يومها رفضت أن أسكت وأدخل في صفه وصف من كان يدعمه وأقصد بذلك حمراوي. النهار : ألا تفكر في العودة للعمل بالجزائر؟ أتمنى ذلك بعد تسع سنوات من الغربة، لكن للأسف هذا صار غير ممكنا في الوقت الحالي ولن يكون ممكنا مادام أن القطاع السمعي البصري يبقى مقيدا باحتكار الدولة، أعتقد بأنه من الضروري فتحه للمستثمرين وأنا شخصيا التقيت بالعديد من رجال الأعمال الجزائريين في الإمارات ممن أكدوا لي رغبتهم في الإستثمار في هذا المجال بفتح قنوات مختصة، ليسا شرطا في السياسة بل في مجال الرياضة، الثقافة وغيرها من المجالات. النهار : دراجي كان تحدث عن إنشاء قناة رياضية مختصة لكن مشروعه لم يرى النور صحيح هو وعد بإنشاء هذه القناة وكرر وعده ثم استقال أم أقيل من التلفزيون لست أدري من دون أن يجسد وعده، شخصيا لم أفاتحه في هذا الموضوع لكني أعتقد بأنه كان مشروعا للدعاية فقط. النهار : ما هو أكثر شيء ينقصك خلال عملك مع الجزيرة؟ هو التعليق على المباريات الكبيرة في البطولة الوطنية، اشتقت للتعليق على مباريات المولودية والقبائل والحراش وغيرها من النوادي أمام 90 ألف متفرج في أجواء حماسية لا يعرف سرها إلا الجماهير الجزائرية. النهار : وهل مازلت تتابع فريقك المفضل رائد القبة؟ أكيد فالقبة تسكن في دمي، ولقد تابعت على الأعصاب قضيتها مع الإتحادية الجزائرية ورغبت في تقديمها في الجزيرة لكن سحب اعتماد القناة في الجزائر حال دون ذلك ،مع أنني كنت واثقا من أنه سيأتي اليوم الذي سيتم فيه إنصاف الرائد الذي لم يقم بذنب يستحق عليه أن يهدر حقه بالباطل كما أرادوا له ذلك ،لقد كنت جد مستاء من موقف الرئيس الأسبق حداج خاصة بعد أن أعلمني بعض زملائي بأنه قال لهم وراء الكاميرا " يا أنا يا القبة" أعتقد بأن الأمور ستتحسن مع عودة روراوة والذي أتمنى أن يجسد المشروع الهادف الذي جاء به إلى الفاف. النهار : الجزيرة الإخبارية وحتى الرياضية ممنوعتان من العمل في الجزائر هل هذا يؤثر على عملكم؟ أكيد والخاسر الأكبر هي الرياضة الجزائرية عندنا لأن احتجاب النشاطات الرياضية الوطنية عن الظهور في القناتين لا يخدمها تماما، خد مثالا بالدوري الجزائري الذي صار مجهولا بالنسبة للمشاهد العربي مقارنة بالدوريات في تونس والمغرب والتي تحضي بتغطية مهمة من قبل الجزيرة الرياضية وهنا أريد أن أوجه رسالة إلى المسؤولين حتى إن كنتم على خلاف مع الجزيرة الإخبارية فما ذنب الجزيرة الرياضية ولماذا نفوت فرصة الترويج للرياضة الجزائرية وتقديم الصور الرائعة لجماهيرها على الأقل. النهار : سؤال أخير، أين أختفت شقيقتك البطلة السابقة والصحفية السابقة في الإذاعة سكينة بوطمين؟ هي حاليا تشتغل كمكلفة بالإعلام على مستوى وزارة الشباب والرياضة بعد أن غادرت الإذاعة مؤقتا لأنها هي الأخرى رفضت الدخول في الصف.