من أصعب المشاعر التي تنغص على الانسان سعادته في هذه الحياة الدنيا الإحساس بالفشل والإحباط نتيجة عجزه عن تحقيق هدف معين يصبو إليه . الحقيقة أن الشعور بألم الفشل لا يسلم منه الإنسان في حياته، فرسوب التلميذ في مرحلة من المراحل الدراسية يترك أثرا لا يزول مهما تبعه من نجاح في السنوات اللاحقة، وكذلك عجز الطالب عن التسجيل في الاختصاص الذي يريده في الجامعة، وفشل الباحث عن عمل، الفشل في إيجاد وظيفة تتناسب مع المؤهل، كل هذه الأمور تجعل الحياة سوداء في نظر بعض الناس الذين يعتقدون أنهم إذا فشلوا مرة واحدة، فسيفشلون كل مرة، وأن الحياة لن تبتسم لهم من جديد. إن تعاظم مشكلة الفشل لدى البعض تنتج عن عوامل عدة أبرزها ضعف الوازع الديني لدى كثير من الناس، الذين يتناسون أن الفشل مثله مثل أي مصيبة في الحياة هو من الابتلاءات التي يجرب بها الله سبحانه وتعالى عباده الصالحين، وأن الفشل اليوم لا ينفي النجاح غدا، والله عز وجل يقول «وتلك الأيام نداولها بين الناس». كما أن هذا الضعف يتعلق أيضا بقضية الإيمان بالقضاء والقدر وما يرتبط بها من أمور غيبية لا يعرفها إلا الله عز وجل، فقد يكون ما نعتبره فشلا خيرت كثيرا، وقد يكون في ما نعتقده خيرا لنا شرا كبيرا، وصدق الله عز وجل الذي يقول: «عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون». إضافة إلى ذلك فإن من العوامل المساهمة في تفاقم آثار الفشل، تراجع الإنسان وتقهقره عند أول تجربة فاشلة يمر بها، فنراه يرفض أحيانا إعادة التجربة مرة أخرى، ويكتفي بما آلت إليه حاله، متناسيا بأن تحقيق الأماني يحتاج إلى عزم وإرادة ومثابرة. إن استرجاع الهمة والإقدام على العمل من جديد مرة وراء أخرى أمر مهم في الوصول إلى الهدف، والمثل يقول: «ليس العيب أن يسقط الفتى ولكن العيب أن يبقى حيث سقط». والتاريخ يحكي لنا عن عظماء قدموا للإنسانية خدمات كثيرة، بعد مرورهم بتجارب فاشلة عديدة، ومن هؤلاء الذين خبروا الفشل في حياتهم وتعايشوا معه العالم «أديسون» الذي اخترع المصباح الكهربائي، بعد الآلاف من التجارب الفاشلة التي مر بها، ومن الناس من ينظر إلى الفشل على أنه من الماضي الذي لن يعود، ومنهم من يجر هذا الفشل معه أينما ذهب، وإلى هذا الأخير نقول «إن العمر كله هو اللحظة التي أنت فيها فاتقن عملك ما استطعت فقد لا تأتيك فرصة أخرى للعمل».