رغم أن الحدود الجزائرية المغربية مغلقة منذ تاريخ 26 أوت 1994، إلا أن هناك أطرافا على الحدود الجزائرية المغربية لا تؤمن بهذا القانون بل وظفته لصالحها من أجل إيجاد حلول لتمرير الحراڤة مقابل عمولة متفق عليها تتراوح ما بين 3000 دينار و5000 دينار حسب شدة المراقبة التي تعرفها الحدود، فإن كانت سهلة ويسيرة فإن المبلغ قد ينزل إلى حد 1500 دينار فقط، في حين يرتفع إلى أكثر من 10 آلاف دينار في حال خطورة العملية، على حسب تعبيرهم. ''النهار'' اتصلت بأحد المعارف هناك الذي أوصلنا إلى أحد سكان القرية الحدودية الذي كشف أمرنا، لكنه وعد بمساعدتنا شريطة أن لا نذكر اسمه، حيث كشف لنا أنه بالتعاون مع بعض معارفه من المغاربة القاطنين على الحدود مع الجزائر، ''نقوم بتهريب البشر مقابل عمولة الطريق، كما تعرف على الحدود''، حيث يتجمع الحراڤة في إحدى البيوت الطينية القديمة بأمر من الحراڤ إلى غاية إيجاد الفرصة السانحة لتمريرهم إلى الضفة الأخرى، أين تتكفل بهم شبكات خاصة هناك، تكون على اتفاق مع نظرائهم الجزائريين ويتم تحويلهم إلى الحدود على متن سيارات التهريب وبعض الشاحنات المغلقة من نوع ''مرسيدس''، في حين يتم عبورهم للحدود راجلين من منافذ خاصة للوصول إلى محطة التوقف الثانية التي تكون عبارة عن بيت مغربي مهجور يستعمل خصيصا لاستقبال الحراڤة وإيوائهم قبل نقلهم إلى الحدود أو إلى مدينة وجدة التي ببلوغها تنتهي المهمة. أفارقة وفارون من العدالة أكثر المقبلين على ''الحرڤة'' كشف دليلنا في رحلتنا لاختراق الحدود أن شبكته اكتسبت خبرة في مجال تهريب الأشخاص إلى المغرب، ومن المغرب إلى الجزائر، حتى أنهم أصبحوايعرفون نوعية الزبائن الذين يعتبر أغلبهم من الأفارقة يحاولون عبور الحدود الجزائرية نحو المغرب من أجل الاقتراب نحو السواحل الإسبانية عبر سبتة ومليلية، وغالبا ما يدفع هؤلاء الأفارقة مبالغ هامة، خصوصا حديثي العهد بالحرڤة حيث يدفعون ثمن رحلتهم بالعملة الصعبة ودون مناقشة، كما نجد من بين زبائن فرقة الحراڤة مجموعة كبيرة من الهاربين من العدالة الجزائرية الذين يختارون الهروب نحو المناطق الحدودية فرارا من الأوامر بالقبض التي تلاحقهم خصوصا بارونات المخدرات الذين بدورهم يدخلون ويغادرون عدة مرات للقاء أهلهم والاتصال بالمحامين للاستفسار عن قضاياهم، كما أن هناك من المبحوث عنهم من اختارالمغرب سواء طريقا نحو أوربا بصفة نهائية أو مركزا للإقامة الدائمة لتفادي القبض عليهم ويدفعون بلا حساب، كما أن هناك زبائن موسميين من الممنوعين من دخول الوطن، وهم القدماء السود المقيمين بأوربا ولهم عائلات بالجزائر، يضطرون إلى دخول الجزائر خلال موسم الصيف بعدمايصلون إلى المغرب، لكن مدة إقامتهم لا تطول خوفا من اكتشاف أمرهم، في حين سجل مرافقنا دخول عائلات لها قرابة بالمغرب لزيارة الأهل هناك، تفاديا لتكاليف الرحلة عبر وهران المكلفة، كما نجد فئة ثالثة من التجار الذين يدخلون المغرب عبر الرحلة الجوية من وهران ويقومون بإدخال السلع برا لعدة مرات،مستفيدين من ختم مصالح المطار للدخول للإقليم المغربي والوثائق الجزائرية لعبور الحدود بسهولة. أما من الجانب المغربي فإن أكثر الزبائن هم شبكات العمال المغاربة من منطقة فاس الذين يدخلون التراب الجزائري للعمل في ورشات البناء والتبليط والنقش على الجبس والرخام وهي الحرف المطلوبة بقوة في الجزائر. ''الحراڤ'' أمين على الوثائق الشخصية إلى غاية العودة لتفادي كشفه أكد صديقنا ''الحراڤ'' أن الوثائق الشخصية للشخص الذي يحاول الحرڤة ممنوعة من المرور لتفادي المشاكل التي تكشف الشبكة، حيث تقدم الوثائق المكلف بالحرڤة مع المبلغ، فالوثائق الجزائرية تبقى لدى ''الحراڤ'' الجزائري، فيما تحول الوثائق المغربية إلى ''الحراڤ'' المغربي، ويكون العمل مشتركا لتأمين الطريق أمام من يريد مغادرة التراب الوطني بلا تأشيرة ولا جواز سفر وسوف يدفع مبلغ 5000 دينار فقط. هذا المبلغ الذي يرتفع وينخفض حسب وضعية الأمن بالحدود خصوصا الجزائري، لأن ''المخازنية'' المغاربة لهم حصة من مبلغ الحرڤة مقابل غض الطرف، لكن شريطة عدم عبور السياسيين والإعلاميين والعسكريين الذين يعتبرونهم عناصر الشبكات المغاربة مصدر خطر على المملكة، كما يخضع الشاب الذي يحاول الحرڤة من الجزائر نحو المغرب إلى مساءلة طويلة من قبل الوسيط الجزائري، ثم من طرف المغربي لتفادي المشاكل، وفي حالة الشك يمنع من الصور حيث يفترض على من يريد الحرڤة أن يعرّف بوجهته والأشخاص الذين يعرفهم بالمغرب والهدف من الرحلة وإلا كان مصيره التسليم إلى المخزن المغربي، هناك عشرات الحالات التي وقعت في مشاكل مع ''الحراڤ'' بالحدود الذي يرفضون فتح الحدود مع المغرب لأنها تعد مصدر رزقهم في تهريب البشر إلى المغرب بلا جواز سفر ولا تأشيرة.