كان يتسلّم مبالغ ضخمة ب«الأورو» داخل المرحاض ثمّ يصرّح بملكيته لها للتمكن من إخراجها استفحلت، في الآونة الأخيرة، جرائم تهريب الأموال سواء بالعملة الوطنية أو الأجنبية، عبر نقاط العبور الحسّاسة كالمطارات والموانئ، مما ألحق أضرارا لا تعدّ ولا تحصى بالخزينة العمومية وعليه بالاقتصاد الوطني. فبالرغم من العقوبات الصّارمة التي اتّخدها المشرّع الجزائري في حق المهرّبين من رجال أعمال وتجاّر و«بزناسية»، من خلال تسليط غرامات بضعف المبلغ المالي محلّ التهريب، إلا أن مثل هذا النوع من الجرائم طغت ملفاته بشكل ملفت في المحاكم، وهذا ما تطرحه محكمة الدار البيضاء يوميا على طاولتها. استهلّت، أمس الاثنين، محكمة الجنح بالدّار البيضاء، نشاطها بجلسة محاكمة تضمنت وقائع مثيرة في ملف خاص بموقوف، وهو رب عائلة مغترب بفرنسا منذ 13 عاما. ويتعلّق الأمر بالمسمى «م.عدلان»، تاجر بالعاصمة، تورّط برفقة جمركيين بمطار هوّاري بومدين في قضية وهما «ش.ع» و«ك.م» في تهريب مبالغ مالية معتبرة من «الأورو» داخل «مراحيض» المطار، إذ كشفت عمليّة ترصّد وتتبّع آخر رحلة جوّية مبرمجة بين الجزائر والصيّن، عن محاولة تهريب ما قيمته 100 ألف أورو، أي ما يساوي مليارين و200 مليون سنتيم من طرف المتهمين. وجاءت هذه العملية عقب معلومات مؤكدة وردت رجال الضبطية لمطار هواري بومدين، عن وجود شخص وهو المتهم الرّئيسي في قضية الحال مختص في تهريب العملة الأجنبية عبر المطار، حيث كان المشتبه فيه يستغل دورات المياه في كل مرّة لأجل تسهيل نشاطه الإجرامي، بتواطؤ أعوان جمارك لم تحّدد هوياتهم. واستغلالا لتلك المعلومات قام المحققون بتفقّد كاميرات المراقبة بدءا من قاعة الوصول إلى غاية دورات المياه، ليتمّ رصد حركات مشبوهة للمتهم الرئيسي برفقة جمركيين بالمطار. إذ رصدت الكاميرا توّجه المتهم بعد وصوله إلى مطار هواري بومدين خلال الرحلة الجوية التي قدم على متنها من فرنسا، بتاريخ 19 أوت 2018، من قاعة الوصول مباشرة إلى غاية دورة المياه برفقة عون جمركي «ش.ك»، ليقوم المتهم بالاتصال هناك بجمركي آخر المدعو «ش.ع»، والذي لحق به في ظرف وجيز وسلّمه مبلغا بقيمة 100 ألف أورو في دورة المياه. ثمّ غادر المغترب المكان مباشرة وتوجه إلى مصلحة التصريح الجمركي، أين أجرى تصريحا بالمبلغ الذي بحوزته على أساس أنه يحوزه مسبقا وتمّ جلبه معه من فرنسا، ليتحصّل بعد ذلك على سند قانوني، وهذا لأجل التمكّن من إعادة أخذه معه خلال مغادرته الجزائر. وعقب هذه الحركات المشبوهة تمّ وضع خطّة محكمة لتوقيف المتهم وشريكيه في العمليّة، لتتمكّن ذات المصالح من توقيف المغترب في ظرف أقل من أسبوع، وتحديدا يوم 25 أوت 2018، وهو بصدد الاستعداد للسفر إلى دولة الّصين الشعبية، أين تمّ ضبط المبلغ المالي الذكور بحوزته، ليجري حجزه مع السند الخاص بالتصريح به. وعلى إثره تمّ اقتياد المعني بالأمر إلى جهات التحقيق الداخلي للمطار برفقة شريكيه الجمركيين «ش. ع« و«ك. م». المتهم وخلال مجريات التحقيق، أنكر ما نسب إليه من تهم، كما نفى علاقته بالجمركيين، مفيدا بأنه في يوم الوقائع التقى الجمركي «ك. م« بالمرحاض صدفة فأعاره هاتفه النقال بطلب منه لإجراء مكالمة هاتفية يجهل صاحبها. منكرا تسلّمه مبلغ 100 ألف أورو داخل المرحاض، لكن تمت مواجهته بالدليل المادي المتمثل في الكشوفات الهاتفية التي أكدت وجود اتصال بينه وبين الجمركي «ك.م»، إلى جانب قرص مضغوط به لقطات مصورة تثبت قيامه بالفعل المشبوه داخل المرحاض برفقة المتهم الثاني الجمركي. وعليه قرّرت المحكمة إرجاء النطق بالحكم إلى الأسبوع المقبل، أما الطرف المدني الممثل القانوني للخزينة العمومية فقد طالبت بقبولها التأسّس كطرف مدني مع إلزام المتهمين بتعويض مالي جبرا عن الأضرار اللاحقة. صاحبة وكالة سفر تحاول تهريب 100 ألف «أورو» إلى تونس وبنفس التهمة، توبعت صاحبة وكالة «سياحة وأسفار» بالعاصمة، أمام محكمة الحال، بعد توقيفها من قبل شرطة الحدود بمطار هوّاري بومدين الأسبوع الفارط، متلبّسة بجرم تهريب 100 ألف أورو كانت مخبأة بإحكام داخل إحدى حقائبها بين أمتعها، إذ وبعد الكشف عن المبلغ تمّ اقتيادها إلى التحقيق، لتمثل أمام هيئة المحكمة بالدار البيضاء. أين اعترفت بأنها جلبت معها المبلغ المالي محلّ الحجز بغرض دفع تكاليف الفنادق في تونس الشقيقة، المتعاقدة معها بمناسبة موسم الاصطياف، ليلتمس وكيل الجمهورية توقيع عقوبة عامين حبسا نافذا وغرامة بضعف المبلغ المحجوز، قبل أن تدين المحكمة المتهمة بعقوبة 6 أشهر حبسا نافذا مع المصادرة.