يتحدث المدرب النيجيري السابق للمنتخب المالي ستيفان كيشي في حوار هاتفي مع "النهار"، عن المستوى الذي ظهر به المنتخب الوطني الجزائري خلال الطبعة ال 27 لنهائيات كأس أمم إفريقيا، واصفا "الخضر" باكتشاف الدورة بالنظر لاجتيازهم عقبات أكبر المنتخبات المرشحة لنيل اللقب على غرار كل من مالي وكوت ديفوار، مناديا في نفس الوقت بضرورة تغيير قوانين الاتحادية الإفريقية لكرة القدم فيما يخص المقاييس التي تأخذها بعين الاعتبار في احتساب المنتخبات المتأهلة لنصف النهائي من المنافسة في حال تساوت في النقاط. بداية، كيف هي أحوال كيشي بعد الطلاق الذي تم بينه وبين الإتحادية المالية لكرة القدم ؟ بخير... الأمور تسير على أحسن ما يرام، في الحقيقة نهاية مشواري على رأس العارضة الفنية للمنتخب المالي كان عقب توصل الطرفين لاتفاق نهائي. هل يمكن اعتبار إقصاء المنتخب المالي في الدور الأول من النهائيات أحد الأسباب التي عجلت برحيل كيشي من العارضة الفنية للمنتخب المالي ؟ في حقيقة الأمر، هناك العديد من الأسباب التي أدت الى فسخ العقد بيني وبين الاتحادية المالية لكرة القدم ومن بينها كما قلت الخروج من الدور الأول لنهائيات كأس أمم افريقيا خاصة وأن الاهداف المسطرة قبل التنقل للمشاركة في نهائيات كأس أمم افريقيا كانت الوصول للمربع الذهبي من المنافسة ولكن شاءت الأقدار أن تتوقف العجلة في الدور الأول. وعقبة المنتخب الجزائري كانت السبب أليس كذلك ؟ نعم في الحقيقة الهدف من مواجهتنا المنتخب الجزائري كان يكمن في تأكيد النتيجة الايجابية المحققة في المباراة الأولى أمام البلد المنظم انغولا خاصة وأننا استطعنا العودة في النتيجة من بعيد، فبعدما كنا منهزمين بنتيجة ثقيلة وصلت إلى أربعة أهداف كاملة تمكنا من تداركها خلال المرحلة الثانية من المباراة الى غاية اقتسامنا نقاط المباراة بفضل التعادل الايجابي، إلا أننا لم نكن ننتظر العودة القوية للمنتخب الجزائري بعدما انهزم في مباراته الأولى أمام مالاوي بثلاثة أهداف نظيفة، فالوجه الذي ظهر به المنتخب الجزائري أمام مالي كان مخالفا تماما للوجه الذي ظهر به أمام المالاوي وأظن أن هزيمة الجزائر الأولى ليست لديها أية علاقة مع مستواها الحقيقي بالنظر للتحدي الكبير الذي رفعه اللاعبون الجزائريون أمام مالي وتمكنهم من الخروج بالنقاط الثلاثة في المباراة التي كانت وراء تأهلهم للدور الثاني من المنافسة. لقد أثيرت الكثير من الأقاويل بخصوص مباراة الجولة الأخيرة لحساب المجموعة الأولى عندما أسفرت نتيجة المباراة التي جمعت بين المنتخب الأنغولي ونظيره الجزائري بالتعادل السلبي الذي أهلهما سويا للدور ربع النهائي وبفضل الخدمة التي قدمتها مالي الفائزة على حساب مالاوي في آخر جولة ؟ أظن أن النتيجة التي أسفرت عنها المباراة الأخيرة التي جعتنا بالمنتخب المالاوي أثبتت الوجه الحقيقي للمنتخب المالي, خاصة وأننا استطعنا التغلب على المالاويين بالنتيجة والأداء, ولكن في كرة القدم عادت ما تفلت من يدك تأشيرة التأهل ويصبح مصيرك بيد المنتخبات الأخرى، فالفوز لا يعني بالضرورة التأهل وهذا ما حدث لنا في الواقع, ففي الوقت الذي كنا ننتظر فيه أن تنتهي المباراة التي جمعتكم بأنغولا بفائز ومنهزم تبخرت في نهاية المطاف أحلامنا بالنظر للتعادل المحقق بين المنتخبين، وهنا أريد أن أوضح نقطة واحدة فقط بخصوص هذه المباراة. تفضل ... أظن أنه من الطبيعي أن تثار الأقاويل بخصوص المباراة الأخيرة التي جمعت بين المنتخب الأنغولي ونظيره الجزائري باعتبار أن الجميع شاهد الطريقة التي لعب بها المنتخبان خلال المرحلة الثانية والتي كانت مبنية على أساس النتيجة التي كانت بين المنتخب المالي ونظيره المالاوي والوتيرة التي لعب بها المنتخبان في الشوط الأول كانت مخالفة تماما للوتيرة التي لعب بها خلال المرحلة الثانية ولهذا فمن غير المنطقي أن تحسم تأشيرة التأهل بين منتخبين لهما نفس الرصيد من النقاط لصالح المنتخب الفائز في المواجهات المباشرة. ماذا تقصد بالضبط؟ أنا لا أشكك في تأهل المنتخب الجزائري للدور ربع النهائي بالصيغة التي يعتمد عليها الاتحاد الافريقي لكرة القدم وإنما أردت أن أوجه انتقادي للصيغة التي تعتمدها الاتحادية الافريقية لكرة القدم التي تختلف عن الطريقة المنتهجة من قبل الاتحادية الدولية لكرة القدم "فيفا" ولهذا أظن أنه من المنطق احتساب فارق الأهداف مباشرة بين المنتخبين دون اللجوء الى المواجهات المباشرة، مثلما هو معمول به في الاتحاد الأوربي وفي التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم، فمن غير الطبيعي أن يسجل المنتخب المالي سبعة أهداف كاملة خلال الدورة في حين سجل المنتخب الجزائري هدفا وحيدا حجز من خلاله تأشيرة ربع النهائي، ولهذا أنا أتمنى أن يتم تعديل القوانين الخاصة بحسم هوية المنتخبات المتأهلة في حال تساويها في النقاط بالاعتماد على فارق الأهداف مما يزيد من رفع المستوى والتنافس داخل الميدان. وكيف كان صدى الطريقة التي تأهل بها المنتخبان الأنغولي والجزائري في أوساط كرة القدم المالية لدى عودتك رفقة المنتخب المالي للعاصمة باماكو ؟ الاتحادية المالية لكرة القدم لم توجه أصابع الاتهام لنظيرتها الجزائرية أو الأنغولية بخصوص طريقة الحسم في اقتطاع تأشيرة التأهل للدور الربع النهائي بقدر ما وجهت انتقاداتها لقوانين الاتحادية الافريقية لكرة القدم فيما يتعلق بالطريقة التي تعتمدها في تحديد هوية المنتخب المتأهل في حالة تساويه مع آخر في عدد النقاط، وهي الحالة التي شهدها المنتخبان الجزائري والمالي, ولكن المهم بالنسبة للماليين أنهم خرجوا من المنافسة ورؤوسهم مرفوعة باعتبار أن اللاعبين في حد ذاتهم أجمعوا في اخر مباراة لهم على ضرورة الخروج بشرف من المنافسة وتحقيق الفوز على مالاوي دون إعطاء أي أهمية للمباراة الثانية التي كانت تجمع الجزائر وأنغولا, وكان لهم ذلك في نهاية المطاف ولكن تأسفوا في نهاية المطاف لابتسام قوانين الكاف للجزائر. وماذا عن صورة الجزائر لدى الماليين ؟ عادية جدا ولم ألمح أي تغير فيها عكس ما أشيع من قبل بعض وسائل الإعلام التي انتقدت نتيجة مباراة أنغولا والجزائر. من هم اللاعبون الجزائريون الذين لفتوا انتباهك خلال هذه الدورة ؟ لا يخفى عليك أن تشكيلة المنتخب الجزائري غالبيتها جديدة من الجيل الحالي المحترف بالبطولات الأوربية وغالبيتهم شباب ولهذا ما عدا زياني وصايفي اللذين أعرف أنهما في التشكيلة الجزائرية منذ وقت طويل, فقد لفت انتباهي كما قلت خلال هذه الدورة العديد من اللاعبين وبنسبة كبيرة المدافع رقم 5 الذي سجل في شباكنا (يقصد به حليش)، إنه يتمتع بامكانات فنية ومورفولوجية عالية جدا تتناسب مع طريقة اللعب الإفريقية التي تعتمد على الاندفاع البدني بنسبة كبيرة, وقد ساهم بقسط كبير في النتائج الايجابية التي حققها المنتخب الجزائري خلال هذه التصفيات ولهذا أعتبره قوة حقيقية في المنتخب الجزائري, وقد برز الدور الذي قام به وبنسبة كبيرة خلال المباراة الثانية رفقة زميله المدافع مجيد بوڤرة أمام كوت ديفوار عندما استطاعوا تحويل الهزيمة الى فوز ثمين, كما يوجد عنصر آخر فعال في تشكيلة المنتخب الجزائري لفت انتباهي أيضا. من هو ؟ الحارس, الجزائر لديها حارس من طينة الكبار واستطاع أن يساهم أيضا في النتائج الايجابية المحققة للمنتخب الجزائري خلال هذه الدورة بل أنه كان أحد مفاتيح الفوز في مباراتنا الثانية ودوره الكبير في صد العديد من الحملات الهجومية للمنتخب المالي. أكيد أن ملاقاتك للمنتخب الجزائري في المباراة الثانية جعلتك تقف عند نقاط قوته وضعفه، هل لك أن تبين لنا البعض منها ؟ أظن أن تواجد المنتخب الوطني ضمن المنتخبات الإفريقية الستة التي ستمثل القارة السمراء في نهائيات كأس العالم القادمة بجنوب إفريقيا دليل على التطور الملحوظ الذي شهدته كرة القدم الجزائرية خلال السنة الماضية ولهذا فقد اندهشنا كما قلت لك للهزيمة التي منيت بها الجزائر في أول مباراة لها أمام مالاوي في حين كنا ننتظر رد فعل قوي أمام مالي وكان ذلك فعلا, أما عن نقاط القوة أظن أنها تكمن في الدفاع الصلب والمتماسك الذي يتمتع به المنتخب الجزائري, بل أنه يساهم حتى في بناء الهجمات والتهديف في العديد من الأحيان، في حين أن النقطة السلبية تكمن في نقص الفعالية الهجومية, فالكرة تسير بشكل جيد في وسط الميدان ولكنها لا تجد من يترجمها الى أهداف ويبقى أكبر دليل على ذلك كما قلت لك اجتياز الجزائر لعقبة الدور الأول من النهائيات بهدف واحد فقط من إمضاء مدافع. وما رأيك في مباراة نصف النهائي التي جمعت بين الجزائر ومصر ؟ سأكون صريحا معك وأقول لك أنه لم يتسن لي الوقت لمتابعتها باعتباري كنت منشغلا ببعض الأمور الخاصة ولكنني شاهدت ملخصا عنها في وسائل الإعلام وقد اندهشت للسيناريو الذي شهدته المباراة عندما لاحظت النتيجة ووجدت الرقم 4 لصالح المنتخب المصري وبدون مقابل للمنتخب الجزائري مع طرد ثلاثة لاعبين من تشكيلة الجزائر من قبل حكم المباراة وندمت على عدم مشاهدة اللقاء على المباشر. هل نفهم من كلامك أنك لم تكن تنتظر انهزام المنتخب الجزائري بهذه الطريقة أمام المصريين ؟ بطبيعة الحال فلم يكن أي أحد منا ينتظر انهزام الجزائر بأربعة أهداف كاملة أمام المنافس الذي اقتطع على حسابه تأشيرة التأهل لمونديال جنوب افريقيا ولكن النتيجة في نظري لا تعكس المستوى الحقيقي للمنتخب الجزائري الذي لعب منقوصا من خدمات ثلاثة لاعبين أساسيين خاصة بعد خرج أحد الركائز الذي لفت انتباهي خلال هذه الدورة كما قلت لك المدافع رقم 5 الذي كان يقوم بدور كبير في الدفاع، بالاضافة الى الحارس، ولهذا من الصعب جدا أن تسير المباراة لصالحك وأنت منقوصا من الناحية العددية. إذن أنت توافق رأي من حمل حكم المباراة البينيني كوفي كوجيا السيناريو الذي شهدته المباراة وعدم استطاعته التحكم فيها ؟ كما قلت لك فانني لم أشاهد المباراة ولهذا لا يمكنني الحكم على الحكم إن أخطأ أم لا، ولكن إخراج 3 بطاقات حمراء كاملة في نصف النهائي يعني أنه كان هناك خلل، إما في الطريقة التي سير بها الحكم اللقاء أو كما لاحظت، وقوع اللاعبين الجزائريين في فخ النرفزة المتعمدة من قبل نظرائهم المصريين مما دفع بهم لارتكاب أخطاء كثيرة كلفتهم الطرد بصفة نهائية من المباراة وهذا ما لم يخدم التشكيلة الجزائرية. ألا ترى أن المنافسة الافريقية كانت مناسبة للمنتخبات التي ستمثل القارة السمراء في مونديال جنوب افريقيا للتحضير جيدا لها على غرار منتخب بلدك نيجيريا وغانا وكوت ديفوار ؟ بطبيعة الحال فرصة مواتية لتحضير المونديال وأظن أنها كانت مفيدة للغاية وأداء المنتخبات التي ستمثل القارة السمراء في المونديال خلال نهائيات كأس أمم افريقيا أثبت أنها تستحق تأشيرة التأهل للمونديال, وأنا متأكد أنها قادرة على تمثيل القارة الإفريقية أحسن تمثيل خلال الصائفة المقبلة بجنوب افريقيا لأنه هناك فرقا شاسعا في مستوى المنافستين. في الأخير، هل لنا معرفة الوجهة القادمة للمدرب ستيفان كيشي عقب فسخ العقد الذي يربطه بالاتحادية المالية لكرة القدم ؟ حاليا أنا أتواجد من دون فريق ولم أدخل في اتصالات مع أي جهة من الجهات في انتظار أخذ قسط من الراحة وبعدها سأدرس العروض التي قد تصلني. كيشي مدربا لأحد الأندية الجزائرية... فكرة تعارضها أم تؤيدها ؟ لم لا؟ مهنة التدريب ليس لديها عنوان محدد وكل شيء فيها ممكن كما أن مستوى الكرة الجزائرية غني عن التعريف وشرف لي أن أدرب في الجزائر.