المغزى الأساسي للإقتراح الذي عرضته في مقالتي السابقة، والخاص بإنشاء الصندوق الوطني للتضامن مع العاطلين عن العمل في الدول العربية، هو أن كل المتبرعين له، يقولون للعاطلين عن العمل، بلسان حالهم: إننا متضامنون معكم تضامنا كاملا ولن نتخلى عنكم، وسنتقاسم اللقمة معكم، ونتبرع لتلبية احتياجاتكم الأساسية. كما أننا لا نفعل ذلك من باب الشفقة والصدقة، وإنما من باب الواجب الوطني والشرعي، وأيضا خدمة لمصالحنا الشخصية. ذلك أن أي واحد منا يفقد عمله لأي سبب من الأسباب سيلجأ لهذا الصندوق ويستعين به. يقوم الصندوق الوطني للتضامن مع العاطلين عن العمل بثلاث وظائف أساسية: 1 يسجل ويدون أسماء العاطلين عن العمل، ويعلن للرأي العام بصفة شهرية أعدادهم، وحركة الزيادة أو النقصان في عدد العاطلين عن العمل. 2 يمنح مساعدة شهرية لكل عاطل عن العمل تساعده في تأمين حاجياته الأساسية من غذاء ولباس وسكن. 3 ينسق مع كل الهيئات الحكومية المختصة بالتشغيل، ومع القطاع الخاص، ومع وسائل الإعلام الوطنية، لتسهيل تشغيل العاطلين عن العمل، وتحويلهم من مستحقين لمساعدات الصندوق إلى عاملين منتجين منخرطين في الدورة الإقتصادية. من أجل ضمان حماسة المواطنين لهذا المشروع، أقترح تكوين مجلس أمناء للصندوق يشرف عليه إشرافا عاما، ويراقب الإدارة التنفيذية المكلفة بالقيام عليه، حتى لا يقول قائل إن الضريبة الجديدة الخاصة به تم توظيفها لمشاريع أخرى من مشاريع الدولة، أو ضاعت في النفقات الإدارية للعاملين في الصندوق. ويتكون مجلس الأمناء من ممثلين للوزارات والهيئات الحكومية الخاصة بالتشغيل، والنقابات، واتحادات الصناعة والتجارة، وهيئات المجتمع المدني الرئيسة مثل المحامين والإعلاميين، ومن ثلاث شخصيات وطنية مستقلة مشهورة بنزاهتها في المجتمع. ويكون العمل في مجلس الأمناء تطوعيا ومن دون مقابل مادي. يراقب المجلس الإدارة التنفيذية للصندوق، التي تعينها الحكومة، ويتولى نشر تقرير أدبي ومالي كل عام عن سير أعمال الصندوق. فإذا نجح الصندوق في الحفاظ على المال العام المتوفر لديه، وإنفاقه في وجوهه الصحيحة، عاد الثناء للإدارة التنفيذية ومجلس الأمناء. وإذا سرقت أموال الصندوق، وضاعت وتبددت، عاد اللوم كله والحساب على الإدارة العام وأعضاء مجلس الأمناء. أما المقترح الثاني الذي أساهم به لإثراء النقاش حول سبل مكافحة البطالة، فهو تكوين آلية دائمة للتنسيق بين الهيئات الحكومية المختصة بالتشغيل، وبين المواطنين العرب في الخارج، قصد حث هؤلاء على توظيف أهليهم ومواطنيهم في الداخل في مشاريع صغيرة ومتوسطة. ومثل هذه الآلية تحتاج للوضوح والشفافية، وأن يكون لها بنك مشاريع مجدية للمواطنين في الخارج الإستثمار فيها، وعلاقة طيبة بوسائل الإعلام للترويج لهذا المشروع. هذا ما أقترحه تعبيرا عن تعاطفي وتضامني مع العاطلين عن العمل في البلدان العربية. إن محاربة البطالة أولوية ضرورية للحفاظ على الأمن والإستقرار والسلم الأهلي في المجتمعات العربية. ولا يعقل أبدا أن نرى من مواطنينا من يبقى سنوات عديدة خارج دورة العمل من دون مساعدة تكفل له الحد الأدنى من الحياة الكريمة. كما لا يعقل أن نكتفي بقراءة الأخبار عن ركاب قوارب الموت وضحاياها. يجب أن يكون لنا رد فعل نافع وجدي يتجاوز الإعراب عن الأسف والأسى كلما نقلت وكالات الأخبار نبأ غرق العشرات من أبنائنا في البحار وهم يغامرون بحياتهم بحثا عن لقمة العيش وراء البحار. من لم يعجبه اقتراحي فليتقدم باقتراحات أخرى. فربما يؤدي ذلك إلى نتائد طيبة ومشاريع عمل واقعية مجدية في محاربة البطالة. أما الصمت والتجاهل واللامبالاة فموقف غير أخلاقي بالمرة.