كان عدد هائل من المواطنين أمس مع الموعد بساحة البريد المركزي، حيث انطلقت حملة التبرع بالدم تضامنا مع غزة.. شكلوا طوابير طويلة أمام حافلات التبرع بالدم.. وقالوا إن فلسطين في قلوبهم، وأنهم مستعدون كل الاستعداد للتضامن معها بدمائهم.. وحتى بالروح اذا استدعى الأمر. نساء ورجال، شباب وكهول، هي فئات مختلفة تجمهرت منذ الصباح الباكر أمام حافلات التبرع بالدم استجابة للحملة التي نظمتها وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات بالتعاون مع الوكالة الوطنية للدم والفيدرالية الوطنية للمتبرعين بالدم، اذ لم تمنعهم الأمطار وبرودة الطقس من الحضور بقوة. مواطنون يقطنون بالمرادية، الجزائر الوسطى، باب الزوار، وغيرها من البلديات هدفهم واحد هو مساندة غزة بأكياس دمائهم، للتعبير عن تعاطفهم مع الشعب الفلسطيني الأعزل الذي يعاني منذ عدة أيام من ويلات الغطرسة الصهيونية، آملين أن تعم هذه المبادرة الانسانية كافة بلديات العاصمة، باعتبار أنها انحصرت هذه المرة في أربع نقاط هي: ساحة البريد المركزي، الأبيار، حسين داي، وباب الوادي، كما أكدت تصريحات بعض المواطنين الذين استجوبتهم "المساء" على ضرورة الترويج المكثف لحملات التبرع بالدم تضامنا مع غزة عبر مختلف وسائل الاعلام، على أساس أن العديد منهم لم يسمعوا عنها الا في اللحظة الأخيرة. بداية الحديث كانت مع الشاب فريحي خيري (19 سنة) من العاصمة، الذي قال »نحن كلنا عرب وكلنا إخوة.. ومن الواجب أن نضع اليد في اليد لنساعد فلسطين على الصمود امام المحنة الأليمة التي تمر بها، جراء حرب الإبادة التي يشنها العدو الاسرائيلي«. واستطرد، استيقظت على الساعة السابعة صباحا لليتوجه نحو حافلة التبرع بالدم، ولن أبخل على فلسطين بدمي، ولا بأي شيء آخر يمكنه ان يضمد جراح الفلسطينيين. أما حورية، طالبة بمعهد الحقوق تقطن بباب الزوار، فذكرت أنها وجدت في هذه الحملة ضالتها المنشودة منذ بداية العدوان على غزة.. وأشارت بصريح العبارة الى أن التبرع بالدم لسكان فلسطين أضعف الايمان وأنها لن تتردد حتي في التبرع بأحد أعضائها اذا اقتضى الأمر ذلك. نفس الانطباع سجلناه لدى الشاب ابراهيم، عامل يقطن بالجزائر الوسطى، فرغم أنه غير معتاد على التبرع بدمه، الا أنه حضر هذه المرة للتبرع دون أدنى تفكير من أجل جرحى فلسطين المفجوعة والذين هم في أمسّ الحاجة الى تآزر المسلمين. وبدموع الألم رددت السيدة نعيمة بوخزني ربة بيت، عبارة: »حسبي اللّه ونعم الوكيل« إزاء ما يحدث من جرائم مرعبة في غزة تعكس حقيقة قانون الغاب الذي اصبح يسيطر على العالم وبنبرة ممزوجة بالحزن عبرت عن تأسفها لما يجري، وهو الحزن الذي دفعها لأن تخرج من بيتها دون علم أحد للتبرع بدمها رغم كونها مريضة. .. »كلمتي الأولى هي فلسطين أمانة في أعناقنا سنحاسب عليها لذا يجب أن نرفع شعار التضامن مع هذا الشعب المحاصر« هكذا استهلت الشابة صافية مهندسة دولة تقطن بالمرادية حديثها معنا، مقدمة تشكراتها الخالصة لوزارة الصحة والأطراف التي تعاونت على تنظيم هذه الحملة. ودعت المواطنة صافية الجميع الى التضامن مع الشعب الفلسطيني بشكل واسع بالمال، الدم والدعاء خاصة في أناء الليل، وبالموازاة مع ذلك اغتنمت الفرصة لتوجه نداءها عبر جريدة "المساء" الى كل أصحاب القرار لأن يتعانوا على إطفاء النار في غزة.. وكذا الى اخواننا في غزة بالقول: »اصمدوا اللّه معكم«. ونحن نتحدث مع بعض المواطنين تقدم نحونا السيد سفيان آيت لامين قائد طائرة والذي أبى الا أن يقول كلمته التي مفادها أن المسيرات والتبرع بالدم لايكفيان لوقف الهمجية الاسرائيلية التي تتواصل في ظل هشاشة مواقف البلدان العربية.. وأن العدوان قد يطال مستقبلا عدة بلدان اسلامية، ولهذا حان الوقت للاتحاد ولاتخاذ إجراءات صارمة تضع حدا للاعتداءات الاسرائيلية«. وبغض النظر عن الانطباعات، فإن مشهد التوافد القوي للمواطنين كان كافيا لوحده للتعبير عن التعاطف الكبير مع الفلسطينيين، وللتأكيد على أن الروح القومية العربية كفيلة بتقديم كافة التضحيات الممكنة من أجل فلسطين الجريحة.