السّلام عليكم ورحمة اللّه تعالى وبركاته أما بعد: أنا شاب من مدينة سكيكدة، إيطار بمؤسسة سونطراك، أملك من متاع الدنيا ما يجعلني محط إعجاب كل الفتيات، وبالفعل أنا كذلك لكن التي أحبها قلبي وهواها لا تهتم بي، بل تموت حبا في خطيبها الذي لا يعيرها أي اهتمام، فهذا الأخير احترف اللّهث وراء زميلات العمل، دون اعتبار لخطيبته التي تعمل معنا بنفس القسم. مواقف هذا الشاب وتصرفاته الطائشة، تعطيني بعض الأمل، فقد يترك خطيبته وحتما سأفوز بها، لكن الشّيء الذي يقلقني أنها أبدا لا تستحسن وجودي ولا حتى النظر إلي، رغم أنني أعاملها بلطف ورقة، أقدم لها الهدايا التي ترفضها في بعض الأحيان وتقبلها أحيانا أخرى دون التفوه بكلمة شكر، إنّها مزاجية وغريبة الأطوار، هذا ما يعيق مسيرتي معها، لكنّي رغم ذلك سأصبر عليها أليس كذلك سيدة نور؟ إبراهيم/ سكيكدة الرد: كلا سيدي الفاضل، فماذا جنيت من حبك لهذه الفتاة وقربك منها وولعك بها، لم تجنّي سوي العذاب والألم النّفسي وهي تعتبرك غير موجود، فمهما يكن حبك لهذه الفتاة كبيرا، فكرامتك يجب أن تكون أكبر وأغلى، لأنّنا قد نعيش الحياة بلا حب، لكن هل سمعت عن إنسان يعيش بلا كرامة، إنّك تعيش بلا حب، دون أن تفقد قيمتك في الحياة، لكن ماذا لو فقدت كرامتك أين تكمن قيمتك، أنا لا أقصد الإساءة إليك، إنما فقط أردت أن أنبهك إلى أن الحب مهما كان عظيما وكبيرا، فهناك في الحياة أشياء أهم وأكبر، خاصة إذا لم نضع هذا الحب في إطاره السّليم، إذا لم نجعله يعلو بنا ويسمو، فعلى الأقل لا يكون هذا الحب سببا في ضياعنا وضياع قيمتنا. سيدي؛ أنت الآن في حاجة إلى إعادة حساباتك ومعرفة إلى أين تذهب بهذا الحب أو إلى أين هو ذاهب بك، وماذا بعد هذا العناء النفسي الذي تعيشه بلا مبرر، وهل تستمر حياتك هكذا إلى مالا نهاية؟ فكّر في نفسك ولا شأن لك بغيرك، فإن كان خطيبها لا يقدرها ولا يحبها، فهذا شيء خاص بها، هي حرّة فيما تفعله، فلها عقل يفكّر ويعي ويميز، ولك أنت أيضا عقل يجب أن يوجهك نحو ما يصلح لك ومالا يصلح، ولا تقول إنّك تحبها ولا تعرف كيف تنساها، بل إنّك لا تحاول ولا تفكّر في أن تنساها ولا تريد، ولو فكرت وأردت لنسيتها، لكنك تريد لنفسك العذاب عذاب الحب بلا أمل، حاول أن تنساها وفكّر في نفسك وأحب نفسك أكثر، هي ليست دعوة للأنانية، بقدر ما هي دعوة لتقدير الذّات، الناس لا تمنحنا القيمة، لكننا من نمح أنفسنا القيمة، بإعزازها وإكبارها والإبتعاد بها عن مواضع الذّل، فلو أنك تحب نفسك بقدر ما تحب هذه الفتاة، لعرفت قيمة الحياة ولاختلف لديك ميزان تقدير الأمور ولوجدت الحب الحقيقي الذي يهفو إليه قلبك، والذي تشعر معه أنّك لم تحب يوما وأن ما كنت فيه لم يكن حبا، بل هو مجرد وهم، المهم أن تبدأ رحلة النّسيان من الآن، هذا كل ما أستطيع أن أقوله لك، وفقك الله. ردت نور