سكان المدنية رفعوا صور بوتفليقة ومنعوا مناضلي الأرسيدي من حمل أية لافتة فرّ سعيد سعدي، زعيم حزب الأرسيدي، بجلده من قبضة شباب حي المدنية الغاضب، الذين طوقوه واعتدوا عليه رفقة أربعة من أتباعه بالضرب والشتائم، وتسببوا في جرح أحدهم، حيث طالبوهم بالرحيل وعدم العودة إلى المنطقة ناعتين سعدي بالعميل للغرب، كما منعوا باقي نشطاء الحزب الذين حضروا إلى المدنية، من حمل الشعارات أو ترديدها، فلم يتجاوز عدد المطالبين بالمسيرة أمس، 15 شخصا من بينهم نساء. واستطاع سعدي النجاة -أمس- من قبضة سكان المدنية الذين تعهدوه بالضرب قبل مجيئه، أين التف حوله العشرات من الشباب فور وصوله عند الساعة العاشرة والنصف صباحا موجهين له الشتائم واللّكمات التي كان يتلقاها مرافقوه من ناشطي الحزب، قبل وصول رجال الأمن الذين حالوا بينه وبين الشباب، خاصة أنّه فضّل النزول في مكان بعيد عن التجمع والتواجد الشعبي الذي كان منددا بالمسيرة ورموزها. هجوم كاسح على سعدي وحنكة السائق تنقذه من قبضة الشباب وسرعان ما انتشر الخبر بوصول سعدي إلى المدنية على متن سيارة بيضاء اللون من نوع ''رونو كليو''، بعدما قامت سيارة أخرى سوداء اللون من نوع ''باسات''، باستطلاع الأوضاع قبل مجيئه، أين سارعت حشود الشّباب إلى مكان توقف السيارة وسابقوا رجال الشرطة في الوصول إليه، ما جعله يهرع إلى سيارته، بعد قرابة 10 دقائق من وصوله، وقام بإغلاق النوافذ لتجنّب لكمات الشباب، ثم الفرار والسير بسرعة جنونية، في صورة فيلم بوليسي. وأخذ الشّباب يترامون على أطراف الطريق، مبتعدين عن السيارة التي تتجه نحوهم بسرعة فائقة، في الوقت الذي كان باقي الشباب وراء السيارة يحاولون قلبها وإخراج سعدي من وسطها، كما أخذ بعضهم في ضرب السيارة بالأيدي وتحريكها في محاولة لقلبها لولا حنكة السائق، الذي استطاع الخروج من وسط الحشود والفرار باتجاه محطة الحافلات ببئر مراد رايس. وتبع سيارة سعدي بعد فراره من وسط الحشود الذي كان يطالب به عدد من الشباب، وسط طرق وأزقة المدنية الضيقة فضلا عن الباعة الذين كانوا ينتشرون على أرصفة الطريق، حيث ذكر شهود عيان تحدثوا ل''النهار''، أن سيارة سعدي صدمت شخصا حُمل إلى المستشفى، كما اصطدمت بسيارة أخرى عند المنحدر المؤدي إلى بئر مراد رايس. مناضلو الأرسيدي رشقوا بحبات البيض ووجهوا لهم وابلا من الشتائم ولم يختلف مصير أنصار سعدي من البرلمانيين والناشطين بالحزب، عن مصير زعيمهم، أين تلقوا وابلا من الشتائم من قبل السكان الذين منعوهم من ترديد الشعارات وحمل اللافتات، حيث قام أحد الشباب بنزع اللافتة التي كان يحملها ممثل ضحايا الخليفة عابد، ومزقها وأخذ يهتف باسم بوتفليقة وتعديد المكاسب التي تم تحقيقها منذ مجيئه إلى السّلطة، أولها القضاء على الإرهاب وعودة الإستقرار والأمن إلى البلاد. وضرب أنصار سعدي أمس، بحبات البيض من قبل شباب الحي الذين أبدوا رفضهم لهذه المسيرة ودخول دعاتها إلى الحي، حيث كان ممثل ضحايا بنك الخليفة أول الواصلين من دعاة المسيرة، حوالي الساعة التاسعة صباحا، في الوقت الذي تبعه ثلاثة من نشطاء الحزب وبرلمانيوه، الذين حاولوا تأليب السكان على النظام وتبني مطالبهم، إلاّ أنّهم استقبلوا بحبات البيض والشتائم التي أمطرهم بها السكان. ورغم مكبرات الصوت التي حاول دعاة المسيرة الإستعانة بها في إيصال شعاراتهم للشباب، إلاّ أنّ الطوق الذي ضرب عليهم من قبل رجال الشرطة، لمنع السكان من الوصول إليهم، حال دون خروجه من الحلقة التي يعتصمون بها، أين بقي الأشخاص الستة من مناضلي حزب التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية محاصرين إلى غاية ظهور سعيد سعدي، الذي لفت إليه الأنظار واتجه كل الشباب نحوه لطرده، الفرصة التي اغتنمها رجال الأمن، لإبعاد مناضلي الحزب من قبضة وحصار السكان. سكان المدنية: ''المدنية هي محطة انطلاق الثورة ولن تكون محطة لعودة الإرهاب'' وعبّر شباب وشيوخ الحي عن رفضهم القاطع لمناصرة سعدي وغيره في هذه المسيرة التي اعتبروها مناهضة للسلم والإستقرار، اللذين أصبحت تشهدهما الجزائر، كما قالوا أن ''صالامبي'' أو حي المدنية؛ كان مركز انطلاق الثورة التحريرية، وأنّهم لن يرضوا بأن يصبح مركزا لانطلاق الإرهاب والتلاعب بعقول الشباب، مطالبين دعاة التغيير التوجه إلى صناديق الإقتراع وإثبات الحضور الشعبي وليس بإثارة الفوضى، والدّعوة للشغب وزرع الفتن مرة أخرى. وحمل سكان حي المدنية شعارات وصور الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، رافضين أن ترفع أية لافتة أو يردد أي شعار يسيء لشخصه، من خلال طردهم لكل مناضلي حزب سعيد سعدي الذين وجدوا أنفسهم معزولين في الميدان، حيث لم يقف السكان على الحياد، وإنما كانوا كلهم يهتفون بطردهم وطالبوا رجال الشّرطة بالتنحي، أين حاولوا الإعتداء عليهم بالضرب والسب، إذ تلقى بعضهم ضربات بحبات البيض وكريات الورق. مواطنو المدنية يتبرّأون من سعدي ويرفضون نسبته إليهم وطالب الشّباب سعدي بإقامة مسيرات بمنطقة القبائل، فيما قال آخرون أنّه منبوذ هناك ولن يلقى الدّعم حتّى بمسقط رأسه تماما كما حدث له بالمدنية، ودعا آخرون زعيم الأرسيدي إلى إظهار وثيقة كشف راتبه ومن أين يتقاضاه، في الوقت الذي نعت آخرون برلمانيي الحزب الذين حضروا المسيرة بالخونة، وقالوا لهم أنّ بوتفليقة الذي تريدون تنحيته، هو من أعطاكم المبلغ الذي تتقاضونه اليوم. واختلف بعض السكان بالمدنية عن نسب سعدي، حين كاد شيخ في الستين من عمره، الإشتباك مع بعض المواطنين الذين قالوا أن سعيد سعدي ينتمي إلى منطقة القبائل، حيث رفض هذا الشيخ رفضا قاطعا أن ينسب سعدي للقبائل، حتى لو كان ذلك بالإسم فقط، مشيرا إلى أن سعدي لا يمثل إلا نفسه، بدليل أنه لم يلق الدّعم في مسيرته هذه من قبل أبناء القبائل، كما هو الشأن من قبل أبناء العاصمة. بعدما قوبلت بمساندة قوية للسّلطة والرئيس بوتفليقة مسيرة ''التّغيير''.. لم تصمد أكثر من ساعتين ب''حسين داي'' لم تصمد المسيرة غير المرخصة التي قادها أمس بحسين داي، المحامي علي يحيى عبد النور الرئيس الشرفي للرابطة الجزائرية للدّفاع عن حقوق الإنسان، إلى جانب نائبين عن حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، أكثر من ساعتين، في ظل المساندة القوية التي قدِمت لتأييد السلطة ورئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، ليتفرق كلا الجانبين في حدود منتصف النهار، بدون وقوع أي حوادث بفضل التّنظيم الجيد الذي انتهجته مصالح الأمن. وسارعت التّعزيزات الأمنية التي كانت منصبة منذ نهاية الأسبوع المنصرم، بالقرب من مجلس قضاء العاصمة ب ''الرويسو''، إلى احتواء المتظاهرين، فور وصولهم أمس، في حدود العاشرة صباحا، قبل أن يلتحق بهم بعد لحظات قليلة علي يحيى عبد النور، إلى جانب نائبين عن التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، في حين لم يتجاوز مجموع المتواجدين بشارع المذبح سابقا، 20 شخصا حملوا شعارات ''نظام ارحل''، ''GAME OVER''، كما ردّدوا عبارات ''جزائر حرة ديمقراطية''، ''يونامار يونامار''، حيث حرصت قوات الشرطة على حصر المتظاهرين بالقرب من مبنى محطة ''الميترو''، على بعد حوالي 200 متر من مقر المجلس، إلى حين اقتناعهم بالمغادرة وإخلاء الأماكن، بعدما قابلتهم جموع من شباب الأحياء المجاورة على غرار القبة، حسين داي وبلوزداد، الذين ظلوا يطالبون المشاركين في المسيرة بالرحيل واتهامهم بمحاولة خلق الفتنة في أوساط المجتمع الجزائري الموحد. منذ اللّحظات الأولى لبداية تجمّع أنصار التنسيقية الجزائرية للتغيير، وصل عدد من المواطنين وسكان البلديات الواقعة في إقليم الدّائرة الإدارية لحسين داي، حاملين صورا للرئيس عبد العزيز بوتفليقة ومردّدين عبارات ''بوتفليقة ماشي مبارك''،''شعب جزائري واحد موحد''، معبرين بذلك عن مساندتهم للسلطة الحالية ورفض محاولات زرع الفتنة والتفرقة بين المجتمع الجزائري، في حين قرّر بعض الشّباب التعبير عن رأيهم، من خلال تزيين مركباتهم وسياراتهم بصور الرئيس بوتفليقة، والتي ظلوا يجوبون بواسطتهم عبر محول الطرقات المتواجد قرب مكان التجمّع، كما شوهد بعين المكان رئيسة المجلس الشعبي البلدي للقبة سعيدة بوناب، التي تنقلت شخصيا لمتابعة تطور الأوضاع. وظلّ ''علي يحيى عبد النور'' يتوسط المتظاهرين المحاصرين إلى غاية الحادية عشرة والنصف، حيث غادر المكان وعلامات التّعب والإرهاق بادية عليه وسط طوق أمني كان يسهر على حمايته، إلى حين ركوب السّيارة التي كانت في انتظاره بموقف السيارات المقابل لمجلس قضاء العاصمة، التي امتطاها رفقة نائبي التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، بينما واصل باقي المتظاهرين مكوثهم قرب مبنى محطة الميترو لحوالي 20 دقيقة رافضين إدلاء تصريحات لممثلي التلفزيون الجزائري، قبل أن يخلو المكان نهائيا في حدود منتصف النهار. حضور الأمن اقتصر على الطوق البشري بدون استعمال ''الدروع'' أو ''الهراوات'' اقتصر حضور قوات الأمن الوطني المكلفة بفض وتفريق المتظاهرين في المسيرة غير المرخصة، التي نادت التنسيقية الجزائرية من أجل التغيير إلى تنظيمها أمس بحسين داي، على الطوق البشري وتواجد أعوان وأفراد الشرطة مجردين من الأسلحة، بدون اللجوء إلى استخدام الهراوات والدروع الواقية المستعملة من قوات حفظ النظام ومكافحة الشغب، وذلك تفاديا لإلحاق أي ضرر بالمتظاهرين، رغم أنّ الحركة الإحتجاجية تبقى غير شرعية ومخالفة لقوانين التنظيم المعمول بها. وعلمت ''النهار'' من مصدر أمني؛ أنّ أمن العاصمة وجه تعليمات للقوات المكلفة بتأطير مسيرات أمس، تأمرها فيها بتفادي اللّجوء إلى القوة، إلاّ في الضّرورة القسوة وانفلات الأوضاع، وما عدا ذلك يقتصر التّدخل على الإحتكاك المباشر والتطويق التام للمتظاهرين، بدون استعمال الهراوات أو الغازات المسيلة للدّموع، حتى وإن تعرض البعض منهم للدفع أو الشتم، وهو ما جرى فعلا أمس بحسين داي، حيث بدت حاملات المسدسات فارغة في أحزمة الأعوان المتواجدين بالمنطقة، كما أنّهم لم يحملوا العصي القانونية ولم يرتدوا البذلة والدروع الواقية.