أضحت ظاهرة التلاعب بالسكنات الإجتماعية وعقول الأشخاص وضمائرهم من خلال زرع بصيص الأمل في نفوسهم وإيهامهم بالحصول على سكنات وشقق لائقة بهم، تعرف ارتفاعا رهيبا وتفشيا كبيرا، مما أدى إلى تسجيل العديد من هذه القضايا على مستوى المحاكم، لاسيما وأن أغلب المتهمين فيها هم إطارات سامية تتمتع بنفوذ وسلطة، ومثال على ذلك قضية الرشوة وإساءة استغلال الوظيفة والنفوذ المتابع من أجلها رئيس مكتب الدراسات للدائرة الإدارية لبراقي، وهو المكلف بالشؤون الإجتماعية، والتي أمر عميد قضاة التحقيق لدى محكمة بئر مراد رايس مؤخرا، بإحالة أوراقها على محكمة الجنح، أين سيمثل المتهم إلى جانب متهمين آخرين قريبا أمام العدالة لمواجهة الأفعال المنسوبة إليهم. وفي هذا الإطار، تفيد الوثائق التي تحوز ''النهار'' على نسخة منها، أن قضية الحال تعني بالتلاعب بالسكنات الإجتماعية، في إطار برنامج الترحيل على مستوى دائرة براقي مقابل مبلغ 300 مليون يدفع كرشوة لرئيس مكتب الدراسات بطلب من هذا الأخير. وتكشف ذات الوثائق أن العملية تم إحباطها من طرف دائرة الإستعلام والأمن، إذ وبناء على شكوى تقدّمت بها سيدة تم تحرير محضر بتاريخ ال42 نوفمبر من سنة 2010 جاء فيه أن السيدة صرّحت أن رئيس مكتب الدراسات الذي يتواجد رهن الحبس المؤقت، طلب منها جلب ملفات أشخاص راغبين في الحصول على سكنات اجتماعية أو في إطار برنامج الترحيل على مستوى دائرة براقي مقابل دفع 300 مليون كرشوة، وأنها سوف تستفيد من مبلغ 100 مليون سنتيم على كل عملية. من جانب آخر وبتاريخ ال22 نوفمبر من نفس السنة، تم الإتفاق بين المتهم الموقوف وصاحبة الشكوى على أن يتم تسليم المبلغ على مستوى بلدية بئر خادم بالقرب من المدرسة الخاصة المسماة ''ميلينا''، أين تم نصب كمين للمشتبه فيها، وبعد أن تسلم الكيس البلاستيكي الذي كان يحتوي على مبلغ مالي قدره 700 ألف دينار نقدا، بالإضافة إلى ملف إداري تقدمت منه عناصر الأمن بغرض توقيفه وهو مرفوق بشخص آخر على متن سيارة من نوع ''فولسفاڤن باسات''، حينها أمر المشتبه فيها بعدم الرضوخ لأوامر مصالح الأمن والفرار، أين قام برمي الكيس البلاستيكي والملف بإحدى حدائق عمارات حي ''سوريكال'' ببئر خادم وعند وصولهما إلى طريق مسدود قاما بركن السيارة وغادرا المكان. المتهم اعتبر العملية مجرد مساعدة للمعوزين للإستفادة من سكنات. بالموازاة مع ذلك، وبالتحقيق مع رئيس مكتب الدراسات بدائرة براقي، صرّح بعد تفنيد للتهم الموجهة له، أن الشاكية كانت قد طلبت منه مساعدة شخص وذلك بإدراجه ضمن قائمة المستفيدين من مسكن اجتماعي وأنه مستعد لدفع مبلغ مالي، قائلا إنه بتاريخ ال22 نوفمبر التقى بها، أين سلّمت له علبة تتضمن مبلغا ماليا، حينها تفاجأوا بسيارة تعترض طريقهما، ومن شدة الخوف والهلع قام صديقه بالفرار بينما قام هو برمي العلبة. من جهة أخرى، وبسماع المتهم الثاني أكد أنه تسلّم عدة مبالغ من عدة أشخاص وذلك قصد إدماجهم في قائمة المستفيدين، إذ سلّم رئيس المكتب مبلغ يقدر بحوالي 60 مليون سنتيم للتكفل بذلك واحتفظ هو بباقي المبلغ.وعلى صعيد ذي صلة، وبتمديد التحريات تم سماع شاهدة صرّحت أنها تعرفت على المتهم الرئيسي عام 2007 وذلك عندما توجهت إلى الدائرة الإدارية لبراقي للإستفسار عن الطعن الذي تقدّم به والدها للحصول على مسكن، أين طلب منها تسليم له رقم هاتفها ليخبرها بالمستجدات، مفيدة أنه وبعد مرور حوالي ستة أشهر اتصل بها هاتفيا وأخبرها بأن الطعن تم قبوله وأنه قد ساهم في استفادة والدها من السكن، مشيرة إلى أنه وفي أواخر شهر فيفري من السنة الماضية، توجهت إلى مكتبه من أجل مساعدتها في الحصول على عمل، أين توطدت علاقتهما الشيء الذي دفع بها إلى طلب مساعدة شقيقها وأبناء عمها في الحصول على سكنات، أين وافق على ذلك مقابل مبلغ 350 مليون سنتيم، مؤكدة أنها سلّمت له الملفات الإدارية بدون أن تسلمّ له أي مبلغ.