" فاتي ، جميلة ، نبيلة ، فافا.. وغيرهم هي أسماء لرجال رفضوا أن يكونوا كذلك لأسباب أو لأخرى، بحيث لم يعد صعبا أن تلتقي في طريقك أحد "المخنثين" بمشيته المتمايلة يمينا وشمالا متفاخرين دون عقدة أو خوف من رد فعل المجتمع الرافض لهذه الظاهرة الغريبة عنه، فساحة اودان والحراش أصبحت قبلتهم الرئيسية التي يجتمعون بها وأصدقاءهم ولك أن تتخيل كيف يكون الموقف؟ يشعر المواطنون بالعاصمة وغيرها من ولايات الوطن بالإثارة والاستغراب لرؤية رجل متشبه بامرأة، والذي أو التي لسنا ندري كيف نناديهم لأنه يصعب على الكثير منا التأكد من حقيقة جنسهم، وفي بعض الأحيان يتطلب على المرء التمعن في النظر لمعرفتهم إن كانوا نساء أم رجالا. على كل حال فضلت النهار أن تدخل عالم المخنثين والتقرب منهم، رغم علمنا المسبق بصعوبة المهمة أوحتى استحالتها، إلا أننا اعتمدنا بالدرجة الأولى في هذا الموضوع على القضايا المعروضة في المحاكم. صديق "خليل " تحول إلى امرأة بسبب اعتداء جنسي تحدث إلينا خليل عن صديقه، وهو واحد من بين الحالات الكثيرة الموجودة في الجزائر، لا يتجاوز عمره 38 سنة، الذي قص علينا أسباب إصابة صديقه بالشذوذ الجنسي ويقول " عندما كنت صغيرا لا يتجاوز سني سنوات تعرضت لاعتداء جنسي من طرف والدي، و هو الذكر الوحيد من بين 6 فتيات، و ترعرعت في ذلك الجو، حتى انتقلت إلى الجامعة، أين كانت تصاحبني فقط الفتيات، و ساءت سلوكياتي، بعد أن أصبحت ارتاد على الحانات بالعاصمة و أتناول معظم أنواع المخدرات، كما أصبحت أعيش في جو يعج بالنساء الفاسقات ما أدى إلى اكتسابي سلوكاتهن اللأخلاقية إضافة إلى تصرفاتهن الأنثوية لأصبح مع مرور الزمن امرأة" كما أكد لنا خليل أن صديقه "كان يمارس أشياء لا يتقبلها العقل، كممارسة الفعل المخل بالحياء مع نفس الجنس". وبعد تلك الفترة قرر العزوف عن ما كان يفعله، وفند قوله أن صديقه أصبح يرتد على المسجد بصفة دائمة، توقف عن ما كان يفعله لمدة 10 سنوات، بعد إصابته بسرطان في الدماغ، بعد أن تعرض للشذوذ الجنسي وعلاقاته المحرمة، ليؤكد الطبيب النفساني الذي تابع حالة هذا الشخص، أن أسباب تحوله إلى "خنثى" تعود إلى الاعتداء الجنسي الذي تعرض إليه عندما كان صغيرا، واكد أن الواقعة التي ركز عليها الطبيب سبب في تطور مرضه هذا، ومن خلال حديثنا مع أحد المقربين منه نظرا لرفضه المطلق التحدث معنا ولو لفترة وجيزة، صرح لنا انه كان يمارس "الجنس من أجل المال وتلبية لغريزتي". و كشف خليل أن صديقه مكث بمستشفى مصطفى باشا سنتين ليتابع علاج السرطان الذي أصيب به، مؤكدا أن علاجه مكلف جدا، حيث الحقنة الواحدة التي يستعملها كل 15 يوم تقدر ب 6 ملايين سنتيم، لكن الآن توقف عن استعمالها لعدم قدرته على دفع ثمنها، و المرض في تطور مستمر و لا يكترث بالأمر. "جمال" يشعر انه امرأة و"ماسي" لا يمكنه الزواج جمال الملقب ب"جميلة" 32 سنة، تحدث إلينا و بطريقة عادية عن حالته الذي يرى أنها جد عادية و يقول "اشعر دائما كأنني امرأة لست رجلا، و جذوري بالأساس أنثوية، و في الحقيقة وضعي عجيب ليس على الجميع فقط، بل على نفسي أكثر، والسبب أنني منذ كنت صغيرا لا اجلس إلا مع الفتيات، وأحب الرقص في الأعراس، حتى أصبحت ارقص في الملاهي الليلية، وعادة عندما ارقص احصل على المال، وأعطي جزءاً من النقود للمسؤول عني، لأني كنت أعمل في مجموعة يترأسها رجل من صنفنا أي "106". ويمكن أن أقول لكم أننا كنا نمارس الجنس مع بعضنا البعض و لا أنكر أني عندما امرأة أحس أنها من جنسي، ولكني يتملكني شعور اخر عندما أرى رجلا، أحس أني رأيت الجنس الآخر، و هو ما يجعلني اعشق الرجال"، و يضيف انه يغازل الرجال خاصة في الليل "لاني قليلا ما اخرج في النهار لأني عملي كله في الليل". و كان ماسي جد صريح معنا "أنا ولدت بروح نسائية، أنا أشعر بذلك في داخلي، فشلت في أن أصبح ذكراً بمعنى الكلمة، أشعر دائماً وأحس بأنني أنثى وليس بمقدوري التغلب على ذلك" كما اكد أنه لا يصلح للزواج أبداً "ليس بمقدوري أن أتزوج، وأكون عائلة كباقي العائلات و اعيش حياة طبيعية و عادية لا استطيع ذلك ،وليس صحيحاً أننا كلنا أولاد حرام، أو بذرة حرام، كما يقال، نحن لا يمكننا أن نكوّن عائلات، وهذا هو الواقع المؤلم، وأكثر ما نفكر فيه هو كيف نلبس وبماذا نتزيّن، وما هي آخر صيحات الموضة، و نحن نحب الملابس كثيراً وكذلك الزينة و الماكياج". ساحة اودان ، الدارالبيضاء و الحراش أماكن المخنثين و خلال الجولة التي قادت النهار إلى شوارع العاصمة، تأكدنا أن هذه الفئة الشاذة جنسيا لها أماكن يترددون عليها، والمتمثلة في بوابة مطار الجزائري الدولي "هواري بومدين"بالدارالبيضاء ، وبالقرب من محطة النقل الحضري بالخروبة، و لا يمكن نسيان "ساحة اودان "إضافة إلى الحراش التي تعج بهؤلاء الأشخاص، و اكد البعض أن بها حمام خاص ''نجمة" يذهب إليه المخنثون .فيما راح البعض يصفهم أنهم أشخاص غير عاديون و يستعملون أساليب ملتوية للانقضاض على فريستهم، فمعظمهم مجرمين و من اخطر فئة في الإجرام، فكل من توجهنا إليه بالسؤال عن أحدهم يحذرنا من ردة فعلهم، فهم أناس وأصحاب نفوذ في المجتمع نجدهم في كل مكان، ويحتلون معظم مناصب الشغل في الملاهي و الحانات. هذه الشريحة لا تنكر أنها تتوجه إلى لبنان وتونس، والدول الغربية لخبراء، و أطباء تجميل لإجراء عمليات تجميلية، التي تعد من ابهض العمليات الجراحية في العالم لتغيرات فزيولوجية على أجسادهم، في رغبتهم المستمرة في التحول إلى الجنس الآخر (نساء) . الأستاذ بوشامي ل"النهار" :لا يمكننا معاقبة المتشبهين بالنساء في المظهر أكد الأستاذ بوشامي عبد الكريم، محامي لدى المجلس، انه لا يمكن معاقبة المتشبهين بالنساء أو المخنثين، لان ذلك من الحريات الشخصية في اللباس ووضع أدوات التجميل بل العقوبة أو التهمة تكون على ممارسة الشذوذ الجنسي، و قد تطرق المشرع الجزائري في قانون العقوبات في الفصل الثاني المتعلق بالجنايات و الجنح ضد الاسرة و الاداب العامة في القسم الخامس و نظمته المادة 333 من قانون العقوبات و التي تقضي بمعاقبة المتهمين بالفعل المخل بالحياء لافعال الشذوذ الجنسي ضد شخص من نفس جنسه ، اضافة الى المادة 338 من نفس القانون التي تنص على انه كل من ارتكب فعلا من افعال الشذوذ الجنسي على شخص من نفس نسه يعاقب بالحبس من شهرين الى سنتين ، و غرامة مالية تتراوح بين 500 و 2000 دج. و اضاف الاستاذ بوشامي انه لم تحدد مادة خاصة بالشذوذ الجنسي بل تم تنسيقها مع الفعل المخل بالحياء حيث كل من ارتكب هذه الأعمال يعتبر من الشذوذ الجنسي و تشدد العقوبة من 6 أشهر إلى 3 سنوات حبسا نافذا ، و أضاف محدثنا أن عندما نقارن بين الجزائر باعتبارها دولة مسلمة تحرم هذه الأفعال التي تعتبرها الدول غير المسلمة مباحة، فلديها حتى جمعيات مخصصة لهؤلاء الأشخاص. المتشبهين بالنساء مطرودون من رحمة الله أكد مفتاح شدادي إمام بمسجد الكوثر بالبليدة أن التشبه بالناس محرم شرعا سواءا في اللباس و المظهر بصفة عامة و خاصة أولئك الذين يلجئون إلى إجراء عمليات تجميل و هم ملعونون و ذلك يعني أنهم مطرودون من رحمة الله و بصفة دقيقة لا يمكنهم دخول الجنة و هذا لا يخص فقط الرجال المتشبهين بالنساء بل نفس الحكم يكون على النساء المتشبهين بالرجال .و أضاف مفتاح شدادي أن أسباب هذا التشبه يعود إلى طبيعة التربية في الوسط العائلي فمثلا الطفل المتربى في وسط كله إناث فطبيعيا و بصفة تلقائية يميل إلى الأنوثة و العكس صحيح بالنسبة للفتيات فيتطلب على الأسر الحذر في تربية و توجيه أبنائها للوسط الملائم به و أضاف محدثنا انه لا بد من التفرقة بين الفتيات و الذكور قبل أن يحدث ما لا يحمد عقباه و هو التخنث و العياذ بالله .