أصدرت محكمة باتنة الإبتدائية حكما بالسجن لمدة شهرين مع وقف التنفيذ، ضد الزميل أنيس رحماني مدير نشر يومية ''النهار'' والزميل المراسل سعيد حريقة، مع غرامة مالية بقيمة 20 ألف دج في القضية التي رفعتها النيابة العامة لمجلس قضاء باتنة ضد يومية ''النهار''، نيابة عن وزارة الدفاع الأمريكية. وجاء الحكم الذي نطقت به المحكمة، بعد مسار قضائي طويل بدأ في جانفي 2010 بمجرد نشر ''النهار'' مقال عن شاب جزائري من ولاية باتنة أوقفته مصالح الأمن بتهمة القرصنة ضد موقع وزارة الدفاع الأمريكية على الإنترنيت، وبعد فترة قصيرة أقحمت يومية ''النهار'' في هذه الشكوى، ليس من طرف سفارة الولاياتالمتحدةالأمريكية، بل بقرار صادر عن عدالة باتنة. وقد تضمن ملف الإتهام ضد يومية ''النهار'' عدة تهم ثقيلة منها ''تهمة المساس بأمن الدولة''، طبعا ليس الدولة الجزائرية وإنما الولاياتالمتحدةالأمريكية. ولم تورد النيابة العامة في كل مسار هذه القضية أي دليل على وجود تضرر المصالح الجزائرية من المقال الذي يتعلق بالدفاع عن شاب جزائري متهم بالمساس بملفات وزارة الدفاع الأمريكية على الإنترنيت، وأيضا ''انتهاك سرية التحقيق القضائي''، وقد جرى تكييف القضية على أساس أنها جنائية، لتعرض على المحاكمة في الدورة الجنائية، لكن وبعد سلسلة طعون تقرر تحويلها إلى جنحة نشر أخبار خاطئة والمساس بسرية التحقيق. وتعود وقائع القضية إلى يوم 7 جانفي 2010 عندما نشرت ''النهار'' مقال للصحفي سعيد حريقة، تحت عنوان '' هاكرز باتني يقتحم موقع وزارة الدفاع الأمريكية ويخرب ملفات هامة وسرية ''، وهو الموضوع الذي تحرّكت بناء عليه النيابة العامة وشرعت في ملاحقة المراسل ومديرة التحرير والمدير العام مسؤول النشر وحاولت النيابة تكييف الوقائع على أساس أنها جناية المساس بأمن الدولة، قبل أن يفصل القاضي المكلف بالتحقيق في القضية، بتكييف الوقائع على أنها جنحة. وخلال جلسة المحاكمة التي تمت قبل أيام، نفى المتهم التهمة المنسوبة إليه، رادّا نشره الموضوع إلى صميم عمله الصحفي المتمثل في البحث عن المعلومات والأخبار وإرسالها لهيئة التحرير، تنويرا للرأي العام وضمانا لحق المواطن في الإعلام المكفول دستورا، وأصر المراسل على عدم كشف مصدر المعلومة؛ لأنّ المادة 37 من قانون الإعلام منحته هذا الحق، وهو الحق الذي سعى ممثل الحق العام إلى إسقاطه، لأنّ في منظوره الموضوع مسّ بسرية التحقيق ولا يمكن التحجج بحماية مصدر المعلومة في مثل هذه الحالات أمام القضاء، وكان الدفاع خلال مرافعته قد أشار إلى قضية خطيرة تتعلق بقيام مصالح الشرطة أثناء تحقيقاتها آنذاك بداية سنة 2010 - بكشف سجل اتصالات الصحفي من وكالة ''جازي''، سعيا منها لكشف مصدر المعلومة، ما سمح لها كشف اتصالات هاتفية أجراها الصحفي مع شرطي، فتوبع هذا الأخير على أساس إفشاء السر المعني، وتتمثل خطورة هذا الإجراء في كونه تمّ دون إذن من طرف وكيل الجمهورية مثلما تتطلبه القوانين، وهو ما اعتبره الدفاع باطل وما كان يجب أن يكون بهذه الطريقة الانفرادية، قائلا أنّ كل ما بني على باطلا فهو باطل، وقد استغرب الحضور الذي غصّت به القاعة هذا الإجراء غير القانوني، وفي الوقت الذي أكّد فيه وكيل الجمهورية أنّ الموضوع نشر في وقت كانت قضية الهاكرز قيد التحقيق، صرّح الصحفي أثناء استجوابه، أنّ المتهم قبض عليه وحقق معه عند رجال الضبطية القضائية وأودع الحبس وبعد 10 أيام من الإيداع تم نشر الموضوع، وهو ما أضاف في شأنه الدفاع بأنّ خلال كل هذه المدة انتشر خبر الهاكرز بين الكثير بداية من أهله وسكان حيه، متسائلا عن الطرف المتضرر ومؤكدا بأنّ الموضوع لم يحمل تصريحات الهاكرز أمام القاضي ولا أرقام الملفات أو الوثائق ولا أي شيء من مضمون التحقيق، كون المقال المنشور غلب عليه الطابع العام، مثله مثل مواضيع أخرى عديدة مشابهة تم التطرق إليها في كثير من وسائل الإعلام الوطنية والأجنبية، وحتى قضية قرصنة المواقع الإلكترونية سبق لجزائريين وأن قاموا بالكثير منها، وفي خصوص نشر معلومات خاطئة عندما واجه وكيل الجمهورية الصحفي بأنّ الهاكرز لم يدخل موقع وزارة الدفاع الأمريكية مستدلا بالحكم الذي صدر في حق الهاكرز، بتهمة متعلقة بقرصنة مؤسسة إلكترونية أمريكية تحمي المواقع الإلكترونية الأخرى، وليس كما جاء في المقال بتهمة قرصنة موقع وزارة الدفاع، قال الصحفي إنّ المعلومات التي بحوزته صحيحة. وقد رافع المحامي في هذه النقطة، على أنّ قرصنة مؤسسة حماية المواقع الإلكترونية الأمريكية في حد ذاته، دليل على أن الهاكرز يمكنه دخول أي موقع آخر حتى موقع وزارة الدفاع الأمريكية التي تحمي تلك المؤسسة موقعها. وفي الأخير التمس ممثل الحق إدانة المتهم ب3 أشهر حبسا غير نافذ وغرامة ب20 ألف دج في حق كل من الزميل أنيس رحماني مدير نشر ''النهار'' والسعيد حريقة المراسل بولاية باتنة، وأيضا الشرطي ''بلقاسم.خ''.