دفعت العاصفة الثلجية بالعديد من سكان قرى ولاية تيزي وزو غير الموصولة بشبكة الغاز الطبيعي للعودة إلى التدفئة بواسطة الحطب كما كان يفعله أجدادهم الذين اتخذوا الحيطة مبدأ للاعتماد على النفس و مواجهة متاعب الحياة، و كانت قساوة الشتاء قد علمت سكان المناطق الجبلية لاسيما سفوح جبال جرجرة منذ الأزل أخذ كل احتياطاتهم قبل حلول هذا الفصل لمكافحة البرد من خلال جمع كميات كافية من الخشب في فصل الصيف يتم جلبه من الغابات المجاورة و تخزينه في شكل رزم كبيرة في سقيفة مهيأة بعيدا عن البيوت، و يعمد آخرون لا يقوون على مهمة قطع الخشب بالغابات إلى شرائه جاهزا لدى بائعين متجولين بسعر يتراوح بين 8000 و 10 آلاف دينار للعربة الواحدة التي تسع ل5, 2 طن، و يفضل القرويون بشكل كبير خشب أشجار البلوط و الدردار و الزيتون بالنظر لقوة احتراقهما و احتفاظهما بحرارة كبيرة في جمرتهما التي يتم جمعها في كانون يحتفظ به في حجرة النوم لتدفئتها، و يتذكر دا علي آيت الحاج أحد سكان بلدية اسي يوسف أن الفصول كانت متحكمة بشكل كبير في حياة السكان في الماضي بحيث كان لكل موسم مهام خاصة به بالشكل الذي كان الجميع يأخذ احتياطاته لاتقاء قساوة الشتاء بشكل خاص مشيرا إلى أن القرويين كانوا لا يتوانون لدى حلول فصل الربيع من كل سنة عن تجديد خشب العريشة التي تعلو القاعة المركزية في كل بيت ، و سعيا منهم لتوفير أكبر قدر ممكن من الخشب للشتاء فإن السكان كانوا في الماضي يعمدون أيضا إلى تخزين كميات من مخلفات الزيتون المتبقية من عملية العصر يتم جلبها من المعاصر مجانا لاستعمالها كوقود للنار. وفي حال عدم كفاية بقايا الزيتون التي توزعها المعاصر كان البعض الآخر يستعمل أغصان و أوراق الصبار اليابسة إلا أن هذه المواد الأخيرة تم الاستغناء عنها اليوم و استبدالها بورق الجرائد الذي يستعمل كوسيلة لإشعال النار، يشار الى أن المناطق الجبلية استفادت من غاز البوتان منذ سنين إلا أن العائلات تستعمله أساسا لتحضير الوجبات الغذائية و نادرا للتدفئة رغم أن الجميع يوقنون بأن الأكل المطهو على الحطب أحلى مذاقا، و يبقى الاعتقاد سائدا إلى أيامنا هذه في قرى اغني يغران و واسيف و اسي يوسف و بونوح و مشطراس أنه لا وجود لوسيلة عصرية تضاهي التدفئة بالخشب نظرا لوفرته الكبيرة في الطبيعة و لمنحه إحساسا بالسعادة لا يوصف لدى تجمع كل أفراد العائلة في المساء حول الكانون التقليدي، و ساهمت التحولات التي أضفتها الهندسة المعمارية العصرية على البيوت حاليا في اختفاء الكانون التقليدي الذي فسح المجال للمدخنة العصرية المصنوعة بالآجر الأحمر آو المواقد المعدنية كما يبدو أن الحياة العصرية قد علمت القرويين أيضا الانتظار في طوابير طويلة أمام محطات نفطال لتوزيع الوقود للحصول على قارورة غاز البوتان كما ذكره فلاح من تلا عمارة التقته وأج في طابور لا متناهي أمام مركز التعبئة بوادي عيسي و كان كله أملا أن يظفر بقارورتين من الغاز يحملهما على حماره، تجدر الإشارة إلى فتح نقطتين للبيع على مستوى هذا المركز الذي استلم في الآونة الأخيرة ما يزيد عن 20 ألف قارورة غاز تم جلبها من عدة ولايات، و توجه نقطة البيع الأولى لتزويد العربات المركونة في طابور يمتد على مسافة كلم تقريبا بعضها مرقمة ببومرداس في حين تخصص النقطة الثانية للزبائن العاديين من المواطنين حسبما صرح به لوأج المدير المحلي للطاقة و المناجم الجزائر – النهار أون لاين