أحيت ولاية سوق أهراس يوم أمس، الذكرى 65 لمعركة واد الشوك التي تصادف 26 من أفريل، بحضور والي الولاية زيناي عبد الكريم والسلطات المحلية والثورية، حيث توجه الوفد إلى روضة الشهداء بعاصمة الولاية والاستماع إلى النشيد الوطني ووضع إكليل من الزهور بعد قراءة الفاتحة على أرواح الشهداء الطاهرة، وإعطاء إشارة انطلاق السباق على الطريق، ثم التوجه إلى بلدية الزعرورية لزيارة مكان وقوع المعركة، والقيام بحملة تشجير واسعة لتعويض خسائر حرائق الغابات التي طالت هذه المنطقة خلال صيف 2022. كما تم بقاعة المحاضرات طاهري ميلود بعدة نشاطات ثقافية مخلدة للذكرى، وتكريمات بذات المناسبة، هذا وتعتبر معركة سوق أهراس الكبرى التي وقعت بمنطقة واد الشوك في 26 أفريل 1958 "حيث أنها جسدت قمة الوحدة والتلاحم والتفاني والإخلاص في حب الوطن" . وقد تجددت هذه الذكرى ال65 لتلك المعركة التي سقط فيها 639 شهيدا، حيث أن "تلك الواقعة بإستراتيجيتها الهادفة وأساليبها النادرة وشهدائها ومجاهديها تشكل كذلك قمة الوعي بالمسؤولية والتحلي بالجرأة والإقدام". وقد زعزعت تلك المعركة أركان المستعمر وآلاته الجهنمية وحطمت كبريائه على صخور جبال سوق أهراس الشاهقة، وكشفت كذلك عن "تجذرروح المقاومة في كل الفترات وفي كل ربوع الجزائر التي كللت بتاج الحرية والاستقلال واسترجاع السيادة الوطنية". وتخليد تلك الذكرى يشكل "وقفة تأمل ومناسبة لاستحضارالأمجاد الأصيلة والبطولات التي خاض غمارها الشعب الجزائري ضد الوجود الاستعماري" ويتعين على الأجيال التي أثبتت دوما وعيها الوطني أنتبقى في تواصل مستمر بذاكرتها". جسدت معركة سوق أهراس الكبرى البعد الوطني لثورة التحرير الجزائرية حسبما أجمع عليه عدد من الأساتذة الباحثين ومجاهدين، وأوضح الأستاذ جمال ورتي بأن هذه المعركة علامة على تحقيق البعد الوطني للثورة حيث امتزجت فيها دماء 639 شهيدا من مناطق كثيرة من الوطن على غرار جيجل وسكيكدة والمسيلة وبرج بوعريريج وسطيف. ودعا ذات الأستاذ كل من ساهم في صناعة الثورة أو يملك معلومات أن يقدمها للباحثين لتكون مادة موثقة للأجيال القادمة، مضيفا أن اختيار زمان ومكان المعركة لم يكن من طرف جيش التحرير الوطني بل من طرف المستعمر وهو ما جعل عنصر المباغتة لصالح الاستعمار الفرنسي ما كبد جيش التحرير خسائر فادحة. من جهته، أوضح الأستاذ عثمان منادي بأن هذه المعركة التي استمرت أسبوعا كاملا انطلاقا من منطقة ويلان بالقرب من سوق أهراس لتتوسع إلى أعالي حمام نبايل بقالمة –كسرت شوكة الاستعمار الفرنسي وأفشلت مخططاته في فصل المناطق الحدودية عن المناطق الداخلية رغم استخدامه لأعتى الأسلحة وحتى المحرمة منها دوليا. وأمر قائد المنطقة محمد الأخضر سيرين بأن يكونوا يوم 25 أفريل عند الخط الحاجز للشروع في عملية عبور الأسلحة والذخيرة الحربية ليلا لتجنب الاحتكاك بالعدو كما توجهت إحدى الكتائب إلى واد مجردة بسوق أهراس فيما أخذت الكتائب والفصائل مواقعها للشروع في اجتياز خط موريس. بدوره أكد أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة سوق أهراس جمال ورتي بأن هذه المعركة خلفت 639 شهيدا وقتل خلالها ما لا يقل عن 300 من جنود الاستعمار وجرح 700 آخر مضيفا بأن عديد المصادر التاريخية تشير إلى أن تضاريس المنطقة صعبت من تنقل الجنود الشيء الذي أرغم قيادة الفيلق الرابع الذي كان مقرها بعين مازر قرب ساقية سيدي يوسف (تونس) إلى عبور خط موريس المكهرب بمنطقة "الدهوارة" قرب قالمة من أجل توصيل الأسلحة والعتاد إلى الولاية الثانية. وأوضح ذات الأستاذ بأن الأسلحة التي استخدمت فيها تعادل "معركة من أضخم معارك الحرب العالمية الثانية"، حيث شارك فيها الفيلق ال9 وال14 للمظليين والفيلق 8 و28 للمدفعية بعيدة المدى والفيلق 26 و151 و152 مشاة ميكانيكية وهي وحدات لها "تاريخ عسكري ومن أشرس الفرق العسكرية الفرنسية" التي شاركت في الحربين العالميين الأولى والثانية وحرب الهند الصينية. اندلعت هذه المعركة في مكان غير بعيد عن منطقة الزعروريةوبالتحديد في وادي الشوك بمنطقة جبلية ذات سلاسل جد كثيفة وأودية صعبة الاجتياز ما أدى بقيادة الفيلق الرابع لجيش التحرير الوطني إلى التركيز على عبور الخط الرابط بين عين مازر بالقرب من ساقية سيدي يوسف التونسية نحو قرية جبار عمر ثم وادي الشوك إلى عين سنور والمشروحة إلى غاية وادي الشحم والدهوارة بولاية قالمة . أكد عدد من المجاهدين وأساتذة التاريخ بأن معركة سوق أهراس الكبرى التي وقعت في 26 أفريل 1958 وخلفت 639 شهيدا – تعد رمزا للوحدة الوطنية وملحمة وطنية بكل المقاييس. وأوضح الأمين الولائي للمنظمة الوطنية للمجاهدين العربي أوذاينية، بأن هذه المعركة امتزجت فيها دماء واختلطت فيها أشلاء أبناء الجزائر من كل أرجاء البلاد شرقا وغربا – شمالا وجنوبا عربا وقبائلا وتوارقوشاوية وبني مزاب وهو ما يؤهلها لأن تكون رمزا للوحدة الوطنية وشعارا للتلاحم الثوري. وأشار إلى أن معركة سوق أهراس الكبرى ملحمة وطنية بكل المقاييس في تاريخ القاعدة الشرقية وحرب التحرير المظفرة وواحدة من المعارك الكبرى والأحداث الحاسمة في مسار ثورة التحرير الجزائرية. هذا ومن المنتظر أن يشارك وزير المجاهدين وذوي الحقوق العيد ربيقة في أحياء هذه الذكرى بولاية سوق أهراس، حسب بيان تحوز "الراية" على نسخة منه، حيث سيشرف الوزير على عدة نشاطات على غرار زيارة معرض تاريخي بمتحف روضة الشهداء، وتكريم المجاهد العيفةبوقصعة، وتدشين جدارية خاصة بالمناسبة، وزيارة المجاهدة شرفة بوربعةعينين، بحي حقل الرماية، ثم التوجه لبلدية أولاد مؤمن الحدودية لإعادة دفن 8 رفاة للشهداء.